الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

خدام بـ"مدارس الأحد" يجهلون تفاسير الكتاب المقدس والطقوس الأرثوذكسية

مطالبات بتطويرها بعيدًا عن «البيروقراطية الكنسية»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أطلق مجموعة من الشباب على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» بعض الصفحات والجروبات بهدف تطوير وتحديث التعليم الكنسى للأطفال، ودشن عدد منهم صفحة «ياللا نطور كنيستنا». 
وكشفت تعليقات الشباب في الصفحات و«الجروبات الفيس بوكية» أن الخدام يعانون من قلة الموارد والإمكانيات التي تمكنهم من إطلاق قدرتهم على الإبداع وتوصيل المعلومة بشكل مبسط للأطفال، كما كشفت التعليقات عن وجود حالة من الغيرة الشخصية بين قيادات مدارس الأحد والرغبة في السيطرة على مقاليد الخدمة الكنسية فيها، وطالب الشباب بتطوير وتحديث المناهج والأفكار وتدريب الخدام على التكنولوجيا لمواكبة العصر الحديث.
وطالب بعض الخدام داخل مدارس الأحد بأن يكون منصب أمين الخدمة بالانتخاب وليس بالتعيين، بحيث يكون محبوبا من كل الخدام، مشيرين إلى أن هناك بعض أمناء الخدمة في الكنائس يستغلون مناصبهم لفرض آرائهم الشخصية على حساب الرأى العام الكنسى. 
وطالبت بعض التعليقات البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بضرورة الاهتمام بمدارس الأحد التي فقدت هيبتها الكنسية على حد تعبيرهم، لدرجة أن أحد التعليقات كشف الحالة المتدهورة في بعض مدارس الأحد، وأن الخدام فيها يجهلون تفاسير الكتاب المقدس والطقوس الكنسية الأرثوذكسية. 
بدأت مدارس الأحد في الكنيسة القبطية الارثوذكسية بفكرة للأستاذ حبيب جرجس في عام ١٩٠٠ م، في كنيسة العذراء بالفجالة، فقد كان يجمع الأطفال ويقوم بتدريس قصص من الكتاب المقدس لهم، وكان يعيد كتابتها بنفسه، ولم يلبث أن انضم إليه كثيرون وامتدت خدمة مدارس الأحد إلى بعض الأقاليم، وبينما كانت تمتد وتنتشر بسرعة في القاهرة والجيزة إلا أنها في بعض القرى كانت بطيئة.
وأطلق على هذا النوع من الخدمة في البداية اسم جامعة المحبة ثم تغير إلى «جامعة أشعة يسوع» ووصل أعضاؤها من الخدام إلى ٥٠٠ عضو من الشباب الذي يبذل نفسه في الخدمة بلا مقابل، متخذين لأنفسهم نظمًا خاصة للنمو والتقدم في النعمة والحياة الروحية، ثم اتجهت جامعة أشعة حب يسوع إلى تعليم البنات الفقيرات من أبناء الشعب القبطى بالمجان.
وفى عام ١٩٠٥م خصص حبيب جرجس جزءا من نشاط «جامعة المحبة» لخدمة الشباب وتعليم طلبة المدارس الأميرية الدين المسيحى، حيث لم يكن يتم تدريسه في المدارس في ذلك الوقت، وبدأ تدريس الدين لطلبة المدارس في كنيسة الفجالة وقاعة المحبة بالدرب الإبراهيمى، وعندما اتسعت الخدمة وزاد عدد الذين يحضرون هذه الدروس قام الأستاذ حبيب جرجس بتقسيمهم إلى قسمين:
القسم الأول: يضم تلاميذ المدارس القبطية، وكان موعد اجتماعهم يوم الأحد بعد انتهاء القداس الإلهى في الكنائس، وبعد ظهر الأحد بما يناسب بعض المدارس والجمعيات القبطية، حيث كان العطلة الرسمية في هذه المدارس. 
القسم الثانى: يضم طلبة المدارس الأميرية والمدارس الأهلية وكانوا يجتمعون يوم الجمعة من كل أسبوع، وتجدر الإشارة إلى أنه أنشأ فصولًا أيضًا لتعليم البنات.
وفى عام ١٩١٨م تقرر تدريس الدين المسيحى في المدارس بفضل جهود مرقس باشا سميكة، إلا أن القرار لم ينفذ بجدية، ما دفع حبيب جرجس لمتابعة الأمر مع وزارة المعارف لتطبيق هذا القرار عمليًا حتى تم تنفيذه فعليا عام ١٩٢٧. 
وفى هذه الأثناء أصدر حبيب جرجس سلسلة كتب بعنوان «خلاصة الأصول الإيمانية في معتقدات الكنيسة القبطية» في ثلاثة أجزاء بطريقة «الكاتشيزم» أي السؤال والجواب، وتلك كانت الطريقة التي كانت تتبعها الإرساليات الأجنبية قبل ذلك، وناقشت السلسلة موضوعات عدة كالتجسد والفداء وأسرار الكنيسة والصلاة وقانون الإيمان وحياة السيد المسيح وموته وقيامته، كما تقرر تدريس الكتاب بأجزائه الثلاثة بالمدارس القبطية والأميرية فيما بعد، ويُعد الكتاب أول منهج دينى مسيحى يُدخل إلى المدارس بفضل سواعد أبناء مدارس الأحد وتركزت أهداف مجلة مدارس الأحد التي صدرت في إبريل عام ١٩٤٧ حول إصلاح الفرد والأسرة والمجتمع، حتى يجد في المجلة كل هؤلاء غذاءهم الروحى والاجتماعى والأدبي، هادفة لإيجاد مدارس مسيحية تُخرج جنودًا وخدامًا للمجتمع الإنسانى، لا مدارس هزيلة عبارة عن آلات تُخرج شبابًا جهلاء مساكين، وأن تكون الكنيسة كلها وحدة لا تنفصل. 
كتب البابا كيرلس الخامس عن مدارس الأحد في نوفمبر ١٩٠٧ مقالًا قال فيه: «من ترونهم اليوم أحداثًا هم رجال المستقبل، رجال الكنيسة، فعلموهم واعتنوا بهم وربوهم على الحق والفضيلة وازرعوا في نفوسهم أغراس البر والنعمة، اجذبوا الشبان إلى الكنيسة وعلموهم أن يذكروا خالقهم في أيام شبابهم، اعتنوا بالأولاد اليتامى وكونوا أنتم لهم آباء وأمهات لئلا يكبروا ويفسدوا ويصيروا عالة على الأمة القبطية».
واستمرت مدارس الأحد تؤدى الرسالة السامية حتى تألفت لجنة لإدارة شئونها نظرًا لاتساعها وانتشارها، وتكونت تلك اللجنة من الايجومانوس بطرس عبدالملك رئيسًا وحبيب جرجس مديرًا للتعليم وإبراهيم تكلا مفتشًا عامًا ويوسف جرجس سكرتيرًا عامًا، واتخذت من الكلية الإكليريكية بمهمشة مقرًا لها.
وفى عام ١٩٢٧ أعيد تكوين اللجنة العامة لمدارس الأحد من عشرين عضوًا كان من بينهم أربعة كهنة والباقى من العلمانيين، ووصل عدد الدروس في تلك السنة نحو تسعة آلاف درس وامتدت الفروع حتى بلغت ٨٥ فرعًا بين الوجه القبلى والبحرى والقاهرة وثلاثة بالسودان، وعقدت تلك اللجنة أول مؤتمر لها في عام ١٩٤١ حضره خمسمائة خادم من خمسين فرعا، وهدف المؤتمر إلى مواصلة السعى لتعميم مدارس الأحد وإنشاء مكتبة لكل فرع وتوحيد دروسها في جميع الفروع. وقال البابا يوساب الثانى عن مدارس الأحد: «إنها تعد من أشد العوامل في تغيير الأخلاق وتجديد الحياة الروحية، فلا نزاع في أن إحضار الأولاد الأطفال من فجر حياتهم إلى المسيح وتعويدهم على الفضيلة منذ نعومة أظافرهم أفيد بكثير للكنيسة، لذلك رأينا أن نوجه أنظاركم للعناية بمدارس الأحد حتى نستطيع بناء جيل جديد قوى في الإيمان راسخ في المبادئ». 
هكذا نشأت مدارس الأحد التي استطاعت ترسيخ مبادئها في نفوس الرعيل الأول من أبنائها، ولكن يأتى السؤال: هل مازالت مدارس الأحد تقوم بدورها بالفعل؟ وهل نجحت في تحقيق مساعى وآمال روادها الذين عانوا من أجل إنشائها أم تحتاج للإصلاح؟.

نسخة ورقية


نسخة ورقية