الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

"البوابة" في مغامرة داخل "صيدليات الكيف" بالشرقية

يقودها عدد من "معدومي الضمير"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ «التامول» بـ 100 جنيه والبيع «عينى عينك»
■ «نور الإسلام» تبيع «القرص» بـ 10 جنيهات.. و«الصيدلي»: «بنقدم عرض خاص.. الاتنين بـ 15»
■ «فتحات ضيقة» بباب كل صيدلية للبيع.. وغالبية المشترين «مراهقون» و«سواقين نقل»

يرفع بعض الصيادلة «معدومى الضمير» بمحافظة الشرقية شعار «إن لم تستح فافعل ما شئت»، ويسعون لتحقيق أكبر ربح مادى ممكن، على حساب صحة الشباب، وشرف المهنة، والنقابة التى ينتمون إليها. يتخذون من بيع «الأقراص المخدرة»، الممنوع تداولها أو بيعها «سبوبة»، يتحول كل واحد منهم فيها من «صيدلي» إلى «تاجر مزاج».
أصبحت تلك «الأقراص المخدرة» تباع علنًا، و«على المكشوف»، لأى مشترٍ مهما كان سنه أو حالته الصحية، ودون التحقق من امتلاكه «روشتة طبية» لصرف تلك العقاقير، فى «تجارة حرام» يعتقد أصحابها بمشروعيتها، ويزاولونها بمهارة فائقة، وسط غياب تام لدور الرقابة بمديرية الصحة، وأجهزة الشرطة.
«البوابة» قررت خوض «مغامرة صحفية» داخل «صيدليات المزاج»، التى حولها أصحابها إلى «أوكار بيع برشام»، وتحديدًا فى مدينة «الإبراهيمية» التى يزداد إقبال نسبة كبيرة من شبابها على شراء تلك الأقراص.
«دولاب برشام»
البداية كانت بورود معلومات عن قيام عدد من الصيدليات بمدينة «الإبراهيمية» ببيع أقراص مخدرة «خارج الاستخدام والاستشارة الطبية»، بدءًا من «تامول XXX»، الذى يصل سعر الشريط الواحد منه إلى ١٠٠ جنيه، يليه أنواع أخرى تتراوح أسعارها ما بين ١٥ إلى ٢٠ جنيهًا، وأهمها: «الترامادول، أمادول، ألترادول، تراماجاك، اكناتون، كوجايتين، أبتريل، أوماتريل»، إلى جانب «ريهبانول» المعروف باسم «أبو صليبة»، و«تراما إس أر»، المعروف بـ «حبوب الصراصير».
وفى تمام الثانية بعد منتصف الليل، وبعد التأكد من صحة تلك المعلومات، تجولنا فى شوارع «الإبراهيمية» بحثًا عن مصدر تلك السموم، وترددنا على عدد من الصيدليات، معظمها كان مغلقًا، والبعض الآخر نفذت من عنده تلك الأقراص، ولم تنكر وجودها، وصولًا إلى «ميدان الصاغة» الذى يقع على بعد ٣٠٠ متر من مركز الشرطة، بالطريق المؤدى لمدينة «ديرب نجم».
فى تلك المنطقة بالتحديد، شد انتباهنا صيدلية تحمل اسم «نور الإسلام»، شككنا فى أمرها، بعد مشاهدة مجموعة من المراهقين، وسائقى شاحنات النقل، ينتظرون أمامها، ويتجولون حولها، ويبدو عليهم الارتباك، لأفاجأ بوجود مجموعة من «الفتحات الضيقة» بباب حديدي، يتم البيع من خلالها، ويتم إغلاق الباب بـ«جنزير» بعد الانتهاء، خوفًا من إثارة الشكوك، وتحسبًا لإمكانية هجوم «المدمنين» عليه. اتجهنا ناحية «الوكر»، وشغلنا الكاميرا على وضع الفيديو، لتسجيل حديثى مع «الصيدلي» المسئول عنه «صوت وصورة»، من خلال الفتحات الحديدية بالباب «خلسة» دون أن يعلم، طلبنا منه «قرص تامول»، فنظر ثم رد: «١٠ جنيه»، أعطيناه النقود، فذهب للداخل، وعاد بـ«القرص المخدر».
حاولنا استدراج «الصيدلي» للحديث عن أسعار العقاقير المخدرة، فطلبنا منه الحصول على قرص ثانٍ، وسألناه: «ينفع ناخد الاتنين بـ ١٥ جنيه»، فرد: « لا مينفعش ده كان عرض وخلص!»، وأضاف: «فى حباية تخينة نفس النوع سعرها رخيص ٨ جنيه، بس المادة الفعالة بتاعتها مش قوية. واللى معاك أحسن».
بعدها جاء «زبون» ثانٍ، وكان صبيًا عمره حوالى ١٥ عامًا، للحصول على قرصين، وبعد أن اشتراها لحقنا به، وعرضنا أن يعطينا المخدر الذى اشتراه، مقابل ١٥ جنيهًا فى القرص الواحد، فوافق وأخذ النقود وذهب دون عودة لـ «تاجر السموم» مرة أخرى.
بطاقة للبيع القانوني
من جانبه، قال الدكتور عصام أبو الفتوح، نقيب الصيادلة بمحافظة الشرقية، إن تلك العقاقير ممنوع تداولها إلا بـ«روشتة طبيب مختومة بختم أحمر مربع»، وصورة من بطاقة تحقيق شخصية المريض، ويتم تسجيل تلك الإجراءات بالتاريخ والساعة فى دفتر خاص بالصيدلية، مضيفًا: «حال مخالفة تلك البنود، يتم شطب الصيدلى من كشف النقابة، ويصدر ضده قرار غلق إدارى للصيدلية، وإحالة مديرها للجنة تأديب بالشئون القانونية». وأشار إلى وجود نشرات دورية، تصدر من مديرية الصحة كل فترة، لإخطار الصيادلة بالأدوية المصرح بها، والممنوع تداولها، مؤكدًا أن الصيادلة الذين يبيعون تلك العقاقير بشكل مخالف للقانون، لا يتجاوز عددهم، ٥ آلاف صيدلي، وهو ما يتم السيطرة عليه من خلال التفتيش الصيدلي، وإيقافهم عن ممارسة المهنة. وأضاف: «الصيادلة ليسوا وحدهم المسئولين عن انتشار تلك الظاهرة السلبية، خاصة أن تلك العقاقير تباع حاليًا فى السوق السوداء، ومعظمها يدخل مصر عن طريق منافذ غير شرعية».
وحذر «أبو الفتوح» من احتواء تلك العقاقير على مواد سامة، واستعمالها لابد أن يكون لدواعٍ مرضية، تحت إشراف الطبيب، ولها أعراض جانبية، وتصيب متعاطيها بانهيار كامل فى الوظائف الطبيعية للجسم، وإنزيمات الكبد والجهاز العصبى المركزي، حتى يصبح المتعاطى غير قادر على التعامل مع الناس فى المجتمع.
الأمن: «كله تحت السيطرة»
من جهتها، أكدت مصادر أمنية بالمحافظة، أن كل الصيدليات ومخازنها ومستودعاتها، بالمدن والمراكز، تحت المراقبة، وذلك لضبط عملية تداول الدواء، ومدى صلاحيته، ومطابقته للمواصفات القياسية من عدمه، مضيفة: «نشن حملات أمنية، بالتنسيق مع نقابة الصيادلة، لضبط تلك المخالفات، وتحريز الأدوية غير المطابقة ومنتهية الصلاحية، وتحرير محاضر لها فى أقسام ومراكز الشرطة التى تتبع دائرتها، وإحالة مديريها للنيابة العامة».
فى بيتنا «مدمن عقاقير»
تروى الحاجة «زينب. م . أ»، ٦٠ عامًا، تجربة نجلها «م»، مع إدمان الأقراص المخدرة، مشيرة إلى أنه يبلغ ٣٤ عامًا، وكان يعمل موظفًا بإحدى شركات القطاع الخاص، وقالت: «حياته أصبحت مدمرة تمامًا بسبب الأقراص المخدرة التى يتعاطاها منذ أن كان عمره ١٥ عامًا.. ترك بعدها وظيفته، وانفصلت عنه زوجته، وتشرد طفله».
وأشارت إلى أن نجلها كثرت مشاجراته مع أهالى المنطقة التى يقطنها، وجيرانه، وظهرت عليه علامات الإدمان، وأصبح «لصًا» و«عبدًا للكيف»، يسرق المال، ويبيع أثاث المنزل ليشترى بثمنه تلك الأقراص، مضيفًا: «بتمنى الموت لابنى عشان يرتاح من العذاب اللى عايش فيه.. حسبى الله ونعم الوكيل فى بتوع البرشام اللى حرقوا قلبى على ابنى فى عز شبابه».
أما «عبدالرحمن. س»، ٢٣ عامًا، فيقول إنه عاش تجربة مريرة مع شقيقه «ع»، ٢٨ عامًا، حاصل على ليسانس حقوق، بعدما بدأت أسرته ملاحظة تغيرات فى مظهره وأخلاقه وأسلوب تعامله وحديثه معهم، مضيفًا: «أصبح دائم السهر مع أصدقائه خارج المنزل، ويجلس منعزلًا عنهم فى حجرته لفترات طويلة، موصدًا بابها، ليمنع أى أحد من الدخول عليه»، إلى جانب مشاجرته مع والدته وإجبارها على منحه مصوغاتها الذهبية.