رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأعمال الفردية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هناك فرق بين خطأ يرتكبه شخص عادى وخطأ يرتكبه شخص مسئول، وفرق بين جريمة يرتكبها شخص عادى وجريمة يرتكبها مسئول، فإذا كان مرتكب الجريمة مسئولًا عن مكافحة الجريمة فهذا أمر خطير جدا.
لذلك لا يعجبنى اصطلاح أعمال فردية حين يقوم بعض رجال الشرطة بالجريمة. يمكن أن تكون كذلك إذا وقعت بين عام وعام لكن أن تحدث كل يوم فتكون جرائم منظمة، رغم أن مرتكبيها قد لايرون بعضهم أو يعرفون بعضهم البعض.
أكتب هذا الكلام بمناسبة اعتداء بعض أمناء الشرطة على الأطباء فى مستشفى المطرية ثم بنها ثم دمياط ثم محافظة من محافظات الصعيد أظن أنها سوهاج أو المنيا. لقد ارتبكت من سرعة إيقاع الحوادث، بدا الأمر أن أمناء الشرطة يعبرون عن حالة من تضخم الذات يعوضون بها إهانات لحقت بهم أو يتصورون ذلك.
للمسألة حل واحد وسريع فلا أحد يستطيع أن يهدم جهازهم ولا أن يقصى أعدادهم التى تزيد على المائة والثلاثين ألفًا لكن الحل السريع، وهو الحل فى كل الأمور، هو تطبيق القانون عليهم بدرجة أسرع من غيرهم لأنهم فى الأصل من حماة القانون أو يفترض أنهم كذلك، لو حدث ذلك مع من اعتدوا على أطباء المطرية ما كانت الأمور تطورت وأخذت أبعادًا أكبر، لكن محاولة الضغط على الأطباء للتنازل عن المحضر أو محاولة الصلح الشكلى لا تصلح فى هذه الحالات.
لو تم تطبيق القانون بسرعة على من فعلوا ذلك بمستشفى المطرية ما جرى بعد ذلك شىء فى دمياط أو بنها أو غيرهما. وتطبيق القانون لن يغضب أحدًا من بقية أمناء الشرطة إلا إذا كان قد تم حقنهم بالأفكار أن لا أحد يقف أمامهم وهم السادة، كما قيل إن أحدهم قال ذلك لضحاياه، الشرطة جهاز «هيراركى» يخضع فيه الصغير لأوامر الكبير، لكن الشرطة أو وزارة الداخلية لا تريد أن تعطى الأوامر لأحد بالكف عن الجرائم التى لن تفيد بل على العكس ستكون مثل هذه الجرائم كعب أخيل للشرطة وسببًا فى انهيارها يومًا ما بل ربما انهيار النظام كله.
أى أن انفجار الشرطة سيأتى من داخلها طالما تترك هؤلاء يرتكبون الجرائم دون حساب سريع مثل الإيقاف عن العمل حتى تنتهى التحقيقات فى النيابة هل تدرك الشرطة وأعنى بالتحديد وزارة الداخلية أنها ستكون السبب للمرة الثانية فى أزمة النظام الحاكم وغضب الشعب منه. قد تراهن على قوتها الآن وأن ثورة أخرى أمر مستحيل، لكن الفوضى ليست مستحيلة والانتقام الفردى ليس مستحيلًا والتقدم للانضمام للإرهاب ليس مستحيلًا وهذه كلها نتائج لهذه الجرائم.
هل تتصورون أن من يتم تعذيبهم فى أقسام البوليس أو السجون سيخرجون أسوياء يمشون جوار الحائط؟ قد يحدث هذا مع بعضهم لكن بعضهم أيضًا قد يلجأ للانتقام الفردى الذى ساعتها ستسمونه بالإرهاب! لماذا تكون الداخلية موردًا للإرهاب وإلى متى سيكون على وزارة الداخلية حماية النظام الحاكم تحت شعار حماية الوطن، وإلى متى ستكون حماية الوطن هى فى الاعتداء أو قتل أو تعذيب مواطنيه؟ للأسف كل هذه رياح بما لا تشتهى السفن ولا تشتهى الثورة ولا تشتهى البلاد ولا أهل البلاد!
إن ما جرى فى الأيام الثلاثة التى جرت فيها هذه الاعتداءات أن بدأت حملات التشويه للطب والأطباء. لكن أخطاء الأطباء لا تختفى ولا يمنع أحد أى ضحية من اللجوء للقانون هذا ليس جديدًا ،لكن لم يحدث أن قال طبيب إننا السادة ونفعل بكم ما نريد. كل مخطئ من الأطباء يوضع فى المكان المناسب له من حيث الجريمة إذا وقعت،
والتركيز عليها إعلاميًا وبهذه الكثافة لا يعنى إلا شيئًا واحدًا وهو أن ضرب الأطباء من قبل أمناء الشرطة أمر طبيعى وعادى.
كان الأفضل أن يتم البدء قانونيًا فى حساب المعتدى من رجال الشرطة ساعتها كان يمكن القول إن ما جرى أمر عادى وفردى رغم تكراره لكن على هذا النحو، أعنى أن يصبح ضرب الأطباء أو غيرهم من قبل رجال الشرطة أمرًا طبيعيًا ويتم الدفاع عنه بمحاولة تشويه المعتدى عليه أو تلبيسه تهمًا ليست فيه فهى سياسة، وكما قلت ستصل بالبلاد إلى الهاوية.
تطبيق القانون أسرع على الخارجين عليه ممن يفترض أنهم حماته أمر أسهل من محاولة الالتفاف عليه، وهو الأمر الوحيد المفيد والحقيقى، غير ذلك لن يستمر وسيتسبب فى احتقان كبير لابد يومًا أن ينفجر.