الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أوكازيون خطف الأطفال.. الطفل بألف جنيه.. "قبائل الهنجرانية" يسرقونهم لاستخدامهم في التسول وبيع أعضائهم.. أوكارهم معروفة بالقاهرة ومناطقهم يصعب اقتحامها.. وأهالي العائدين مُرْغَمون على الصمت

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مافيا اختطاف الأطفال وذئاب "الهنجرانية"، قضية شغلت الرأى العام والمسئولين للبحث حول أسباب خطف الأطفال والأسرار الكامنة حول عصابات الاختطاف وحقيقة "المتسولين"، حيث انتشرت خلال السنوات الماضية وخاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير مافيا اختطاف الأطفال، ومن المرجح أن يكون أحد الأسباب الرئيسية لانتشار هذه الظاهرة هو الخلل الأمني والفوضى الموجودة بمعظم مناطق الجمهورية وقد زادت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة بشكل مضطرد، وقد تبين أن أكثر من ألف طفل مختطفين من أمام منازلهم ومن أماكن عامة في جميع أنحاء الجمهورية لاستخدامهم في التسول أو بيع أعضائهم أو الإتجار أو لطلب فدية من أهلهم مقابل عودته.
البحث في قضية خطف الأطفال:
مما استدعى بحثنا المتواصل في القضية للوصول إلى الكثير من الحقائق حول هذا الموضوع كما هدفنا إلى تحريك المسؤولين واستدعائهم للنظر في هذه القضية عن كثب، حيث وجود الكثير من التفاصيل حول هذا الموضوع ورصد العديد من أغرب حالات الاختطاف في الدولة وأسبابها وأهم القضايا وأغربها وأبشعها على المستوى المحلى والدولي مما استدعانا لاستشعار الخطر المحدق والبحث المتواصل في القضية للوصول إلى أبعاد القضية وخفاياها.
تظاهرات أمام نقابة الصحفيين:
من أمام نقابة الصحفيين بدأت القصة حين تجمهر الكثير من أهالي الأطفال المخطوفين بقيادة المستشار هيثم الجندي الذي قام بتنظيم وقفة أمام النقابة لجذب اهتمام المسؤولين للبحث المباشر في القضية ومساعدة الأهالي في العثور على أبنائهم، خاصة أن معظمهم ليس عنده أي خبر عن أبنه أو ابنته المختفية ولم يتصل بهم أحد لطلب فدية أو ما شابه، مما يؤكد وجود طرق أخرى للاستفادة من هؤلاء الأطفال.
كما تباينت الأراء حول أسباب عدم رجوع الأطفال إلى أهاليهم في وقت قصير، وأسباب عدم شن حملة حكومية وأهلية شاملة للقضاء على الظاهرة وإعادة الأطفال المختطفين إلى أهاليهم سالمين وثارت تساؤلات مباشرة وعديدة من أهالي الأطفال المخطوفين حول عدم تحرك الشرطة السريع لإلقاء القبض على المتسولين واعتقالهم والتأكد من هوية أبنائهم عن طريق تحاليل ال dna للتحقق من نسبهم، لأنه إذا تحركت الشرطة في هذا الاتجاه السهل والمباشر فمن المؤكد عودة 50% على الأقل من هؤلاء الأطفال.
كما تساءل الأهالي أيضا عن بطء العدالة في توقيع العقوبة على مرتكبي الجرائم،خاصة أنه يساهم في تنامي ظاهرة خطف الأطفال.


لقاء مع أهالي الأطفال المخطوفين:
وبعد أن رأينا تجمهر الأهالي أمام نقابة الصحفيين، قمنا على الفور بالتواصل معهم وزيارة بعضهم ليحكوا قصة اختطاف أبنائهم وتفاصيل قضاياهم وما حدث معهم منذ فترة الاختطاف وحتى الآن وما قدمته لهم الحكومة من مساعدات وعلامات وجود أبنائهم على قيد الحياة أو مع متسولين. 
كما توصلنا إلى أهالي طفل عاد بعد عام ونصف من اختفائه، وهم أهل الطفل "عبدالله هاني" وقد تقابلنا معهم مرتين الأولى قبل عودة ابنهم منذ خمسة شهور والثانية بعد عودته وحكت لنا أمه قصة إختطافه كاملة في المرة الأولى كما حكى لنا والده قصة عودته في المرة الثانية.
وحكت أم عبدالله قصتها التي حدثت بمنطقة الحسين حيث قالت أنه في يوم الثالث من رمضان ساعة صلاة العشاء والتراويح وكان الطفل يعلم أن والده يصلى بمسجد الحسين. فذهب اليه بدراجته. وحينها دخلت حملة كبيرة حيث قال البعض: إن رئيس الوزراء قادم إلى المكان فقام البائعين بالإسراع ناحية أماكن محالهم وفرشهم لأبعادها عن الطريق وقامت أم عبدالله بحمل فرشها واغلاق محلها هي الأخرى. 
وبعد أن انتهت الحملة وعاد كل شيء إلى طبيعته بدأت بالبحث عن ابنها، ولكن دون جدوى وظل البحث متواصلا طوال الليل وحتى حل الصباح ولكن هيهات لم يجدوا أي أثر له وعندما حل الصباح وجدوا دراجة الطفل داخل مسجد الحسين فسأل والده عامل حفظ الأحذية عن الشخص الذي أحضر تلك الدراجة إلى المسجد فقال لهم أن هاتين السيدتين كانتا تتشاجران فيما بينهما عن التي تأخذها وكانت السيدتين تجلسان أمام باب المسجد. فقامت عناصر من الشرطة المتواجدة بالمكان بالقبض عليهما فاعترفت أحداهما أنها باعته بمئتي جنيه وعباءة وذكرت أنها لازال لها سبعمائة جنيه لم تتسلمهم ولم تذكر أي شيء عن الطفل ولا عن السيدة التي باعته لها مستندة في ذلك عن عدم معرفتها بها ولا ببلدها ولا اسمها.
وبعد أن عاد الطفل ذكرت والدته في تصريحات عبر قنوات الحياة والنهار والسي بي سي أن إبنها لم يكن مخطوفا وأنه كان موجودا عند "ناس طيبين" في حين تقابلت البوابة نيوز مع والده الذي أكد واقعة خطف ابنه.
وتضارب تلك التصريحات بين الزوجين يؤكد وجود خيوط أخرى مفقودة ربما تكشف الأيام المقبلة عن وجود مافيا لخطف الأطفال وتهديدات الأسر.
وبعدها ولتوضيح الصورة وإظهار الحقيقة، توجهنا إلى أهالي أطفال مخطوفين أخرين لبيان زوايا أخرى للموضوع، حيث قالت والدة الطفل محمد الباز: إن ابنها تم اختطافه من أمام منزله في الساعة السابعة صباحا منذ خمسة شهور ولم يتصل بهم أي أحد ليطلب فدية أو أي شيء وما يثير العجب في هذه القضية أنه تم حفظ محضر التغيب وتوقفت جميع التحريات.
وفى واقعة أخرى قالت والدة الطفل يوسف العدوى القاطنة بمنطقة فيصل: إن ابنها كان معتادا أن ينزل ليشترى بعض الأشياء من تحت المنزل ولكنه تأخر ولم يعد للمنزل فنزلت والدته للبحث عنه، ولكنها لم ترى أي أثر له حتى دلها أحد المارة أن امرأة منتقبة أخذته في توك توك وتحركت بعيدا فذهبت الأم مسرعة إلى سائقى التوك توك في الميدان حيث أظهرت لهم صورة الطفل وحينها قال سائق منهم أنه ركب معه فعلا مع سيدة منتقبة وذهب بهم إلى المكان الذي أوصلها له في مساكن الشروق وطلبت معاونة الشرطة للنزول بمساكن الشروق والبحث عنه، ولكنهم لم يستجيبوا لندائها وحرروا لها محضر تغيب فقط. كما ذكرت أن الاهتمام الأول يكون بأبناء المسؤولين ولا أحد يهتم بأبناء الغلابة.
وبعدها قمنا بالتوجه إلى والدى الطفل جمعة حسين المتغيب من أربعة أشهر الذي كان مع اثنين من أصدقائ يتجولون في المنطقة ولكن أصدقاءه عادوا دونه وقالوا أنهم تركوه في المترو ولم يعودوا له ولا يعلمون أي شيء عنه. وذكر والده أن رقم لا يعرفه يساومه باستمرار ويصف له طريق ابنه في عدة مناطق بالجمهورية، ولكنه يذهب ولا يجد الخاطفين ولا ابنه.
وكان والدى الطفل قد تشاجرا مع سيدة في المنطقة في إحدى المرات وهذا الرقم هدده كثيرا بها وذكرها بالمكالمة أنها سيدته ويمكن أن تفعل أي شيء به مما يجعل هذه السيدة متورطة رئيسية في الموضوع. 
كما أضافت أم الطفل "جمعة" أن هذا الرقم يتصل من عدة هواتف باستمرار ويهددهم بقتل ابنهم وبيع أعضائه وهذا الأمر تكرر كثيرا وما زال يتكرر.


أكثر حالات الاختطاف غرابة!
وفى حالة أخرى أكثر غرابة وانفرادا من نوعها يظهر الطفل "كامل" في صورة بعد اختطافه منذ أربعة سنين على كرسى متحرك وهو يبكى ويصرخ دون أن يستطيع التحرك لكن بعد الصورة لا يظهر له أي أثر من جديد مما يؤكد وجود مافيا اختطاف الأطفال لاستخدامهم بالتسول. 
وكانت ملابس الطفل قد ظهرت على أحد أسطح المتهمين في قضية خطفه وبجانبها جمجمة وبعض العظام ولكن بعد إجراء تحاليل الdna تبين أنه ليس ابنها.
وظهر الطفل كامل يرتدى جلابيه بيضاء ورأسه مربوط بشاش إضافة إلى الخرطوم في رقبته وهذا المنظر كثيرا ما رأيناه وفى مناطق عديدة سواء بمحطات المترو أو بالشوارع والأنفاق. 
ويعد الطفل "كامل" أكثر الحالات المؤكدة على أن نسبة كبيرة من المتسولين في الشوارع معهم أطفال مخطوفين ودليل قاطع على ضرورة تحرك الشرطة للقبض على جميع المتسولين وأبنائهم وإجراء تحاليل الـ dna عليهم للتأكد من هويتهم واعادة المخطوفين إلى أهاليهم.
لقاء متسولة:
وبعد أن رأينا هذه الحالة قررنا البحث عن أحد المتسولات التي تحمل طفل أو طفلة لا تشبهها في الشكل والملامح والحديث معها عن هوية ابنها والتأكد من ذلك.
وفى أثناء جولتى داخل محطات مترو شبرا الخيمة لايجاد الهدف المنشود وجدنا طفلة صغيرة تكاد تكون لم تكمل عامها الثانى بشعر أصفر وبشرة بيضاء وحلق من الذهب في أذنيها مع سيدة منتقبة تظهر على عينيها علامات الشيخوخة بوضوح وتبيع المناديل في المحطة.
وأول ما ثار في ذهنى وجذب انتباهى هو الحلق الذهبى في أذنيها فكيف لمتسولة أن تشترى حلق من الذهب لابنتها التي لم تكمل عامها الثانى وهى تكاد لا تجد الا قوت يومها؟
فنزلت خلفها على الفور في محطة مترو سانت تريزا وسألتها "هل هذه الطفلة ابنتك" فأجابت بارتباك مبالغ فيه مع ارتعاش قدميها بشدة وفرك يديها وقالت نعم انها ابنتى ومعى خمسة بنات أخرى غيرها. 
وبعدها قامت مسرعة لتهرب من باقى الأسئلة ونادت بصوت عالى في المحطة على أصحابها فجاء لها أكثر من ثلاثة شباب متسولين على الفور وحينها تركتها وذهبت بعيدا.
وهذا دليل قاطع آخر على وجود مافيا وعصابات التسول واختطاف الأطفال في أي وقت وأى مكان وبأى طريقة، والمؤكد هذا أيضا تعدد طرق خطف الأطفال المذكورين أعلاه.
وبعد أن تبيننا طرق الخطف المختلفة وأبشع حالات خطف الأطفال واستخدامهم بالتسول بدئنا بالتواصل مع الخبراء لبيان وجهات نظرهم المختلفة وارائهم حول هذا الملف الخطير الذي لا يفتح بتوسع الا على فترات متباعدة.
آراء الخبراء في القضية وقضية قبائل الهنجرانية:
تقابلنا باللواء اللواء محمد نور، الخبير الأمنى حيث قال أن لهذه الظاهرة عدة أسباب لأنتشارها حيث أن إهمال الأمهات يعتبر سببا من الأسباب المؤدية لهذه الظاهرة وثانيا العشوائيات المنتشرة بشدة في مناطق كثيرة بالجمهورية وثالثا "قبائل الهنجرانية" التي ظهرت بكثرة في القاهرة في الوقت الحالى وتعتبر هذه القبائل من أكثر القبائل المتسببة في حالات الاختطاف.
وأكمل "نور" حديثه حيث قال: إن هذه المجموعات الثلاث هي من أهم المسببات الرئيسية لانتشار لظاهرة وبدأ كلامه عن قبائل الهنجرانية، حيث قال إن هذه القبائل هي قبائل لا يعرف أحد أصولها الحقيقية ولكن من المرجح أنها قبائل عربية دخلت عن طريق سيناء وبدأت أعمالها في مصر عن طريق محافظة الشرقية.
وهم قبائل يعتبرون البنت ثروة فهي تجني الأموال من النشل، أما الولد فكل دوره هو مساعدة الفتاة بشكل بسيط جدًا في عملها؛ فقد يكون دوره المراقبة أو الاستطلاع أو قيادة السيارات التي تستخدم في عمليات السرقة، والفتاة التي ترفض العمل في النشل أو السرقة تكون منبوذة، وقد يُحكم عليها بالقتل من أهل القبيلة، وهذا ما يحدث أيضًا معها إذا أصرّت على الزواج من خارج القبيلة.
كما نوه إلى ضرورة توعية المواطنين عن طريق وسائل الإعلام عن خطورة هذه القبائل وأنهم يجب أن يحافظوا على أولادهم ولا يتركونهم للخاطفين وأن يبلغوا الداخلية بصورة طفلهم وشكله إذا حدث الاختطاف ليستطيعوا التصرف في الواقعة بسرعة قبل أن يخرج عن المنطقة الموجود فيها.
وقال أحمد مصيلحى، محامى في الائتلاف المصرى لحقوق الطفل أن صفحات عرض الأطفال المخطوفين وصورهم زادت بشدة في الآونة الأخيرة وهذا يدل على تقاعس الأجهزة المعنية عن أداء أعمالها بالشكل المطلوب حيث أنه من المفترض أن تقوم الأجهزة المعنية بالاهتمام بأهالي الأطفال ومحاولة عودة كل طفل إلى أهله ومحاسبة الخاطفين جنائيا حتى لا تتزايد هذه الحوادث أكثر فأكثر مع الوقت.
ومن الواضح أن مهنة التسول أصبحت مهنة قومية ورسمية وأكثر سهولة من غيرها في هذا الوقت حيث أن المتسول يمكن أن يحصل على مبلغ كبير من المال في اليوم يصل في بعض الأحيان إلى ستمائة وسبعمائة جنيه فيجب أن يساعد المجتمع بنفسه في الحد من هذه الظاهرة وألا يعطى الصدقة الا لمن يستحقها ويفضل ألا يعطيها الا لمن يعرف حالته المادية جيدا.
كما قالت أمل جودة، عضو ائتلاف حقوق الطفل إن الخطف يعتبر ظاهرة أمنية بالدرجة الأولى والأنفلات الأمنى هو السبب الرئيسى لانتشارها. وهذا لا يمنع أن يكون هناك عدة أسباب أخرى لأنتشار الظاهرة حيث إن الظاهرة انتشرت منذ ظهرت جماعات الهنجرانية في القاهرة وهم جماعات يعتمدون على السرقة وخطف الأطفال كأسلوب للحياة وغالبا ما يستخدمون الأطفال للتسول فقط ولم تنتشر حتى الآن حالات بيع أعضاء كثيرة. 
كما أن الجهات الأمنية تعرف أماكن أوكارهم واختبائهم فيجب على الجهات المعنية أن تزيد عمليات المداهمة عليهم لحل هذه المشكلة وهذه الظاهرة والقبض عليهم جميعا والقائهم في السجون.
ومن جانبه قال المستشار هيثم الجندى، المستشار القانونى والمسئول عن ملف الأطفال المخطوفين في مصر أن في معظم الأحيان السيدات اللائي يقمن باختطاف الرضّع (أو الأطفال الصغار الآخرين) إلى قيامهن بتربيتهم وكأنهم أبناؤهن. وغالبًا ما تكون تلك السيدات غير قادرات على إنجاب أطفال، أو تعرضوا للإجهاض، ويرغبن في إشباع حاجتهم النفسية الناقصة عن طريق اختطاف الأطفال بدلًا من تبنيهم.
أما الأطفال اذين تتراوح أعمارهم بين السنة والأربع سنين غالبا ما يكون اختطافهم للتسول ويمكن أن يقوم الجانى باختطاف الطفل بنية الانتظار لحين الإعلان عن المكافأة، ثم يقوم بإرجاعها والحصول على المال. وهذا أسلوب يفضله بعض خاطفي الأطفال بغرض الحصول على فدية.
مضيفا أنه لم ولن يتوانى عن مساعدة أي من أهالي الأطفال المخطوفين لحين عودة أبنائهم اليهم سالمين واستند في ذلك إلى عدد الوقفات التي نظمها أمام نقابة الصحفيين والندوات التي عقدها مع عدد كبير من أهالي الأطفال المخطوفين والتي دعا بها الكثير من وسائل الإعلام للحضور واظهار المأساة التي يعانونها للوصول إلى أبنائهم.
كما نوه إلى أنه يستعد لفتح برنامج جديد على فضائية ليعرض فيه مشاكل جميع أهالي الأطفال المخطوفين ومقابلة الخبراء والمسئولين لحل المشكلة والمساعدة في ايجاد الأطفال.