الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"رأس الحسين" بلا مريدين.. الدولة غابت و"القصبي" انشغل بالبرلمان

ضريح الإمام الحسين
ضريح الإمام الحسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو المشهد مختلفًا تمامًا تلك المرة، وحدهم الذين لم يعبئوا بأى تغيير، الثابت الوحيد فى مشهد استبدل تمامًا، جاءوا من كل حدب وصوب، بجلابيبهم الرثة المرهقة من آثار الطريق، ووجوههم المتعبة، وعيونهم المتشوقة لوصال الأحبة، وأيديهم التى تتشوق تجاعيدها إلى لمس ذلك المقام، عل لمسة تشفع فى حبك «يا حسين».
توافد أبناء الطرق الصوفية على الليلة الختامية لذكرى استقرار رأس الحسين فى مصر، أمس الثلاثاء، ووصل أعداد المشاركين إلى مئات الآلاف، معظمهم من أبناء الأقاليم، فى مشهد احتفالى، أحيا ليلتها المنشد محمود التهامى، نقيب المنشدين، فيما من المقرر أن يحيى الليلة اليتيمة اليوم الشيخ ياسين التهامى.
وشهد المولد حالة من الإهمال سواء من قبل كل من المشيخة العامة للطرق الصوفية، ووزارة الأوقاف، بدأ بعدم إقامة المشيخة العامة سرادقها بالمولد كم جرت العادة كل عام، وهو السرادق الذى يستضيف الطرق الصوفية كل ليلة، لتحيى فيه الاحتفال فى حضور أبنائها وشيخها، ويقيم فيه شيخ المشايخ المؤتمر العام والذى يحضره غالبًا قيادات دينية من وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، وحضره العام الماضى كل من الدكتور أحمدالطيب، شيخ الأزهر، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بأنفسهم، إلا أن غياب الدكتور عبد الهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، الذى أصبح عضوًا فى البرلمان، وانشغل بمهامه فيه عن مهامه كشيخ مشايخ، جعلت المولد يخرج باهتًا، لم يحضره سوى المحبين، فى ظل غياب الدولة. فيما أرجع البعض غياب الدولة عن دعم مولد الحسين ذلك العام إلى فقدان الأمل الذى كان منعقدًا عليهم العام الماضى فى تجديد الخطاب الدينى، ومواجهة التطرف.
فيما شكا أبناء الطرق الصوفية لـ«البوابة» من تعامل موظفى المحافظة معهم، سواء بمنعهم من إقامة السرادقات فى أماكن معينة، أو بمواجهة الباعة ومصادرة بضائعهم، وقال عبد المنعم حشاد، أحد أبناء الطريقة الرفاعية: «دول بايعين غلابة بيستنوا الموالد عشان يسترزقوا ليه تتصادر بضاعتهم»، مشيرًا إلى قيام موظفى الحى بمصادرة شوال حمص لأحد الباعة، وطالبوه بـ٢٠٠٠ جنيه لاسترداده، فرد عليهم « الشوال كله ميستهلش ٢٠٠٠ خدوه».
وفيما يتعلق بالطرق الصوفية المشاركة فى الاحتفال تمثلت فى الطريقة الرفاعية، والأحمدية المرازقة، الحامدية الشاذلية، الشرنوبية، الهاشمية، والسعدية.
لمن الحسين اليوم؟
ولد الإمام الحسين فى الثالث من شعبان بالمدينة المنورة سنة أربع من الهجرة، بعد نحو عام من ولادة أخيه الحسن رضى الله عنه، فعاش مع جده المصطفى ما يزيد على الست سنوات، وقد استشهد الإمام الحسين وله من العمر سبعة وخمسون عامًا، فى يوم الجمعة أو السبت الموافق العاشر من المحرَّم فى موقعة كربَلاء بالعراق، عام واحد وستين من الهجرة.
ويحتفل المصريون تلك الأيام باستقرار رأس الحسين فى مصر، حيث وصل الرأس الشريف للإمام الحسين إلى القاهرة فى عام ٥٤٩ هجريًا، بعد أن نقل من عسقلان حيث كان مدفونًا هناك، إلى القاهرة، فبعد موقعة كربلاء عام٦١ هـ حيث استشهد الإمام الحسين سيد الشهداء وأهل بيته، اجتز شمر بن ذى الجوشن - عليه لعائن الله - رأس الإمام الحسين وذهب به إلى يزيد بن معاوية فى الشام لينال مكافأته بولاية إحدى المدن، الإسلامية، فأمعن يزيد فى فحشه وعلق الرأس الشريف للإمام الحسين على،أبواب دمشق ليزيد الناس إرهابًا، وبعدها يظل الرأس بخزائن السلام بدمشق، بعد وفاته لتنقل ويستقر كما ذكر المؤرخون بعسقلان لمدة خمسة قرون.
المتاجرون بحب آل البيت
تضع موالد آل البيت الكثير من المحبين والعاشقين لهم محل أطماع العديد من الجهات التى تبحث عن التربح من تلك المناسبات الدينية التى يتوافد عليها ملايين البشر من شتى أقطار الوطن العربى، حيث باتت الخدمات المقامة وسيلة للتربح السريع بأسعار تتخطى الأربعة آلاف جنيه كحد أدنى.
إحدى المريديات من الصوفية قالت لـ«البوابة» إن معاناتها كامرأة تتمثل فى عدم السماح لها بالحصول على إجازة من قبل المشيخة العامة، لكنها هذا العام فوجئت بإقامة خدمة لإحدى السيدات مقامة بساحة الإمام الحسين، وبسؤالها قالت إنها قامت بدفع أربعة آلاف جنيه من أجل إقامة تلك الخيمة. بينما كشف البعض عن وجود جهات كثيرة تقف وراء ارتفاع أسعار الخدمات من ضمنها تدخل الأحياء والمشيخة العامة للطرق، فى ظل غياب دور وزارة الأوقاف عن حماية المسجد أو تقنين تلك السرادقات والخدمات التى تقام على جنبات المسجد أو أسفله على غرار ما يحدث فى ساحة الإمام على زين العابدين.
بينما اشتكى المريدون من ارتفاع الإيجارات بالشقق المحيطة بمنطقة الحسين والدراسة إلى الحد الذى بلغ ألفى جنيه كحد أدنى خلال أسبوعى المولد، استغلال لحالة الصقيع التى تمر بها البلاد، الأمر الذى جعل أغلب المريدين يفترشون الطرقات المؤدية إلى ساحة مسجد الإمام الحسين، مطالبين رئيس المجلس الأعلى للطرق عبد الهادى القصبى العمل بتوفير أماكن تليق باستقبالهم خلال فترة الاحتفالات.
قنابل الشيعة: إغلاق الضريح بعد العشاء
بعدما اختبر الشيعة فى مصر فاعلية إثارة أزمة مع وزارة الأوقاف المصرية، ثم البدء فى ترويجها، وتصديرها عالميًا فى إطار «المظلومية والاضطهاد»، حاول الشيعة إثارة أزمة خلال احتفالات الصوفية باستقرار رأس الحسين فى مصر، على غرار أزمة إغلاق ضريح الحسين ومسجده فى عاشوراء، حيث هاجموا الأوقاف على إغلاق الضريح والمسجد بعد صلاة العشاء، على الرغم من أن ذلك تقليد متبع طوال العام.
ونشر طاهر الهاشمى، عضو المجمع العالمى لآل البيت، فى موقع موالٍ للشيعة، مساء أمس الأول الإثنين، خبراً يتهم فيها الوزارة بإغلاق الضريح فى وجه الزوار، قائلًا: فى السنوات السابقة لم يغلق المسجد طيلة فترة الاحتفالية، إلا أننا فوجئنا هذا العام بغلق المسجد فى وجه الزائرين، ولا نعلم هل وزارة الأوقاف قامت بهذا الفعل عداء لصاحب المناسبة، أم بغضًا لأحباب مولانا الإمام الحسين،أم أن الوهابية نخرت مفاصل هذه الوزارة؟.
وبالعودة إلى «الهاشمي» غير طريقة حديثه، موضحًا لـ«البوابة» أن الغلق لا يتم إلا بعد صلاة العشاء، وأنه يستنكر ذلك، فالأفضل أن يفتح الضريح طوال اليوم حتى يتسنى للقادمين من مسافات طويلة الزيارة، رافضًا إطلاق لفظ «تعنت» على ما قامت به الوزارة، قائلًا: لا أقول تعنتًا، بل يستحسن أن يكون مفتوحًا فى هذه الأيام طوال الوقت.
أما فيما يتعلق بسير المولد، وما إذا كان الشيعة يواجهون أى اضطهاد أو عمليات رصد من قبل سلفيين، أكد «الهاشمي» على أن المولد مؤمن بدرجة عالية.
ويذكر أن الشيعة فى مصر يحرصون على إحياء مولد الحسين، وسط الصوفية، متخلين عن شعائرهم التى يمارسونها فيما بينهم، كالحسينيات، ويكتفون بالزيارة للمسجد حتى لا يتم رصدهم.
قانون جديد للمشيخة المطلب الأول
فى رحاب الإمام لم تخل ساحات مولد الإمام الحسين من محاولات البعض تسليط الضوء على سوء إدارة شيخ المشايخ عبد الهادى القصبى وتجاهله لأزماتهم المتكررة، وذلك بعد فوزه بانتخابات مجلس النواب، حيث دشن بعض أفراد الطرق الصوفية حملة توقيعات ضخمة لسحب الثقة من القصبى، والبعض حمله لجمع التوقيعات المطالبة بتعديل قانون المشيخة العامة كى يحدد أسس اختيار رئيس المجلس وشيوخ الطرق ووكلاء المشيخة بدلًا من التعيين.
وقالوا إن هناك أزمة كبيرة تعانيها بعض المحافظات من غياب وكلاء المشيخة العامة لوفاتهم، فيما تتم ممارسة بعض الحيل من قبل بعض القائمين على المحافظات الأخرى ما يستدعى وضع أسس تكفل عملية الضبط والربط وعدم السماح بالفترات الطويلة من أجل ضمان المحاسبة، مستنكرين تعيين مشايخ الطرق دون انتخاب أو اختيار يضمن صعود الأجدر لتولى الطريقة من أجل تجديد للفكر وضمان للثقافة والوعى بمخاطر تعانيها الطرق الصوفية حاليًا من جهل بعض مشايخها بالقراءة والثقافة الصوفية الأصيلة.
وقال مصطفى زايد المنسق العام للائتلاف أن هناك ضرورة لأن يتم تعديل القانون الحالى بحيث يضمن وضع قواعد تحكم طريقة تنصيب شيوخ الطرق بعد أن أصبحت بالوراثة، مؤكدًا أن تنصيب شيوخ الطرق أصبحت بحاجة إلى وضع لجان متخصصة من علماء الأزهر كى يشرفوا على من ينصبون أنفسهم شيوخًا للطرق المختلفة دون أن تكون لهم ثقافة أو معرفة بالدين، فقط جاءوا بالوراثة.
وأكد زايد فى تصريحات خاصة بـ«البوابة» أن وكلاء المشيخة العامة هم أيضًا بحاجة إلى أن يتم وضع قواعد يتم على أساسها اختيارهم، ومحاسبتهم فيما يفعلونه من كوارث تضر بمصالح المتصوفين أنفسهم، إلى جانب الجرائم التى يرتكبونها، مشددًا أن المجلس الأعلى للطرق الصوفية بحاجة أيضًا إلى أن تكون قواعد الانتخاب به واضحة، وأن يتسع ليشمل شباب الصوفية الراغبين فى التواجد، دون الاقتصار على مشايخ الطرق الذين يضعون أنفسهم فى كل المناصب القيادية دون النظر إلى شباب الصوفية أو الدماء الجديدة الراغبة فى العمل على الارتقاء بالفكر الصوفى وتنقيحه مما يشوبه من أفكار ودسائس يعمل البعض على وضعها للنيل من التصوف.