الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحب وسنينه!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حقًّا، الحب كلمة مكونة من حرفين، لكنها تحمل كثير المعاني، إنها أحد أهم أصول الحياة، ومع ذلك البعض يختزل هذه المعاني السامية في حب الرجل لنصفه الأول أو العكس، إن الإنسان الذي لا يوجد لديه موهبة الحب ليس من بني البشر، مثل الطائرة، إن لم تلامس السحاب فهي ليست طائرة، سمِّها ما شئت، إلا أنها ليست كذلك ما لم تصعد الأجواء، كذلك الإنسان لا يعد إنسانًا إلا إذا امتلأ برغبة الحب لكل ما هو محيط به.
ويحتفل الكثير من سكان العالم ومعهم المصريون هذا الأسبوع بعيد الحب، أو يوم الحب، أو عيد العشاق، أو الفالنتين، ويعتبر الرابع عشر من فبراير كل عام يومًا تقليديًا، يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور التي يغلب عليها اللون الأحمر.
كانت هذه الظاهرة تقتصر على طبقة معينة إلى زمن ليس ببعيد، وخلال العشر سنوات الماضية أو أكثر قليلا أصبحت هذه الظاهرة يحتفل بها عموم الناس في مصر، وتحديدًا جيل الشباب والوسط، ومع سيطرة اللون الأحمر في هذا اليوم على شتى نواحي الحياة كرمز للحب، إلا أننا كمصريين نفتقد ثقافة الحب؛ حب الحبيب، حب الأسرة، حب الوطن، حب الذات بمفهومها الصحيح.
ورغم أن أغلب المحتفلين في هذا اليوم لا يعرفون حقيقة هذا الشعور، إلا أن الحب يظل حالة خاصة جدًا، يؤمن بها العقل، ويعيشها القلب، وتأتي المواقف لتترجم تلك الحالة بشفافية مبهجة ليست موجودة في مجتمعنا بسبب تراكم الكراهية التي ظهرت في المجتمع خلال السنوات الماضية، وبعد أن سيطرت علينا مشاغل الحياة، لم يجد جيلنا سوى العالم الافتراضي الذي يسمح له في أوقات الفراغ باختصار الزمان والمكان لكي يعبر عما بداخله من مشاعر أفلاطونية ليس لها مكان في واقعنا المرير حتى أصبحت المشاعر بلا روح.
في زحمة الحياة ومشاغلها انهارت القيم، ووهن الأمل، ويأس الحلم، وجف نهر الخيال، وضاع العمر، ويبس المستقبل، لأننا لا نعيش الحب بمفهومه الحقيقي، لدى الكثير منا تكون هذه الحالة تقليد وغير أصلية، حتى أصبح الحب شعارات فقط يتم تحديثها بشكل مستمر مثل الأجهزة الذكية التي أصبحت مكونًا رئيسيا في حياتنا، ولم نشعر أنها تسرق العمر منا في صراع كتابة المشاعر المزيفة على السوشيال ميديا، حقًا إننا في كارثة ليست فقط فيما يحيط بنا من مؤامرات تستهدف أمننا واستقرارنا، لكن الكارثة الحقيقية تكمن في تسطيح كل شيء من خلال تغييب الوعي والتلاعب بقيم الحب والمحبة، والولاء والانتماء لوطننا دون أن نشعر.
هل للحب قصد وغاية، أم أنه نهاية، لوجود جميل؟ اختار الحب من البداية، ليعمر الحياة، ويوقف الحرب، ويهزم الإرهاب، ويبنى وجدان البشر لكي يستحق كل منا أن يحمل صفة الإنسان في وطن علم العالم منذ فجر التاريخ معاني وقيم الإنسانية، لذلك فإن الحب حياة، والمحب يحظى بِعيش أكثر من حياة، وأنقى أنواع الحب هو حب الوطن، لذلك أي جغرافية تتسع لتضاريس حب مصر سوى وجدان العشاق لترابها، إن رغد العيش يبدأ بابتسامة، ولولا الحب لما ابتسمت للبشر الحياة.