الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

معرض القاهرة يكشف النقاب عن أزمة "الكتب".. المؤلفون يتهمون دور النشر بالتعسف.."الهواري": انعدام الرقابة ينتج عنه أعمال مبتذلة.. والناشرون: صناعة الكتاب تحتاج اهتمامًا كبيرًا

معرض القاهرة للكتاب
معرض القاهرة للكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نا في انتظار تقويم روايتي "عزيف الرمال" كى تنشر منذ شهور، وللأسف لا أتلقى أي رد على الايميلات التي أرسلها، أرجو الرد كى يتسنى لى نشر الرواية سواء بالقبول أو الرفض".

تلك كانت رسالة من الرسائل الموجهة لدار نشر وطباعة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" داخل مصر، وهي رسالة تعكس قدرا من المعاناة التي يعانيها الشباب المبدع داخل مصر الذي ينتظر أن يدخل عمله الأدبي أو الفني إلى رصيد الأعمال الإبداعية بسوق الكتاب.

ليست الرسالة الماضية هي الوحيدة من نوعها؛ وإنما يوجد بدلا منها العشرات من الرسائل التي ربما لم يصل صداها إلى المسئولين داخل مصر عن العملية الإبداعية. 

وفي ظل ذلك قررنا فتح ملف معوقات العملية الإبداعية وعملية صناعة الكتاب داخل مصر، وهو ما يثير التساؤلات ويفتح الملف كان معرض الكتاب الحالي الذي ظهرت خلاله الشكاوى من تدني مستوي وجود أعمال أدبية حديثة.. إضافة إلى وجود العديد من الأعمال الأدبية دون المستوي على حد وصفهم حاولت "البوابة نيوز" تقصي الوضع ومعرفة معوقات العمل الإبداعي وكيفية التغلب على تلك المعوقات.

ميدانيا
كانت البداية بالتوجه إلى دار من دور النشر لمعرفة القواعد العامة لإصدار الكتب ومعرفة متطلبات إنتاج عمل أدبي، وأكدت الدار أنه يتم إرسال مقدمة الكتاب ونبذة عما يوجد داخل الكتاب من مواد أدبية ويتم الرد بالموافقة من عدمه على العمل الأدبي بعد مرور شهرين، ويتكفل الدار بتكاليف الطباعة ومن ثم يتم تحديد المصاريف بعد الموافقة على الكتاب من عدمه.


تقابلنا مع أحد الشباب الضحايا الذين صدموا جراء تعرضهم لصعوبات التي تواجه نشر كتاباتهم، عبدالرحمن حبيب، روائي شاب من بين الكثر من الشباب المبدع الذي عاني من تقييد حريته الإبداعية، للاطلاع على المعوقات التي واجهته من وجهه نظره، قائلا: إنه قابل صعوبات وعراقيل شديدة وقفت أمامه قبل إصدار كتابه الذي عاني في الكثير من دور النشر قبل أن يصدره مؤخرا خلال الفترة الأخيرة.

وأضاف حبيب: أنه كتب رواية تحمل اسم "حافة التجسس" وقرر نشرها عام 2013 ولكنه فوجئ بطلب دار النشر التي توجه لها بمبلغ 5 آلاف جنيه.. إضافة إلى إلزامه بأعمال الغلاف والتصميم، وهو ما اضطره إلى تأجيل نشر كتابه، متابعًا أنه في عام 2014 حاول نشره خلال العديد من دور النشر المختلفة، مشرًا إلى أنه قام بمراسلة تلك الدور إلا أنه لم يتلق أي رد على الرغم من استعجاله لتلك الدور المختلفة ولم يرد عليه أحد كما أن هناك دور نشر أخرى أكدت له أن الكتاب لا يتناسب مع سياسة وخطة النشر نظرا لتركيز تلك الدور على نوع أدبي معين، وهو أدب الرعب رغم أنه قدم فكرة جديدة وهادفة داخل روايته، وفي النهاية نشرت له الرواية بعد عناء طويل استمر لمدة عامين كاملين.

صعوبات وعراقيل أمام الكاتب

ولفت حبيب إلى أن ما يحدث للكاتب من صعوبات تؤثر على إبداعاته الأدبية تعود أسبابها إلى تحجيم دور النشر المختلفة له ولأعماله الإبداعية، فدار النشر تفضل التعامل مع الكاتب المتمرس الذي أصدر العديد من الأعمال الأدبية في حين أنه يحدث نقيض ذلك مع الكاتب الذي ينتج عمله الأدبي الأول، نظرًا لأن الكاتب المبتدئ غير معروف في الوسط الثقافي وهو الأمر الذي يساهم في وضع عراقيل أمامه مثل تأخير إصدار الأعمال الأدبية الخاصة به وهناك دور نشر ترفض عمله لأنها تشترط وجود كتاب أو كتابين سابقين له بالسوق، مشيرا إلى وجود أسعار مبالغ بها يتم تحديدها من قبل دار النشر لتنفيذ الكتاب مثل فقد تطلب منه مبلغ مالي يعتبره بعض الكتاب كبيرا يبدأ من 2000 جنيه كحد أدنى ويتجاوز 3 و4 آلاف جنيه أحيانا.

وأكد حبيب، أنه بعد دفع التكاليف الخاصة بالكتاب يبدأ تأجيل النشر من قبل الدار فيلهث الكاتب وراء دار النشر لمعرفة أسباب التأجيل ويجد الكثير من الحجج التي من بينها أن الكتاب مازال في المطبعة أو تأخر لتعطل شحنة الورق بالميناء أو مشاكل بالطباعة والنشر أو وجود الكثير من الكتب التي تحتاج إلى النشر قبل الكتاب الخاص به، مشيرًا إلى أن هناك مشكلة كذلك في عدد التوزيع فدور النشر لا تطبع عدد مناسب من النسخ حيث يصل عدد بعض تلك النسخ إلى 200 نسخة كما انا لا توزع الكتب فتعطيه 50 أو 100 نسخة هدية والباقي يقوم الكاتب بتوزيعه بجهود ذاتية، الأمر الذي يعد أزمة من الأزمات التي تواجه الكاتب، بعد ذلك الأمر يصبح أسهل بالنسبة للكاتب عن ذي قبل.

وشدد حبيب أن الحل يتمثل في وجود رقابة من الجهات الثقافية المختلفة لوضع أسس وقواعد لمراقبة تنفيذ العقد بين دار النشر من ناحية والكاتب من ناحية أخرى، لإلزام دور النشر بتنفيذ المتفق عليه لكي لا يتحول الأمر إلى تجارة كما هو موجود حاليا. 



مطالبات لوزير الثقافة

من جانبه طالب طارق سعيد أحمد، الشاعر والكاتب الصحفي، الدكتور حلمي نمنم وزير الثقافة المصري بضرورة مراعاة الشباب المبدع وعدم تركه فريسة في يد دور النشر التي تستغل إبداعاته المختلفة، لأن تلك السياسات المتبعة تأتي في النهاية على حساب العمل الإبداعي للكاتب.


آراء أصحاب دور نشر:

حاولنا التواصل مع دار من دور النشر لمعرفة وجهة نظر صاحبها في أسباب تدني العملية الإبداعية وكيفية مواجهتها من وجهة نظره، وهل دار النشر هي المسئولة عن تدني العملية الإبداعية لدى الكاتب أم لا.

الكاتب الصحفى رحاب الدين الهواري، صاحب دار نشر، أكد أن النشر يتم عبر طريقتين، إما وزارة الثقافة وقطاعاتها المختلفة وهو ما يختار الأعمال الجيدة والتي يتم نشرها في فترة من 3 إلى 6 شهور بعد الموافقة عليها، مشيرًا إلى أن النشر يتم عن طريق وزارة الثقافة يتناسب مع الأعمال المميزة والكتاب المعروفين مسبقا والمتحققين بالفعل.

وأضاف الهواري، أن المؤلف حديث العهد بالكتابة يلجأ إلى دور النشر الخاصة والتي تحصل تكلفة النشر من 2000 إلى 5000 آلاف جنيه بالنسبة لــ"500" نسخة، مشيرًا إلى أن جميع الأعباء المادية يتحملها الكاتب كما أنه لابد من انتفاع دار النشر جراء طباعتها لتلك النسخ، لافتا إلى أن بعض المؤلفين لا يتخيل أنه سيدفع كل تلك المبالغ المادية فيصطدم بالأمر الواقع وهو الأمر الذي يجعل هناك قيود على الإبداع والتأليف داخل مصر.

وشدد الهواري على أن أصحاب دور النشر يضطرون لاتخاذ تلك الإجراءات، معللًا لأن الكتاب لم يعد له شعبية كما كان قديما في ظل العزوف عن معدلات الشراء التي كانت موجودة في السابق، إضافة إلى بطء عملية البيع للكتب وخاصة بالنسبة للشعر وهو ما يجبر دور النشر إلى التعامل بتلك الطريقة حتى لا تتحمل الخسارة.

ولفت الهواري إلى أن تحول عملية النشر والإبداع إلى تجارة ساهم في ظهور أعمال لا يمكن وصفها أنها أدبية نتيجة تدني أسلوبها وابتذال وتفاهة مضمونها، وهو ما يؤثر على القارئ وعلي المؤلف الحقيقي الذي لا يجد اهتمام لائقا به حيث تخذله صوبات البدايات وعراقيلها في طريق يريد الاستمرار به وإنتاج مواده الأدبية، مؤكدًا أن الحل يتمثل في تقنين أوضاع دور النشر داخل مصر ولاسيما أنها انتشرت في مصر بصورة كبيرة جدا بدون وجود معايير تحكم عملها، مشيرًا إلى أنه قد يدخل أكثر من شخص في إنشاء دار نشر ويبدأ بالنشر للأصدقاء وهو ما يمنع فكرة انتقاء الكتب الهادفة ويزيد من نشر الكتب غير المهمة أو الهادفة، مشددًا على ضرورة أنه يقوم اتحاد الناشرين المصري بإجبار دور النشر على الانضمام للاتحاد وعمل لجنة لتقييم الأعمال المختلفة والتي يتم نشرها.



آراء اتحاد الناشرين:

من جانبه قال عادل المصري، رئيس اتحاد الناشرين المصري، أن عملية النشر الخاصة من عدمه مساءلة شائكة تدخل فيها العديد من العناصر التي من بينها أنه قد يتصور الكاتب أنه مبدع وهو غير مبدعا وهو ما تحدده دار النشر التي تتعامل معه ويتصور هنا أن دار النشر تحاربه، لافتا إلى أنه يجب على الكاتب أن يكافح ويناضل من أجل ظهور عمله الإبداعي ولاسيما أن إنتاج عمل إبداعي أصبح مغامرة مادية إما أن تنجح وإما أن تفشل في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي يمر بها الكتاب وعدم وجود إستراتيجية وفكر يعمل على النهوض به، مشيرا إلى أن معرض الكتاب الحالي يشهد ظهور العديد من الأعمال للشبان حيث يوجد نحو ما بين 30 إلى 40 شابا جديدا وتوجد أعمالهم بالمعرض.

ولفت المصري إلى أن الكاتب المصري يواجه العديد من المشاكل التي تحتاج إلى التغلب عليها والتي من بينها مشكلة التوزيع وعدم وجود مكتبات عامة تشتري الكتب، مؤكدًا أن الوزارات مثل وزارة الشباب والرياضة لا تشتري الكتب كما أنه منذ 5 سنوات لم تكن وزارة التربية والتعليم تشتري الكتب ولكنها بدأت مؤخرا في الشراء.