الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر فعلًا تحارب "داعش" منذ 2013!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فور الإعلان عن قرار السعودية تكثيف مشاركتها فى التحالف الدولى للحرب على داعش عبر إرسال قوة برية إلى سوريا.. سارع العديد من الآراء والأقلام إلى التعبير عن قلقه من تبنى مصر خيارات عسكرية مماثلة وإبداء مخاوف لا تستند إلى أرض الواقع الأمنى والسياسى المصرى. الجيش المصرى منذ ثلاث سنوات بالفعل يخوض حربه المقدسة فى سيناء ضد تنظيمات إرهابية – بيت المقدس وغيره- التى تتحرك وفق ما رصدته عدة رسائل صوتية متبادلة بناء على أوامر قيادات داعش بل بايعت داعش علنا كفصيل من هذا التنظيم.. إذن فالجيش المصرى يحارب هذا التنظيم منذ اختارت «بهية» التخلص من أسر «عصابة البنا» فى ٢٠١٣.. وهى العصابة التى فتحت باب سيناء على مصراعيه أمام هذه التنظيمات الإرهابية. كل محاولات الأصوات «النشاز» تغيب هذه الحقيقة عن هموم المواطن البسيط لن تفلح فى طمس هذا الواقع على أرض سيناء الذى اعترفت به حتى أكثر الأطراف «تحفزا» ضد استقلال القرار الشعبى المصرى.. لعل أهم هذه التصريحات المؤكدة لخطورة وحجم الحرب التى يخوضها الجيش المصرى التحذير الصادر مؤخرا عن مدير وكالة المخابرات العسكرية الأمريكية حول تزايد وتيرة هجمات داعش وترجيح احتمالية توسيع نطاق عملياته من شبه جزيرة سيناء إلى مناطق أعمق داخل مصر.
الجيش المصرى لا يخوض الحرب ضد داعش على جبهة واحدة فقط.. الدفاع عن حدود مصر الغربية هو حاليا بمثابة حالة حرب فى ظل الظروف الأمنية المتردية فى ليبيا. قوات الجيش المصرى تقف الآن فى مواجهة تبعات حالة فرار جماعى للآلاف من عناصر داعش – مع مواردهم- إلى ليبيا بهدف تأسيس مركز خلافة بديل بعدما كبدهم الجيش العراقى وضربات التحالف الدولى العديد من الخسائر فى سوريا والعراق.. هذا الانتقال سيضمن للتنظيم أيضا، مصادر تمويل جديدة عبر السيطرة على البنية التحتية لحقول نفط ليبيا ثم بيعه- كما حدث فى العراق- فى السوق السوداء لشراء أسلحة متطورة وتعزيز تواجدهم فى منطقة شمال إفريقيا.
بعيدا عن مماطلة دول الغرب سواء فى قرار إرسال قوات برية إلى ليبيا أو حتى تسليح الجيش الليبى.. تراقب الدوائر الأمنية والسياسية المصرية بحكمة التداعيات المستقبلية للقرار الأمريكى بالتدخل عسكريا فى ليبيا. المعروف أن أمريكا لها تاريخ حافل من التدخلات العسكرية الفاشلة فى إفريقيا وآسيا رغم ذلك ستعود قوات «المارينز» إلى ليبيا عاجلا أم آجلا بموافقة الكونجرس لحماية استثمارات شركات النفط الأمريكية، ما يؤكد أن بدء ثم تكثيف العمليات العسكرية فى ليبيا – سواء بتدخل أمريكى مباشر أو عبر قوات الناتو- يضعان أمام قوات الجيش المصرى اليقِظة مهام مضاعفة نتيجة ما سيسفر عنه هذا التدخل من محاولات هروب عناصر داعش عبر الحدود الغربية لمصر.
على الصعيد السياسى لم يتغير الموقف المصرى منذ اللحظة الأولى تجاه الأزمة فى سوريا. منذ البداية اختارت مصر أن تنأى بنفسها عن الانسياق خلف مغامرات غير محسوبة فى منطقة تحولت إلى بؤرة صراعات إما طائفية أو خدمة لمصالح قوى عالمية ودول إقليمية ومنظمات إرهابية.. بما ينذر بتصاعد وحشية هذا الصراع خلال الأشهر القادمة وازدياد المخاوف من هاجس أصبح يتردد فى الكثير من تصريحات كبار ساسة العالم حول حرب عالمية ثالثة. مصر لم تتبن الحياد السلبى ولا الانحياز المتسرع خلف أى من المواقف المتضاربة لحليفتيها سواء السعودية أو روسيا.. لكنها حسمت موقفها الذى ينحاز إلى إرادة الشعب السورى فى اختيار حاكمه.. والحفاظ على وحدة الدولة وبقاء كياناتها فى ظل أى تغيير سياسى وعدم تحويل سوريا إلى دولة خلافة تحت حكم تنظيمات جهادية مثل جبهة النصرة أو جند الشام أو جيش الإسلام.. كما تستشعر جيدا مخاطر تقسيم سوريا طائفيا وما قد يتبعه من تقسيم معظم الدول العربية.
قرار استراتيجى بحجم الحديث عن التدخل البرى سوريا يفرض عدة حقائق على أرض الواقع حول جدوى أو تبعات هذا التدخل وعما إذا كان الحسم العسكرى فقط مقابل فشل الحلول السياسية سيزيد التعقيد فى جبهات الصراع فى سوريا، الإشكالية الإهم هى كيف ستحدد ضمانات عدم حدوث اشتباك عربي-عربى وسط التشابك بين أطراف الصراع الدائر على أرض سوريا.. هذه «الصورة» المخيفة قطعا ستحدث شرخا إضافيا لا تحتمله التحديات التى تواجهها المنطقة العربية.
الحقيقة التاريخية المؤكدة التى ستحسم قرار مصر السياسى والعسكرى أن الجيش المصرى يمتلك رؤية ثاقبة تضع أمام خططه المستقبلية كل دروس التدخل العسكرى السابقة- تحديدا منذ قرار التدخل فى اليمن أوائل الستينيات- الأمر الذى دعم انتصاراته فى الحروب التى خاضها بعد ذلك.