الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علاء الديب أولًا.. لمثله فليعملوا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عصفور رقيق يُخربش على جدران المحبة، يعزف ألحان الإبداع فى عذوبة.. يكتب لا لشهرة ولا مال وإنما للكتابة.. للرحيق الغامض.. للضياء المُتسلل فى عتمة الليل.. للصفاء والروعة والدهشة المُبهجة.. جميل كما السماء الممتدة بلا حدود تسرح فيها عيون الرائين مُستمتعة.. أصيل كنيل مصر الزائر الدائم الذى يعرف مواعيد بشائره وانحساراته.
عن المُبدع الجميل علاء الديب أتحدث.. ذلك المُتمدد بقيمة الفن.. والكبير بحجم الإبداع.. والمصرى لحماً وعقلاً وكتابة.. يرقد الرجل فى محنة المرض ممروراً غائماً يفيض عنه العوز وتعتصره تدابير الحياة بانقلاباتها. فى مُستشفى القوات المُسلحة ينزف علاء الديب روحه قطرة قطرة تحت وطأة علل مُحتشدة قد تزور أى إنسان.. المرض قدر الله على البشرية.. لا ناج ولا مُفلت.. تتأبى نفسه العفيفة طلب العلاج المجانى رغم أنه ليس لديه سوى معاش ضئيل.. ويصمُت حياءً عن الاتصال بأحد فى محنة موجعة تضعه فى خانة المُطالبين بسداد فواتير علاج لا يتحملها كاتب.
يحتاج الرجل من تلامذته وقرائه وأحبابه الدُعاء، لكنه يحتاج قبل كل هذا من الدولة حق العلاج.. حق التداوى من أمراض قاسية تُداهم بلا استئذان.. حق تخفيف الألم والمُعاناة عن واحد من صُناع البهجة.. حقه كمواطن فى العيش بسلام.. وحقه ككاتب سفح مداد قلمه للوطن وقضاياه.. وحقه كأديب أمتع الناس بفن وجمال وروعة.
علاء الديب يا سادة روائى رائع.. قلم سلس.. نموذج نبيل لمُثقفين اندثروا.. وثقافة خبت.. روح طيبة تعى قيمة الكلمة.. قلب نبض بالمحبة والسلام..وعقل واع بتطور الشخصية المصرية عبر التاريخ.
لا يجب أن تتكرر المأساة.. الذين يكتبون مآلهم إلى الوجع والذين يكذبون مآلهم إلى الهناء.. مات أمل دنقل فقيرا منبوذا تحت وطأة السرطان وضغطة النكران.. وانتهى الحال بمبدع الوطن الصادق نجيب سرور إلى إلقائه فى مستشفى الأمراض النفسية.. وتركه يتسول الطعام فى أواخر أيامه.. وسقط محمود حسن إسماعيل صريع الغربة بحثا عن «لقمة عيش» أفضل فى بلد لا يقدر المبدعين.
لا يا سادة: لن يكون.
الكتبة لا يموتون.. كلماتهم حية ما بقى نفس فى الإنسانية.. لكن لا يصح تعرضهم للمهانة.. لا يُقبل نسيانهم فى المحن.. لا يجوز عدم تكريمهم بعد ما قدموا من إبداع للوطن.
انتظر من الدولة تحركاً.. أتوقع خيرا.. أتمنى احتفاءً وتكريمًا.. أتصور أن قرارا سيصدُر لتحمل الدولة علاج الأديب العظيم.. وأعتقد أن الدولة المصرية لا تنسى مُبدعيها حتى لو اختلفت معهم.. ذلك ظنى وليس كل الظن إثم.. والله أعلى وأعلم.