كل المؤشرات تقول: إن المعركة الحاسمة في سوريا ستكون في الرقّة رغم أن الطبول التركية والسعودية تُقرَعُ على أسوار حلب:
أولًا: القوات الأمريكية يتم حشدها في العراق وتؤطّرُ الجيش العراقي والحشد القبلي الذي يتأهب لتحرير الموصل. الموصل جغرافيًّا هي الامتداد الطبيعي لمنطقة الرقة.
ثانًيا: الأمريكان أعلنوا منذ مدة عن وجود قواتهم الخاصة في شرق سوريا لتأطير الأكراد هناك في مواجهة داعش، بينما تقوم قوات الهندسة العسكرية الأمريكية بتوسيع مطارٍ محلي هناك بحيث يصبح قادرًا على استقبال طائرات نقل عسكرية ومقاتلات وقوات محمولة جوًّا.
ثالثًا: اللواء السعودي العُسيري صرّح بأن بلاده سترسل قوات الى سوريا تحت القيادة الأمريكية لمقاتلة داعش "وداعش تقريبًا غائبة في حلب ومركز ثقلها في الرقة".
رابعًا: حلب يمكن اعتبارها في حالة سقوط مؤجل، وتحت السيطرة والتحكم الجوي الروسي والبري السوري، وأي احتكاك مع الروس يمكن أن يؤدي إلى اندلاع نزاع مباشر وهو خارج الحسابات الأمريكية، بينما منطقة الرقة هي تقريبا تحت مظلة القصف الأمريكية باتفاق تقاسم أعباء المواجهة مع داعش بين روسيا والولايات المتحدة، ولا يوجد فيها جيش سوري، وبالتالي فإن خطر المواجهة هو في أدنى مستوى.
خامسًا: نظريا السيطرة على الرقة "وما جاورها"، وانتزاعها من داعش انطلاقًا من الأراضي العراقية أمر ممكن، وإمكانية نقل قوات سعودية الى الشرق السوري عبر العراق أو الأردن هو أيضًا ممكن كما أنّ دخول الجيش التركي في المعركة انطلاقا من الحدود التركية أمرًا متيسّرًا وبأقل كلفة.
إذًا فيما تتركز الأنظار على حلب، يتم تهيئة الرقة لتكون مسرح عمليات حلف واشنطن الرياض أنقرة ضد داعش أين سيحقق هذا الحلف مجموعة من المكاسب يراهن أن يقلب بها المعادلة السورية؟
1-انتزاع شرف النصر على داعش من محور روسيا سوريا إيران وهو ما يُخرج تركيا والسعودية وأمريكا من وضع المنكفئين حاليًّا إلى وضع المنتصرين.
2-السيطرة عسكريا على الشرق السوري، وفرض أمر واقع جديد للمقايضة به على طاولة التسويات، وربما تصل الأمور إلى تشكيل حكومة مؤقتة تجمع المعارضة أو حتى كيان سني على أنقاض دولة داعش، يجمع مناطق سورية وعراقية في مقابل تشكيل كيان كردي أيضا على أراضٍ عراقيّة وسورية.
الرقة هي إذًا أمّ المعارك وليس حلب، حيث يتم حسم معركة وحدة سورية واستقلالها وحسم الحرب برمّتها، اللافت أن الجيش السوري بدأ منذ أيام في التقدّم نحو ريف الرقة في تحرّك معاكس لمجرى الأحداث، مما يعني أن السباق قد بدأ فعليًّا للوصول إلى الرقة، كيف سيتصرف المحور السوري الإيراني الروسي؟
حسن نصر الله في خطابه البارحة، قال بالحرف: إذا لم تتدخل السعودية وتركيا فإن المعركة في سوريا محسومة، أما إذا تدخلت تركيا والسعودية فإن المنطقة بكاملها مُقدِمة على الحسم.
