الثلاثاء 28 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حلب.. معركة مصير بين النظام والمعارضة

اتساع دائرة الحرب فى أعقاب فشل مفاوضات السلام فى جنيف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم حالة الكر والفر فى الحرب الدائرة الآن فى سوريا بشكل عام وفى محافظة حلب (شمال سوريا) بشكل خاص بين قوات النظام والمعارضة المسلحة.. يبدو أن الخيارات أمام تلك الجماعات المسلحة تضيق يوما بعد يوم، فيما ترتفع معنويات النظام عنان السماء.. ومع تقدم القوات الحكومية باتجاه مدينة حلب وسيطرتها على عدد من قرى المحافظة وهروب العديد من العناصر المسلحة من بينها «جبهة النصرة» تحت وطأة ضربات النظام والقصف الروسى المستمر.. فمن المتوقع أن تحاصر قوات النظام معاقل المعارضة المسلحة فى حلب قريبا مع تضييق الخناق حولها.. إلا أن التقارير تشير إلى إصرار النظام على المضى قدما فى استعادة مدينة حلب التى تقف حاليا على مشارفها، بل واستعادة المحافظة بالكامل، بعد أن حققت قوات النظام تقدما كبيرا فى جبهات الجنوب السورى وخاصة جبهة محافظة درعا والقنيطرة، علاوة على قدرة النظام على توسيع مساحة الأمان والحماية للعاصمة دمشق بالتقدم فى اتجاه الغوطة الشرقية والغربية لريف دمشق فى أعقاب إنجاز الاتفاق مع المعارضة المسلحة فى منطقتى «الزبدانى ومضايا» بالسماح للمعارضة المسلحة بالتوجه إلى تركيا عبر لبنان، فى مقابل فك الحصار عن بلدتى «الفوعة وكفريا» فى ريف إدلب الشمالى فى صفقة منفردة بعيدا عن المجتمع الدولى.
فيما جاءت تصريحات الرئيس السورى بشار الأسد لتؤكد إصراره ودون تردد فى حوار مع «وكالة الأنباء الفرنسية» على «أن استعادة الأراضى السورية (كافة) هدف قد يتطلب وقتا طويلا»، سواء كان لدى النظام الاستطاعة من عدمه فى ظل الوضع الراهن الذى تشهده سوريا بعد التقدم الميدانى للجيش السورى بدعم جوى روسى فى العديد من المدن والمحافظات السورية والتركيز على محافظة حلب لأهميتها الاستراتيجية للسيطرة عليها وضبط حدودها مع الجارة اللدودة تركيا، مؤكدا فى الوقت ذاته رفضة التخلى عن أى جزء من الأراضى تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
ووفقا للمنهج والسياسة والدبلوماسية السورية القائمة على أساس أهمية وضرورة البحث فى تفاصيل التفاصيل وقناعة دمشق بأن «كل من يحمل السلاح فى وجه الدولة السورية، فهو مصنف من قبلها كونه «إرهابيا بامتياز» فى إشارة إلى عدم اعتراف النظام كلية بوجود المعارضة المسلحة، وهو ما اعتبره الأسد بأن الأولوية الأولى هى «محاربة الإرهاب»، بوصفه مسارا منفصلا تماما عن «مسار التفاوض» رغم قناعته بوجود مسارين فى سوريا.. أولاً التفاوض وثانيا ضرب الإرهابيين، وأن المسارين منفصلان».. وأن ما يجرى على الأراضى السورية من الإمداد المستمر «للإرهابيين» عبر تركيا والأردن، بما يشير إلى أن زمن الحل طويل والثمن كبير، وأن «التفاوض مع المعارضة» لا يعنى التوقف عن مكافحة الإرهاب».
تأتى هذه التصريحات فى أعقاب فشل مفاوضات السلام فى جنيف التى توقفت بعد جولتها الأولى بعد اتساع دائرة الحرب فى سوريا بشكل لافت، واستمرار القتال العنيف وتكثيف الغارات الروسية وقوات النظام هجماتها على مواقع المعارضة بعدد من المناطق، خصوصا بحلب، مع تسارع مأساة النزوح من ريف حلب الشمالى، هربا من القصف الروسى والعمليات العسكرية.
فيما أدت المعارك الطاحنة والقصف المستمر إلى نزوح عشرات الآلاف من السوريين، والتجمع على الحدود التركية، هربا من الموت، فى الوقت الذى أحجمت فيه السلطات التركية بعدم السماح بدخولهم إلى أراضيها، بالرغم من ضغط الاتحاد الأوروبى على أنقرة للسماح للاجئين بالدخول إلى أراضيها، اعتمادا على الدعم الأوروبى لأنقرة بثلاثة مليارات دولار لمساعدة اللاجئين.
على جانب آخر من المشهد الدموى، رأى دبلوماسى روسى «مندوب روسيا لدى جنيف» أنه كان ينبغى على وفد المعارضة السورية الذى شارك فى محادثات السلام بجنيف الترحيب بالهجوم على حلب، لكونه استهدف «متشددين»، فى إشارة إلى «جبهة النصرة» وغيرها من الجماعات المتطرفة، بدلا من الانسحاب من المفاوضات فى الوقت الذى تطالب فيه المعارضة السورية حلفاءها بتزويدها بصواريخ مضادة للطائرات فى مواجهة الضربات الجوية الروسية، ومتعهدة بعدم السماح بوقوع تلك الأسلحة فى أيدى «المتطرفين»، وهو أمر من المؤكد مرفوض من قبل دول التحالف الدولى لعدة اعتبارات كثيرة، أبرزها تجنب التحالف الدولى فى دخول الحرب بشكل مباشر مع روسيا، وهى التى تسعى حاليا لتنفيذ وقف إطلاق النار، وفق نظرية الاحتواء الأمريكى للأزمة السورية الراهنة، وعدم بيان تجلياتها، علاوة على عدم الثقة التامة فى المعارضة المسلحة وتخوفها لتهريب تلك الأسلحة إلى فرق مختلفة من المتطرفين على الأراضى السورية.. ومن ثم جاء طلب منسق الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب من الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى إجبار روسيا على وقف قصف المدنيين، معتبرا أن الوقائع الجديدة على الأرض لن تفرض على طاولة المفاوضات، وهو قول ربما أيضا مخالف للحقيقة، لأن من يملك الأرض والسلاح معا هو من يستطيع أن يفاوض ويفرض شروطه، وهو ما يسعى له النظام السورى بالتعاون الروسى فى كسب أراض جديدة على رأسها محافظة حلب التى ستشكل حصن الأمان للنظام السورى ويستطيع من خلالها ضبط حدوده مع تركيا.