الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بص العصفورة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلما تلفت حولى لا أجد سوى الأزمات التى تشغل بال العديد من الناس فى بلادي، كلهم إما مهاجم أو مدافع فيما الناتج صفر فى كل النهايات، فلا أحد يعلم كيف بدأت قصة كل خلاف ولا كيف انتهى ولماذا، كلها تتشابه مع عمليات التغيير فى مصر فلا أحد يعلم موجبات تعيين الوزير ولا مبررات عزله، ليبدو الأمر وكأنك تسير على كوبرى أكتوبر وسط زحام شديد، ثم فجأة تجد الطريق فارغًا دون أن تدرى سبب الزحام أو السر الكامن خلف انقشاعه من عيون السيارات.
أزمة هنا وأخرى هناك، تلك هى المحصلة التى ستخرج بها إذا ما تابعت ما يدور فى الشارع أو على شاشات التليفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي، وكلها صارت وسائل فى أيدٍ عابثة تتكئ على مواهب الجهل فى شعب حافظ كل من حكمه عليها، فى ظل اعتماد الغالبية العظمى على تلك الوسائل فى تلقى المعرفة، خاصة تلك الشاشات التى يجلس البعض أمامها، وكأنه تعاطى مهربات عام كامل من الحشيش، حولت عقله إلى سلة مهملات لم تجد من يفرزها فيعزل الصلب عن اللين فيها، بينما تكون النتيجة إعادة تدوير لعقول أصابها العطب بعطب أشد وأنكي. 
على طريقة بص العصفورة كان ملعب مباراة الأهلى والزمالك مشكلة كبرى نالت من الناس أكثر من عشرة أيام، فيما على الجانب الآخر كانت هناك قضية من أخطر القضايا على مصر وسمعتها دوليًا، تلك السمعة التى افتخر بها رئيس الدولة خلال كلمته فى البرلمان السبت الماضي، بينما لم يتذكر الناس فى معرض الاهتمام والانشغال بالسخرية المتبادلة بما تم فى حادث مصرع الطالب الإيطالي، الذى تشير أدلة الاتهام فيها إلى الشرطة المصرية، أو هكذا يسرب عبر الصحف الغربية التى وصفت تقريرًا نشرته رويترز أن الطالب عومل معاملة حيوانية أدت إلى مصرعه بهذه الطريقة البشعة، فيما تم تسريب تقرير آخر للتحريات التى أجرتها الشرطة الإيطالية التى تشارك فى التحقيق، أن الشاب تم القبض عليه من أمام منزله وفقًا لشهادات مختلفة من الجيران،.. إذن المسألة واضحة، وأن هناك من يقوم بتحريك الأمور لتظل الحقيقة تائهة فى عقول المصريين، لكنه لم يفكر أبدًا أن هذه الحقيقة لن تظل تائهة مثلما حاول من قبل أن يفعل فى مسألة سقوط الطائرة الروسية، من مداراة الفشل بفشل أشد منه قسوة، ليس على النظام فحسب بل على الدولة ذاتها، وكلاهما وفقًا لبديهيات السياسة مختلف عن الآخر، حيث الأنظمة زائلة، بينما الدولة تبقى قائمة مدى الدهر، لم يفكر من يحرك خيوط الإلهاء أن إيطاليا عضو فى الاتحاد الأوروبي، وأن مقولة رئيس وزرائها: «نحن ومصر أصدقاء لكن لا توجد صداقة دون حقيقة»، ستمتد إلى دول الاتحاد كلها، وستخسر الدولة المصرية كلها، بل ستكون النتائج كارثية، ولن يستطيع إعلام التضليل أن يشير إلى نجاح الزيارات الرئاسية لتلك الدول مرة أخري، بعد أن بللت بدماء طالب مهما كان جرمه فلا يستحق ما حدث له، وبالتالى ستفقد مصر مصداقيتها كدولة أمام تلك الدول، وهى الأكثر تعاونًا مع مصر فى كل المجالات، كما لن يستطيع المحرك الذى يقوم بدور الدبة التى قتلت صاحبها أن يبرر مرة أخرى ما فشل فى مداراته اعتقادًا أن المصريين قبل يناير هم أنفسهم بعده. 
الأزمات كلها تؤكد أن هناك من يلعب تحت حزام النظام، فيما لن يستطيع هذا اللاعب الادعاء بأن نظام الجماعة إياها هو من يقوم بتلك الضربات، ففى اعتقادى أن نظام الإخوان المجرمين قد زال تمامًا، أو على رأى بعض عوام الناس «الإخوان خلصوا.. ومش كل مصيبة ها تقولوا هم السبب»، وإلا فمن السبب خلف ارتفاع الأسعار فى كل شيء، فحتى الموت صارت كلفته أعلى مثل شهادة بدء العذاب فى مصر المسماة بشهادة الميلاد، ناهيك عن أسعار الغاز والكهرباء والمياه والصرف الصحي، الذى صار مزحة بين الناس على طريقة « تشرب تدفع تصرف برضه تدفع »، فهل تقف الشرطة خلف كل تلك الأزمات ؟ هذا سؤال تدعمه أزمة أمناء الشرطة والأطباء بمستشفى المطرية، وكذلك سب عضو البرلمان محمد عبد الغنى فى مطار القاهرة، وكل ذلك لم تخفه أو تداريه حتى السب الوهمى للمرأة على لسان المدعو «السبكي»، تمامًا، كما لم تستطع تصريحات وزير الداخلية حول تعرض وزارته لحملة مغرضة فى نفيه رغم اعترافه الضمنى أن هناك ممارسات فردية تتم فى هذا الإطار العبثي.