الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أطفال الشوارع قنابل موقوتة في الشارع المصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تركهم هكذا بلا رعاية أصبح أمرًا في غاية الخطورة، فمشكلة أطفال الشوارع أصبحت معضلة بحق، يعيشون بيننا "قنابل موقوتة" تكاد تنفجر في أي لحظة في وجه الجميع، وكلنا مذنبون تجاه هذه الظاهرة الخطيرة التي وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى في أكثر من لقاء بضرورة القضاء عليها وتحويلهم إلى أطفال صالحين.
يتعرض الكثير من أطفال الشوارع للمخاطر الصحية خلال حياتهم اليومية، لأن الأغلبية منهم يفقدون الحماية، ويتعرضون للعنف بشكل يومى، والبعض منهم يتعرض للأمراض الخطيرة، ويفقد البعض الآخر حياته نتيجة للحوادث التي يتعرضون لها في الشارع.
فالعديد من أطفال الشوارع يعيشون تحت الكبارى أو في الأماكن المهجورة، أجسامهم عارية، اللهم إلا من أجزاء بسيطة رغم أننا في فصل الشتاء.
وعُرّف "طفل الشوارع" على أنه: طفل وجد نفسه بلا مأوى ولا مكان يرحب به سوى الشارع ولا آذان تستمع له و" لا يسمعه سوى اقرانه في الشارع، وهو يعمل فقط من أجل البقاء، بعد أن ترك بيت أسرته متجها إلى الشارع ليقضى لياليه بعيدًا عن قسوة للأهل أو الفقر أو الاعتداء البدنى من الأسرة، وهناك مَن فقد أسرته ووجد نفسه في الشارع.
وتعتبر حالات الطلاق سببًا رئيسيًا في انتشار هذه المشكلة، وخاصة في الأسر الفقيرة كما ذكرت الدراسات الخاصة بأطفال الشوارع، والتي أكدت أن هؤلاء الأطفال الغالبية العظمى منهم مدمنون لكل أنواع المخدرات، والسجائر والشيشة وغيرها من المواد التي يمكن أن تودى بحياتهم.
فقد اخترع هؤلاء الأطفال المشردون طريقة جديدة لتخدير نفسهم بقيام أحدهم بنقل دم عن طريق سرنجة، وحقن نفسه بها، ظنًا من أنها يمكن أن تتسبب له بحالة من عدم الاتزان، وهو أمر خطير قد يؤدى إلى الوفاة أحيانًا، هذا إضافة إلى إصابة هؤلاء الأطفال بأمراض خطيرة مثل السرطان والفشل الكلوى والكبدى والأمراض الجلدية بكل أنواعها، أضف إلى ذلك الاعتداء الجنسى على هؤلاء الأطفال واغتصابهم سواء كانوا ذكورًا أو اناثًا.
واختلفت الإحصائيات حول عدد أطفال الشوارع في مصر، المنظمات الدولية والأجنبية أكدت أن عددهم يقترب من المليون ونصف المليون طفل، وهو رقم قد يكون مبالغًا فيه، في حين ردت وزارة التضامن بأن الأعداد الحقيقية لهؤلاء الأطفال تتراوح ما بين 25 ألفًا إلى 30 ألف طفل وهو رقم هزيل جدًا، أعتقده يكون في مدينة واحدة مثل القاهرة، لكن الأهم أن الدولة ممثلة في وزارة التضامن أعلنت أكثر من مرة عن وضعها خطة للقضاء على هذه الظاهرة ورصدت ملايين الجنيهات لها، لكنها لم تفعل شيئًا.
منظمات المجتمع المدنى التي انتشرت تحت مسميات مختلفة، تدعى كلها أنها تدافع عن حقوق أطفال الشوارع، بينما هي تعمل فقط من أجل الشو الإعلامي، ومن أجل الأموال التي تتقاضاها من المنظمات الدولية، اللهم إلى بعض المنظمات الصغيرة التي تحاول أن تفعل شيئًا حقيقيا لهؤلاء الأطفال لكنها لم تستطع.
وقد أكدت بعض التقارير أن تكلفة التخلص من هذه المشكلة قد تصل إلى 15 مليون جنيه من أجل انشاء مركز لتلقى شكاوى أطفال الشوارع، ومائة مليون جنيه لإنشاء مراكز لتأهيل هؤلاء الأطفال المشردين، و150 مليون جنيه لإنشاء مستشفيات خاصة بهؤلاء الأطفال، بشرط أن يتوافر فيها قسم خاص للأمراض النفسية، يستطيع تأهيلهم هؤلاء الأطفال للعودة للمجتمع بشكل صحيح.
وتعليم هؤلاء الأطفال ومحو أميتهم يحتاج إلى ما يزيد على مائة مليون جنيه، ولكن الأهم من ذلك أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى اهتمام معنوى في المقام الأول قبل الاهتمام المادى، فقد تكون التكلفة المادية لحل هذه المشكلة كبيرة، لكنها لا تقارن بالعائد الذي ينتج عن حلها، حيث تعود على اقتصاد الدولة باعتبار هؤلاء الأطفال هم "جيل المستقبل".
فعندما نقوم بتعليمهم وتأهيلهم نفسيًا واجتماعيًا، سيكون هؤلاء الأطفال شباب المستقبل، يمكن الاعتماد عليهم، ووبذلك نكون قد تخلصنا من ظاهرة كئيبة في المجتمع قد تقلل من حوادث السرقة والانحراف والتشرد، بل إنهم يمكن أن يساعدوا الآخرين.
ولنا فيما قام به المايسترو سليم سحاب عبرة، حيث احتضن مجموعة من الأطفال الذين اطلق عليهم «أطفال بلا مأوى» وألحقهم بفرقته الموسيقية فتحولوا إلى فنانين صغار لكنهم عظماء.
فهل تعمل الدولة والمجتمع المدنى للخلاص من هذه المشكلة التي تشوه صورة مصر في الداخل والخارج؟ وفى نفس الوقت تتخلص من مشكلة إنسانية تحتاج فعلًا لعلاج؟!