الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

البلد في فوضى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أجد ما أصف به ما يحدث فى مصر الآن إلا الفوضى، فوضى سببها النظام الحاكم الذى يجب أن يكون سببًا فى الاستقرار. أنا هنا لا أرسل اتهامات باطلة، لكن الأمثلة حولنا مذهلة وفظيعة. جرائم أمناء الشرطة تنتهى إلى توصيات من الرئيس بتعديل الأوضاع بقانون، بينما هناك قوانين وليس قانونًا واحدًا تعاقب المسيء فيبدو الأمر كأنه نوع من إراحة نفسية للناس، والناس لم يعد يريحها الكلام، ففى اليوم التالى للقاء الرئيس بوزير الداخلية جرت ثلاث وقائع اعتداء، إحداها قتل من أحد أمناء الشرطة الذين بدورهم أرسلوا وفدًا للحديث فى قناة دريم فقبض عليه، فقام الآخرون بقطع طريق الواحات، طبعًا العيب لا يقوله أحد وهو طالما عودتهم على القتل وأعطيتهم براءة دائمًا، وأعطيت الأكبر منهم براءة فى قضايا القتل فلا تنتظر خيرًا بل فوضى تظهر جلية حين تفكر فى تنظيم الأمور. إلى جانب ذلك تفجرت قضية الطفل البالغ من العمر أربع سنوات والمتهم فى قضية قتل، وحكمت عليه المحكمة العسكرية بالحكم المؤبد غيابيا. هكذا.. فلم يكن أمامها أوراق توضح عمر المتهم، وأيضًا كيف يصدر حكم على متهم دون بيانات كاملة. شغلت المسألة الرأى العام والفضائيات ليلة كاملة امتلأت بالنوادر على رأسها أن المحامين سيتقدمون بإثبات أنه طفل ليحصل على البراءة، كل هذه الأشياء انفجرت فى يوم الحكم بالحبس عامين على الأديب الشاب أحمد ناجى بسبب كلمتين تذكران العضوين الجنسيين باسميهما الشعبيين اللذين امتلأت بهما كتب التراث القديم، وعلى رأسها الأغانى للأصفهانى، اعتبرت النيابة فى حيثياتها أن الفصل المنشور من الرواية خروج على الآداب العامة. قاضى الاستئناف للأسف بعد أن حكم قاضى أول درجة بالبراءة - لكن طبعًا استأنفت النيابة صاحبة الاتهام - حكم بالسجن عامين. فوضى فى الأحكام وفوضى فى الاتهامات وفوضى فى التصرفات ولا يصلح معها أى كلام جميل أو حتى غير جميل. واضح أننا فى مأزق كبير للحكم لا يعرف فيه النظام ماذا عليه أن يفعل ولا كيف يفعله. قانون الحسبة تم تفعيله أكثر مما تم تفعيله أيام الإخوان المسلمين. ورجال الشرطة لا كابح لهم مع الأبرياء، أما القضاء فصار الأمر مربكا جدا، القتلة يحصلون على البراءة والأبرياء يحاكمون ومن سن مبكرة جدًا. وهذه هى الجهات التى شكرها السيد الرئيس فى خطبته فى مجلس الشعب، وإذا ظل الأمر على ما هو عليه فالبلاد ذاهبة إلى خراب ما بعده خراب. الناس فى الشوارع تعيش حياتها بشكل عادى ولا تثير المشاكل لكن النظام يثير المشاكل كل يوم بل كل ساعة، فيقتل أبرياء أو يقبض عليهم، وكان إسهامه من القبض على الأطفال فاق كل العصور، لكنه لم يكتف بذلك بل حكم على أصغر الأطفال - أربع سنوات - بـ«تأبيدة» على جريمة تمت منذ عامين. يعنى بعد الفطام بيوم! الأحكام الجماعية السابقة وبراءة القتلة تؤكد أن هناك مشكلة فى القضاء. وإذا كان من السهل ترشيد دور الشرطة وأعتقد انه ليس سهلًا بعد أن أبيح لها كل شىء، وضمان البراءة لأى مرتكب جريمة منها. إذا كان حتى متاحا إعادة تاهيل الشرطة فلن يكون متاحا تأهيل القضاء بهذه السهولة، وأنا مندهش جدا من سكوت مجلس القضاء الأعلى على الأحكام الغريبة التى نراها كل حين. وسؤالى هو: مَنْ المسئول عن هذه الفوضى التى تضرب بالبلاد والتى يقوم بها النظام الحاكم نفسه بكل تجلياته التنفيذية والتشريعية. هل الرئيس لا يرى هذا التخبط. وإذا كان يراه فهل يعجبه. فى اليوم الذى تحدث فيه بأنه لايسمح بإهانة الشعب بدأت تحدث كل هذه الحوادث وتظهر كل هذه الفوضى. المدهش أيام ثورة يناير كان المصريون يستطيعون حماية أنفسهم وكانوا متماسكين ينظمون حياتهم أحسن تنظيم. ولم يكن هناك أمن رسمى ولا شرطة لكن كان هناك أمل تبدد وتحولت الثورة إلى مؤامرة عند النظام ورجاله، فوقعوا فى فخ المؤامرة على أنفسهم قصدًا أو مصادفة، نحن أمام نظام يهدم نفسه ولايدرى.