الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ميراث الأمل من دولة الفساد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال الأسبوع الماضي، شهدت مصر أزمات متعددة، وطاحنة، من شأنها أن تعصف بالجميع، الدولار وسيطرته على الاقتصاد، والمنظومة الأمنية وتأثيرها على الاستقرار، لذلك تبحث الدولة عن مخرج من المأزق في صيغة قرارات متنوعة، الجميع يناقش، وينتقد، بينما تكمن أزمتنا العملاقة في العقول وآلية التفكير والثقافة السائدة، ما الفائدة إذا تغيرت القرارات وبقت العقول كما هي، لا شيء.
على أكتاف الاقتصاد يواصل الدولار صعوده، لتهبط الحكومة في مستنقع الحلول الواهنة، متأثرة في ذلك بمصالح الكبار، فضلًا عن عجز الأفكار، ليشعر الجميع بالخطر، والخوف من قادم الأيام، وما تحمله لهذا الوطن الذي يدار بسياسة "سيبها على الله" من مستقبل غير مشرق، لتصبح مصر عزبة، تحكمها العشوائية بقوة القانون المنحاز لأصحاب السيجار.
وأثناء رحلة البحث في مستقبل المستقبل، تعثرت الأقدام بعدما اصطدمت بالوضع الراهن، واقع مرير، فهو كما كان، لم يتغير شيء، بل ازداد الأمر سوءًا، نفس المعاناة، آلام تحاصر الجميع، ليصبح الفقر سيد الموقف، والظلم هو القابض، وحياة لم ترحم قسوتها المواطن. 
في الاتجاه المقابل، تجاوزات المنظومة الأمنية، وانتهاكها لقيم الحياة تحت شعار تجاوزات فردية، حقًا، قد تكون كذلك، لكنها ممنهجة من قبل الأعدء، لإسقاط المنظومة الأمنية بهدف انتصار الإرهاب على الدولة، وهو ما يتطلب من وزارة الداخلية البحث، وإيجاد حلول سريعة وعاجلة، للحفاظ على المنظومة الشرطية المنوط بها حماية الشعب وليس إرهابه، خاصة وأن الأمن هو أحد أهم السبل الجاذبة للاستثمار المهاجر.
وأقصى ما يمكن أن تفعله حكوماتنا الرشيدة تجاه أي مشكلة هو الاعتراف بها، لكتفى بذلك، حل الاعتراف، دون أن تبحث عن حلول حقيقية للخروج من الأزمة، لماذا لا نعترف أن الدولار أصبح سلعة؟ ونعامله على هذا الأساس، في هذه الحالة سوف يطمئن المواطن الذي يمتلك مخزونًا دولاريا أكبر بكثير من البنك المركزي، لكنه يحتفظ به لذاته خوفا من توقعات تعويم الجنيه وتخفيض قيمته.
وبشكل غير متناغم بين المؤسسات تدار الدولة، كل يغرد في سربه، في حين أن الإدارة المؤسساتية تضمن لنا التنمية كنور متواصل ودائم، ليشرق بذلك الوجه الحضاري للدولة عندما تعلي من قيمة المبادئ والقوانين والقيم الإنسانية، حتى تكون محور تفكيرنا ونضالنا اليومي، وعلى عكس ذلك مهما كانت النتائج لن تثمر الإدارة الفردية أكثر من ومضة مؤقتة، زوالها سريع لأنها استثناء، والاستثناء يبرهنه الواقع.
كل ما سبق يؤكد أن الأوضاع على الأرض غيرت المعادلات، وفرضت واقعًا جديدًا، فتحالف منظومة الفساد ورجال الأعمال يرون الأمور تسير لصالحهم٬ وأن بإمكانهم استعادة دولتهم، وفرض شروطهم وقوانينهم على الرئيس السيسي الذي يواجه تحديات جسام في كل القطاعات، وقتها يستطيع هذا التحالف إملاء شروطه بشكل غير مباشر على الدولة التي سيطر عليها، مما جعلها في موقف ضعيف، يضعها أمام خيارين، إما الاستسلام في حرب استنزاف الاقتصاد، أو حدوث تغيير في منظومة القوانين الحاكمة لمصالح الدولة والشعب.
في المقابل، يدرك الرئيس السيسي أن ترك الساحة لما كانت عليه، يعني تغييرًا في الموازين الاستراتيجية، ستكون له انعكاسات كبيرة، إن لم تكن خطيرة على مستقبل الدولة، خاصة وأن الواقع الفخم والمزدهر لا تنتجه إلا العقول المستنيرة والإرادات الطموحة، لذلك فإن واقعنا الحالي يعد إجابة لسؤال: مَنْ نحن؟ وما هي السياسات الحاكمة؟
ومثل شمس الشتاء، لا أحد يثق فيها، هكذا السياسي إذا فقد نفوذه ومنصبه وبريقه الإعلامي، يصبح عنوانًا للخداع، وهؤلاء كُثر، يتوددون للرئيس، ويحيطون به، لذلك على السيسي سرعة تغيير الوجوه، ليتمكن من إيجاد حلول جديدة، لم ولن تولد إلا بخبرات وعقول متجددة تؤمن بأن أكبر ميراث للشعوب هو الأمل.