الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

سهى علي رجب تكتب: نورا

سهى على رجب
سهى على رجب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من منا يستطيع أن يعيش دون «نور».. حتى فاقد البصر يحتاج نورا داخله ليستطيع الحياة والتعامل مع كل ما يدور حوله.. ماذا لو غاب عنك "النور"؟.. ماذا لو صارت حياتك بلا «نور».. هذا ما حدث معى.. فقدت نور حياتى ذهب عنى النور وأصبحت فى ظلمة مستمرة..
«نورا».. هو اسمها.. كان اسما على مسمى.. كانت دليلى فى الحياة.. كانت شعاع الأمل الذى أحيا به، كانت أسعد لحظات حياتى وأنا أداعبها صباحا وأدللها لتسمح لى بأن أصفف شعرها الأسود الطويل، كانت تطلب مني كثيرا أن أقوم بقص شعرها وكنت دوما أرفض وبشدة، لم يكن لطعامى مذاق دون مشاركتها لي، حتى فى كتاباتى كت أقرأ لها ما كتبت ولم أجرؤ يوما على نشر مقالا أو تحقيقا أو حتى حوارا دون رضاها كامل الرضا عنه.
كلما ناديتها باسمها ترتسم الابتسامة على وجهها البريء وتضحك من قلبها، لم تلتحق بالمدارس ولكنها كانت مثقفة جدا.. أذكر جيدا يوما كنت فى الفرقة الثالثة بكلية الإعلام.. ورغبت فى حضور ندوة عن الصحافة الصفراء وأصرت هى أن تحضرها معي، أغلب من كانوا فى الندوة من أساتذتي، وتحدثت فى الندوة بجرأة فما كان منها إلا أن قطعت كلماتي بصوتها الأجش لتخبر الجميع أنها غير راضية عما أقوله وعن جرأتى الزائدة، وجذبتنى من ذراعى وأخرجتنى من قاعة الندوة.. وقالت لي: «بنتى أنا ما تقولش الكلام ده.. ولا تتكلم بالطريقة دي.. اللى ربتك صعيدية مش واحدة.. مايعة» وغضبت منى وظلت أسبوعا كاملا تعاقبنى بعدم التحدث لى مطلقا.. وصالحتها واعتذرت لها وحاولت شرح موقفى لكنها أصرت أنى أخطأت وأنى لأصبح صحفية محترمة عليَّ ألا أجرح أحدا أبدا.
نعم.. يا سادة أنا ابنة الحاجة "نورا".. السيدة الصعيدية «شيخة العرب» كما كان يطلقون عليها.. رحلت أمى منذ أيام وذهبت نورا بلا رجعة إلى رب العالمين.. ذهب عنى النور، لم أعد استمع إلى دعواتها لى بالتوفيق والترقي.. كانت تحلم بأن يكون لى ابنة واسميها «نورا» لكن لم يشأ الله ذلك.. فاعتبرتها هى أمى وابنتى وأختى وصديقتى ذهب كل هؤلاء حين أغمضت عينيها للمرة الأخيرة بعد أن ودعتنى بنظرة لن أنساها حتى أذهب لها فى العالم الآخر.. تركتنى أحمل ملايين اللحظات الجميلة بيننا.. ذهبت عنى وتركت لى ميراثا من الحب والحنان.. لمن سأقرأ مقالاتى؟ ولمن سأشترى الحلوى؟
رحلت أمى فأصبحت يتيمة بحق رغم وفاة أبى من عشرين عاما.. لكن الحقيقة أن "اليتيم.. يتيم الأم"
..وداعا يا نور حياتي.. وداعا يا أمي... وداعا يا نورا.