الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ماذا بعد انهيار "جنيف 3"؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلن مبعوث الأمم المتحدة للشئون السورية، ستيفان دى ميستورا عن تأجيل محادثات جنيف ٣ إلى يوم ٢٥ فبراير ٢٠١٦ عقب انسحاب المعارضة السورية. ومن المعروف أن المعارضة السورية، تعرضت لضغوط شديدة من أجل الاشتراك فى المحادثات.
حيث مارس وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى ضغوطا شديدة على المعارضة السورية، للمشاركة فى المحادثات مع التعهد أمام المعارضة بإنجاز الالتزامات الإنسانية، وتنفيذ كامل للقرار الأممى رقم ٢٢٥٤، وخاصة الفقرتين ١٢ و١٣ على الفور، والتزام الولايات المتحدة بدعم تشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية، وإبداء الرغبة بالاستعداد إلى القدوم إلى جنيف، لدعم وفد المعارضة، وهو ما يبدو أنه لم يحدث فى ضوء المعطيات القائمة، مما تسبب فى تأجيل المفاوضات، وإعلان الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، أن المفاوضات قد تم تأجيلها بسبب القصف الروسى، ومناظرة واقعية على توازن القوى على الأرض وتمسك الجانب الروسى بإحداث تغييرات جوهرية فى ميزان القوى لصالح نظام بشار الأسد، إن روسيا تضع كل الفصائل المعارضة التى تحمل السلاح فى مواجهة نظام بشار فى صف العداء المباشر، سواء كانت هذه الفصائل ذات طابع سلفى مثل داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام.. إلخ أو غير سلفى مثل الجيش السورى الحر، حيث لا تعترف روسيا بتواجده على الأرض أصلًا، تستند روسيا إلى شرعية تواجدها فى سوريا على خلفية طلب نظام بشار للدعم الروسى عسكريًا. لقد ساعد القصف الجوى الروسى على فرض وقائع جديدة على الأرض، خاصة بعدما استطاعت قوات النظام السورى تحقيق تقدم كبير فى المنطقة المحيطة بحلب.
ومنذ عام ٢٠١٢ يتقاسم النظام والمعارضة السيطرة على مدينة حلب، حيث تركزت قوات النظام بغرب المدينة، بينما تسيطر المعارضة على شرقه، فى حين سيطرت المعارضة على ممر عزاز الحيوى، وهو الطريق الرئيسى للإمدادات القادمة من تركيا، وبفضل القصف الجوى الروسى، نجحت قوات النظام بوصل كفوفها بحلب مع القوات الموازية لها فى مدن نبل والزهراء الشيعية، وتمددت سيطرتها إلى المنطقة الصناعية بحلب، مما جعلها قريبة من قوات المعارضة، وعزز القصف الروسى قطع ممر عزاز نتيجة لسيطرة الطيران الروسى على الأجواء، مما يعيق الدعم التركى. 
وأصبحت حلب على وشك السقوط فى أيدى النظام، حيث تركز القصف الروسى فى الأيام الأخيرة، على شمال وشرق حلب فى إطار مخطط إخراج المدنيين من الصراع، مما أدى إلى نزوح آلاف اللاجئين على الحدود التركية حتى وصل إلى ٣٥ ألف لاجئ. 
إن المخطط الروسى فى المستقبل القريب هو محاولة تأمين دويلة سورية علوية فى المنطقة الساحلية الشمالية الغربية.
ولذلك فقد سعت روسيا إلى استقطاب حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى المعادى لتركيا. وهذا يعنى أن ريف حلب الشمالى، يقع فى حصار بين تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات «حماية الشعب» الكردية المتمركزة فى بلدة عفرين، مما أثار غضب النظام التركى على الولايات المتحدة الأمريكية التى أضاعت فرصة إقامة المنطقة العازلة، وهو المطلب التركى القديم حتى تستطيع القوات التركية الدخول إلى سوريا. ولذلك فقد أعلن النظام التركى استعداده التدخل بريًا جنبًا إلى جنب مع القوات السعودية، حيث كشف مصدران سعوديان مطلعان لشبكة CNN يوم الجمعة ٥ فبراير عن خطط المملكة السعودية للتدريبات العسكرية، كجزء من استعدادها للتدخل فى سوريا لمكافحة تنظيم داعش، وأفادت الشبكة بأن عدد المتدربين يصل إلى ١٥٠ ألف جندى، وأن معظم الأفراد سعوديون، مع قوات مصرية وسودانية وأردنية موجودة داخل المملكة حاليًا. فى حين التزمت المغرب وتركيا والبحرين وقطر والإمارات بإرسال قوات. 
ومنذ أسبوعين عين السعوديون والأتراك قيادة مشتركة والتى ستدخل سوريا من ناحية الشمال عبر تركيا، إضافة إلى أن ماليزيا وإندونيسيا وبروناى، سترسل قواتها إلى السعودية، على أن يكون شهر مارس، هو أنسب الأوقات لبدء التدريبات العسكرية، على ضوء نتائج الحرب فى اليمن وتضاؤل فرصة الحوثيين مما يسمح للقوات السعودية، بالدخول فى الأراضى السورية، وإحداث نوع من التوازن على الأرض، خاصة أن هذه القوات اكتسبت خبرة نوعية من الحرب فى اليمن. 
وقد رحبت واشنطن بمشاركة القوات السعودية، حيث أعلن وزير الدفاع الأمريكى آشتون كارتر يوم الخميس ٤ فبراير أن بلاده ستناقش المقترح السعودى فى بروكسل الأسبوع القادم.
بينما صرح قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشئون الدولية فى مجلس الاتحاد الروسى بأن مشاركة السعودية فى عملية برية محتملة فى سوريا يمكن أن تعقد الأزمة، وأكد كوساتشوف أن استخدام القوة العسكرية من قبل السعودية وتركيا فى هذه الظروف، سيهدف إلى تغيير السلطات «السورية» الشرعية بالقوة، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق من الناحية القانونية معربًا عن مخاوفه من احتمال تعرض قوات المعارضة السورية والقوات الحكومية لضربات من قبل القوات البرية السعودية والتركية، وأكد البرلمان الروسى أن القرار بإجراء مثل هذه العملية فى سوريا يبدو مشكوكًا فيه وخطرًا من جميع النواحى. إن تأجيل جنيف ٣ إلى موعد ٢٥ فبراير، لن يأتى بجديد، فقد أعلن وليد المعلم وزير الخارجية السورى، أن الدخول فى أى مفاوضات فى المستقبل، سيكون دون شروط وأن الجانب السورى أحرص علي الشئون الإنسانية من غيره. بينما ترى المعارضة أن الوضع الحالى يصب فى مصلحة النظام، وأخيرًا يظل المدنيون هم الضحية الأولى لهذا الصراع، خاصة فى ظل هذه الظروف المناخية القاسية، وتراجع الإمدادات الغذائية والطبية ومعسكرات الإقامة.