الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

"أكسفورد للأعمال " تستعرض وضع مصر الاقتصادى لعام 2015

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشرت مجموعة أكسفورد للأعمال مؤخرًا مجموعة من التحليلات للوضع الاقتصادي في مصر وأكدت التحليلات أن عام 2015 قد حل على مصر حاملاً معه بوادر الاستقرار والتعافى بعد فترة عصيبة مرت بها البلاد عقب قيام الثورة، إذ سادت البلاد وقتها موجات مستمرة من الاضطرابات صاحبها تثاقل فى خطى النمو. 
وشهد الجزء الأول من العام مجموعة من التطورات المشجعة تمثلت فى استكمال مشروع توسيع قناة السويس الذى يتسم بأهميته الاستراتيجية، وتخصيص أكثر من 35 مليار دولار للاستثمارات الأجنبية المخططة، وتعميق الروابط الاقتصادية مع حلفاء البلاد من دول الخليج، والنشاط الواعد لقطاع السلع الاستهلاكية سريعة التداول.
ومن المتوقع أن يستمر الاقتصاد المصرى فى النمو بخطى ثابتة فى الأشهر القادمة وبالأخص القطاعات الرئيسية فيه مثل قطاعى التصنيع وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات اللذان من المرتقب أن يشهدان تقدمًا واعدًا.
وعلى الرغم من دواعى التفاؤل السالف ذكرها فإن الرياح لا تبدو مواتية على الصعيد العالمى حيث يعانى الاقتصاد العالمى من عدم الاستقرار الذى قد يؤدى إلى مخاطر تكبد البلاد لخسائر اقتصادية كبيرة، هذا بالإضافة إلى أنها ما زالت تواجه تحديات هيكلية على الصعيد الداخلى تتمثل فى وجود عجز مالى وعدم تزحزح معدلات الفقر والبطالة عن مستوياتها الحالية.
شهد الناتج المحلى الإجمالى لمصر، وفقًا لصندوق النقد الدولى، نموًا بنسبة 4.2% فى 2015 بالمقارنة بنسبته فى 2014 التى وصلت إلى 2.2% مما جعل 2015 أول عام تشهد فيه البلاد عودة إلى مستويات النمو التى اعتادتها قبل 2011، وأشارت تقديرات الصندوق المستقبلية إلى أنه من المتوقع أن يزيد الناتج المحلى الإجمالى للبلاد بنسبة 4.3% فى 2016 ثم يتدرج فى الزيادة ليصل إلى 5% بحلول 2019. أما النسب التى توقعها البنك الدولى فقد انخفضت قليلاً عن تلك التى توقعها الصندوق حيث توقع أن تشهد مصر نموًا بنسبة 3.8% أثناء العام المالى 2015/2016 وذلك خلافًا لتوقعاته لنفس العام فى فترة سابقة حيث قدر البنك نسبة النمو وقتها بـ 4.5%. 
ولعل أحد أبرز الومضات المضيئة التى شهدها هذا العام هو مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى الذى عقد فى مارس الماضى، إذ نجحت مصر من خلال هذا المؤتمر فى الحصول على عقود استثمار بقيمة 36.2 مليار دولار تقريبًا، فضلاً عن بعض عقود البنية التحتية، بقيمة 18.6 مليار دولار، التى سيتم بموجبها بناء محطات لتوليد الطاقة.
ومن الجدير بالذكر أن تعهدات الدعم التى حصلت عليها مصر أثناء المؤتمر وفقًا لتقارير وسائل الإعلام جاءت فى صورة مساعدات واستثمارات كان الجزء الأكبر منها مقدمًا من الدول الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجى.
وفى هذا السياق، تعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة أثناء المؤتمر بالمساهمة باستثمار قيمته 2 مليار دولار وودائع قيمتها 2 مليار دولار توضع فى البنك المركزى المصرى، فى حين وعدت المملكة العربية السعودية باستثمارات تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار وودائع قيمتها 1 مليار دولار بالبنك المركزى المصرى. أما دولة الكويت فتعهدت بالمساهمة باستثمارات قدرها 4 مليارات دولار وقدمت عمان مبلغ 500 مليون دولار يقسم بالتساوى بين الاستثمارات والمساعدات ويغطى فترة الخمس سنوات القادمة. 
وتجدر الإشارة إلى أن عروض الدعم التى تلقتها مصر من دول الخليج أثناء المؤتمر أتت عقب تعهد سابق فى 2013 بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى من جانب المملكة العربية السعودية والكويت و الإمارات العربية المتحدة بتقديم تمويل لمصر بقيمة 12 مليار دولار (فى صورة منح وودائع بالبنك المركزى ومنتجات بترولية).
وصلت قيمة القروض التى تعهدت المؤسسات المالية الدولية بتقديمها لمصر أثناء المؤتمر إلى 5.2 مليار دولار بالإضافة إلى تعهد مجلس التعاون الخليجى بتقديم مساعدات اقتصادية إضافية بقيمة 12.5 مليار دولار، ومن شأن هذه التدابير أن تسهم فى تحفيز النمو على المدى الطويل ولكن الأهم من ذلك أنها ستساعد على توفير النقد اللازم لدعم احتياطى النقد الأجنبى لمصر الآخذ فى الانخفاض.
لجأت مصر فى الأعوام التى تلت 2011 إلى الاحتياطى الخاص بها لدعم الجنيه، فى الوقت الذى انخفضت فيه نسبة تغطية الاحتياطات الرسمية للواردات لحوالى 3.4 شهر فى نهاية شهر ديسمبر.
وفى حين يبدو أن جهود البنك المركزى نجحت فى الحيلولة دون انخفاض قيمة الجنيه المصرى بمعدلات عشرية مثلما حدث فى الكثير من الأسواق الناشئة عام 2015، خسر الجنيه المصرى حوالى 9% من قيمته أمام الدولار الأمريكى على مدار العام ويرى الكثير من المحللين أنه ما زالت هناك مغالاة فى تقدير قيمة الجنيه حاليًا.
ومن ناحية أخرى ارتفع معدل التضخم ارتفاعًا طفيفًا على مدار هذه الفترة ليصل بحسب إحصائيات البنك المركزى إلى حوالى 11.11% فى ديسمبر 2015، مرتفعًا بذلك عن المعدل الذى كان سائدًا فى الفترة نفسها العام السابق والذى بلغ 10.1%.
رغم الضغوط قصيرة الأجل التى تعرضت لها البلاد ولكنها نجحت فى إدخال حزمة مذهلة من التحسينات على البنية التحتية، وهو ما يضع البلاد فى مكانة تسمح لها بالنمو على الأجل الطويل.
ولعل أبرز دليل على ما سبق هو مشروع توسيع قناة السويس الذى افتتح فى أوائل أغسطس ولم يستغرق تنفيذه سوى اثنى عشر شهرًا بتكلفة 8 مليار دولار. ويمتد مجرى قناة السويس بطول 163 كيلو متر إذ أنشأ المشروع فرعًا بطول 35 كم يمر بموازاة قناة السويس الأصلية وعمل على زيادة عمق وعرض التفريعات بطول 37 كم بهدف توسعة القناة حتى تسمح بعبور سفن أكبر حجمًا. 
وتتوقع هيئة قناة السويس المملوكة للدولة أن يسهم هذا المشروع فى زيادة عائدات القناة – وهى من أهم موارد النقد الأجنبى فى البلاد – إلى أكثر من الضعف بحيث تبلغ 13,2 مليار دولار بحلول عام 2023. 
وترجح الإحصائيات زيادة عدد السفن العابرة إلى 97 سفينة يوميًا فى المتوسط بعدما كانت 49 سفينة فقط قبل إنشاء محور قناة السويس الجديدة. ومع ذلك تظل هناك احتمالية بأن تكون تلك التوقعات الصادرة عن الهيئة متفائلة نوعًا إذا ظلت التجارة العالمية تخطو نحو النمو بالخطى المتثاقلة ذاتها.
علاوة على ما سبق فإن مؤشر البلطيق للشحن الجاف، والذى يقيس أسعار شحن البضائع حول العالم ويعد مؤشرًا لمعدل نمو التجارة العالمى، تراجع إلى أدنى مستوى قياسى فى أوائل يناير ليبلغ 468 نقطة فحسب.
ومع ذلك فإن هذا لا ينفى أن القناة ستلعب دورًا بالغ الأهمية فى تنمية البلاد، وذلك كمعبر رئيسى لمرور السفن فى العقود القادمة من ناحية وكعامل محفز على ظهور مناطق اقتصادية جديدة حول القناة من ناحية أخرى.
ويحتمل أن يجذب مشروع تنمية محور قناة السويس استثمارات تتراوح ما بين 68 مليار دوﻻر إلى 100 مليار دولار فى القطاعات المستهدفة كالصناعة واللوجيستيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات حتى عام 2023.
و تولى الحكومة اهتمامًا لتطوير المناطق الواقعة حول القناة فى إطار جهودها لتفعيل الأنشطة فى القطاعات الثانوية وقطاعات الخدمات وجذب الاستثمارات إليها وبالتالى توفير المزيد من فرص العمل.
وتسعى الحكومة تحديدًا إلى جذب استثمارات بحوالى 12-15 مليار جنيه مصرى (أى ما يعادل 1.5-1.9 مليار دولار) إلى المناطق المحيطة بالقناة فى محاولة منها للاستفادة بمكانتها كمركز عالمى لتوريد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال الاستعانة بمصادر خارجية وترحيل الإنتاج إلى الخارج. 
وإلى جانب أعمال التطوير المستمرة حول القناة، يحتمل أن يكون قطاع السلع الاستهلاكية سريعة التداول – وهو من القطاعات الضخمة بالبلاد – محركًا للنمو فى عام 2016 مستفيدًا فى ذلك بالزخم الناتج عن موجة الاندماجات والاستحواذات والاستثمارات التى شهدها عام 2015.
وإذا ألقينا نظرة سريعة على أهم المحطات التى مر بها القطاع خلال العام الماضى، فإننا نقع على الصفقة التى اشترت شركة «كيلوج» الأمريكية فيها حوالى 86% من أسهم شركة «بسكو مصر» فى يناير 2015 واستحواذها على "مجموعة ماس فوود" فى سبتمبر من العام نفسه باستثمارات بلغت 125 مليون دولار و50 مليون دولار على الترتيب.
وعلى صعيد آخر طرحت شركة إيديتا للصناعات الغذائية 30% من أسهمها بالبورصة المصرية فى شهر مارس مع انتهاء الفترة المحددة لتسجيل طلبات الشراء بنسبة تغطية بلغت 4.5 مرة مما يدل على تمتع المستثمرين بشهية مفتوحة.
مجموعة أكسفورد للأعمال هى شركة عالمية متخصصة فى النشر والأبحاث والاستشارات وتقوم بنشر استخبارات اقتصادية عن الأسواق بالشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى. وتقدم المجموعة من خلال منتجاتها المطبوعة والإلكترونية تحليلاً مفصلاً ودقيقاً للاقتصاد الكلى والتطويرات القطاعية بما يشمل قطاعات الأعمال المصرفية وأسواق المال والتأمين والطاقة والنقل والصناعة والاتصالات.