الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عمق الخلافات بين الأطراف وراء فشل "جنيف 3" من أول جولة

كانت آخر أمل لسوريا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حقا لم يكن فشل المفاوضات مفاجئا حتى لمنسق المفاوضات ستيفان دى ميستورا الذي أعلن في تصريحات سبقت انعقاد الجولة الأولى لمفاوضات جنيف بقوله «إن المفاوضات قد تنهار في أي لحظة»، ليعيد تأكيده مجددا بإعلانه تجميد محادثات جنيف إلى ٢٥ فبراير الجارى وتعليقها بشكل مؤقت.. وهو أمر متوقع لرفض النظام السورى إقران المباحثات بمبادرات على الأرض مع انسحاب وفد المعارضة السورية من المفاوضات وإعلان عدم عودته مرة أخرى إلا بعد الالتزام بقرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، ورفع الحصار عن البلدات المحاصرة وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، والإفراج عن المعتقلين، وهو أمر محل تفاصيل تراها دمشق أنها تحتاج إلى إيضاحات كثيرة، لتبقى مفاوضات جنيف مفاوضات من أجل التفاوض وإهدار الوقت على حساب دماء السوريين.
فيما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، في تصريحات مؤخرا، أن تكثيف الضربات الجوية المفاجئة في سوريا هي التي علقت المحادثات السورية في جنيف، وأن توقف المحادثات المؤقت يعكس عمق الاختلافات بين الأطراف. 
وأكد دى ميستورا أن محادثات جنيف هي آخر أمل لسوريا والسوريين، معربا في الوقت ذاته عن الأمل في تحقيق انفراجة تخفف من معاناة الشعب السورى، بما يؤكد أن هناك حاجة لمزيد من العمل من جميع الأطراف، مؤكدا أن المجتمع الدولى ليس مستعدا لإجراء محادثات من أجل المحادثات، وهو قول مشكوك فيه، نتيجة التداخل الكبير من قبل الدول الكبرى وتأثيرها على سير المباحثات. 
وحذر دى ميستورا من أن الانهيار الكامل للمحادثات «محتمل دوما»، وأنه يجب على الجميع ضمان عدم فشله، وهو أمر صعب التحكم في أدواته ونتائجه، إلا أن إشارة دى ميستورا عقب اجتماعه بالهيئة العليا للمفاوضات التي أعلنت انسحابها من المفاوضات وعدم العودة، قال إنه اقترح بشكل مفاجئ «وقفا مؤقتا للنار» في مواجهة رفض وفد النظام إقران المباحثات بمبادرات على الأرض، فيما وصف مراقبون ومفاوضون أن الجولة الأولى أقرب إلى المشاورات منها إلى عملية تفاوض حقيقية.
وحول دعوات جديدة للجولة المقبلة من جنيف أفادت مصادر في الأمم المتحدة، في تصريحات صحفية، بأن المنظمة الدولية لا تعتزم إدخال تعديلات على دعوات الجولة المقبلة من المحادثات التي من المتوقع أن تبدأ في ٢٥ فبراير الجارى. وقال رمزى عز الدين رمزى، نائب مبعوث الأمم المتحدة لسوريا: «لن تكون هناك دعوات أخرى.. ولن تصدر دعوات جديدة في قالب مختلف».
واعتبر رئيس الوفد السورى محادثات جنيف بشار الجعفرى أن عودة المفاوضات بين أطراف النظام والمعارضة السورية بمختلف مكوناتها في ٢٥ فبراير الجارى ليس موعدا مقدسا، وأن تحديد تاريخ العودة إلى المحادثات قرار يعود إلى الدول المعنية، محملا في الوقت ذاته فشل الجولة الأولى من المحادثات لمن سماهم «مشغلى جماعة الرياض»، كما أعاد فشل الجولة إلى سوء الإعداد من الأمم المتحدة، إضافة إلى القضايا الإجرائية التي نسفت وعرقلت الجولة الأولى، وفقا لتصريحات الجعفرى مع «بى بى سى».
وأكد الجعفرى استمرار العمليات العسكرية للقوات الحكومية ضد الإرهاب، مشيرا إلى استمرار الجيش في عملياته بغض النظر عن مسار جنيف، متجاهلا في الوقت ذاته مطالبة المبعوث الدولى دى ميستورا خلال المباحثات «بوقف مؤقت للنار»، وهو الأمر الذي رفضه وفد النظام، انطلاقا من قناعة دمشق بأن الأولوية في تلك المباحثات هي محاربة الإرهاب بالتعاون والدعم الروسى.. وهو ما رفضته المعارضة في التفاوض، فيما يكثف الجانب الروسى من وتيرة الغارات بشكل غير مسبوق، حيث بلغ عدد الغارات ٢١٠ غارات خلال ٥ ساعات فقط، بهدف دفع المعارضة نحو الانسحاب من المفاوضات، وتحميلها ثانيا مسئولية فشل مفاوضات جنيف. 
وذكرت العديد من التقارير الصحفية أن الموفد الدولى دى ميستورا حمل إلى المعارضة سؤالين وجههما رئيس وفد النظام السورى السفير بشار الجعفرى حول من هو وفد المعارضة الذي سيفاوضه النظام؟ وهل هو وفد واحد أو اثنان أو أكثر؟
كان جواب المعارضة أن الوفد الوحيد الذي يمثل المعارضة هو الذي سمّته الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن «مؤتمر الرياض»، في إشارة إلى عدم اعتراف الهيئة بـ«قائمة موسكو»، والمتمثلة في وفد «الديمقراطيين العلمانيين» المدعومين من موسكو الذي يضم شخصيات أبرزهم قدرى جميل ورندة قسيس وهيثم مناع الذي أعلن انسحابه من المفاوضات في بداية الجولة الأولى من المفاوضات.
وردا على سؤال آخر لرئيس وفد النظام السورى على دى ميستورا، وهو لماذا لم يصدر أي بيان أو تصريح عن المعارضة يستنكر تفجيرات حى السيدة زينب قبل يومين التي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، في حين أن مجلس الأمن أصدر بيان استنكار، في حين جاءت إجابة المعارضة بأنها استنكرت التفجيرات، نافيةً في الوقت ذاته اتهام النظام لها بعدم الجدية في التفاوض، وهو ما يشير إلى طبيعة ونوعية المباحثات التي اعتزم النظام السورى الخوض فيها عبر إغراق المعارضة والمجتمع الدولى في تفاصيل المباحثات التي لن تنتج شيئا سوى التهرب من الالتزامات الدولية لتبقى المفاوضات في إطار المفاوضات فقط.
وأبلغ دليل على تفاصيل التفاصيل أن أوساط وفد النظام رأت أن تركيز المعارضة على إطلاق السجناء والمعتقلين، ورغم استعداد النظام للتجاوب في هذا المجال، فإن هذا الأمر يدفعنا إلى التذكير بأن لدى النظام مختطفين ولدى المعارضة أيضا، ويطالبون بمعتقليهم لدينا، ونحن نطالب بمختطفينا لديهم، يتحدثون عن نساء معتقلات ونحن نؤكد وجود نساء مختطفات لديهم، وحسن النية في هذا المجال يجب أن يكون متبادلا.
وكانت موسكو قد سلمت وفد النظام السورى خلال مباحثات جنيف من المعارضة قائمة بأسماء المعتقلين والمحتجزين لدى النظام، وهو ما أكده السفير الروسى في سويسرا، أليكسى بورو دافكين، الذي حضر المحادثات، أن حكومة الأسد تسلمت قائمة بأسماء محتجزين تريد المعارضة إطلاق سراحهم، معربا عن خيبة الأمل من انسحاب المعارضة السورية من المحادثات التي كان ينبغى عليها بحسب السفير الروسى الترحيب بهجوم قوات الأسد على مدينة حلب للقضاء على المتطرفين، منددا بقرار المبعوث الدولى دى ميستورا تعليق المحادثات في جنيف.
وتزامن مؤتمر المانحين لسوريا الذي بدأ أعماله في العاصمة البريطانية لندن السبت الماضى بسبب نزوح ملايين من اللاجئين السوريين لدول الجوار مع المفاوضات المتعثرة بين ممثلى الحكومة السورية والمعارضة في «جنيف ٣» التي جرى تعليقها حتى ٢٥ فبراير الجارى. أعرب دى ميستورا عن الرغبة في تحقيق السلام لدى الدول الرئيسية المعنية بالأزمة السورية بهدف التحقق، وأن نفهم بأى وتيرة ينوون مواصلة هذا المسار وبحضور مجموعة الدعم الدولية لسوريا من قادة وممثلى ٧٠ دولة من بينها الولايات المتحدة وروسيا وإيران.
يتضمن البرنامج بعدا سياسيا بهدف دعم المفاوضات السورية غير المباشرة في جنيف، ووضع الخطة لدعم «المرحلة الانتقالية» في سوريا بعد توقيع اتفاق السلام، والتأكيد على «إجراءات بناء الثقة»، لتعزيز العملية السياسية التي تتعلق أيضا بـ«حماية المدنيين» مع تخصيص جلسة من داخل سوريا بتنسيق «بريطانى- ألمانى».
ومن المتوقع أن يؤكد المؤتمر التزام المجتمع الدولى بحماية المدنيين من الأذى والحاجة إلى ممرات إنسانية وتوفير مرات إنسانية للمناطق المحاصرة.. ويبقى الهدف المباشر من المؤتمر الذي سبقه في اجتماع للجمعيات المدنية مؤخرا إلى تلبية نداء لجمع نحو تسعة بلايين دولار أميركى لمساعدة ١٨ مليون سورى بينهم ٤.٤ مليون نازح في الدول المجاورة لسوريا.
وتشير الحكومة البريطانية إلى أن جمع المساعدات المالية لن يكون كافيا في المؤتمر، بل يهدف أيضا إلى تحقيق فرص التعليم والعمل للسوريين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين، ووفقا لأرقام الأمم المتحدة فإن ١٣.٥ مليون شخص في سوريا بحاجة للمساعدات الإنسانية يضاف إليهم ٦.٥ مليون نزحوا من مناطقهم داخل البلاد، وإن أكثر من أربعة ملايين ونصف مليون لاجئ يعيشون في مخيمات بدول الجوار بخلاف ثمانية ملايين طفل بحاجة إلى المساعدة الإنسانية بينهم مليونان يعيشون في المخيمات.. كما تشير تقديرات أممية إلى مقتل أكثر من ربع مليون سورى جراء الحرب الدائرة.