الأربعاء 05 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بدل السكوت لمصر لا للقوات المسلحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدل السكوت يقول الروائي العالمي جوزيه ساراماجو: “,”لا جدوى للندم إن لم يغيّر شيئًا، إن أفضل ندم هو التغيير“,” ولاشك أن الندم على تجربة ما بعد ثورة يناير 2011 يستتبع تغييرًا حقيقيًا في إدارة المرحلة الانتقالية حتى تتغير النتيجة النهائية، ولا يصل إلى الحكم فصيل فاشي، أحادي، متسلط يستولي على المصعد بعد أن يستخدمه في الصعود إلى سدة الحكم.
لا يجب ونحن نعيد كتابة دستور مصر أن ننسى أن الديمقراطية وسيلة وليست غاية، وأنها نظرية تقبل المرونة، وفكرة تحتمل التبدل والتوسع وإعادة التشكيل، وأن الغاية الكبرى هي العدالة.
إن هتلر النازي بجبروته وديكتاتوريته ووحشيته وصل إلى حكم ألمانيا عبر صناديق الانتخابات، وتحت هدير الجماهير الشعبية، ثم استولى على كل شيء ونصّب نفسه نبيًا للوطن، وضميرًا وحيدًا للشعب الألماني حتى تحوّل الجميع إلى عبيد، وحتى سقطت الدولة في الهزيمة والخراب.
أيًا كان الفصيل، وأيًا كان التيار القادم فلابد من قوة تحفظ قواعد الدولة من التعديل، وتحافظ على هوية الوطن من الطمس، وتكفل للعملية الديمقراطية الاستمرار.
وفي ظني ــ وليس كل الظن إثم ــ أن القوات المسلحة يمكن أن تلعب ذلك الدور بشرط ألا تتدخل في تفاصيل العملية السياسية، وفي تصوري أنه يمكن أن يُنص في الدستور الجديد على أن القوات المسلحة هي الحامي والضامن للنظام الجمهوري الديمقراطي، وهو ما يعني أن أحدًا مهما كانت سطوته، ومهما كان سحره، ومهما كانت فاشيته لن يكن قادرًا على احتكار كرسي الحكم أو تفصيله ليلائمه وحده أو يلائم جماعته أو حزبه فقط .
في 30 يونيو خرج الناس ألفافًا ساخطين ثائرين ضد الفاشية الدينية التي طمست هوية مصر، وسعت لإعادتها إلى القرون الوسطى، فتحركت القوات المسلحة وتحمل رجالها مخاطر وخسائر في سبيل استعادة مصر وتسليمها مرة أخرى إلى الشعب، وهو ما يعني أنها بالفعل ــ شاء من شاء وأبى من أبى ــ كانت الملاذ الأخير للشعب للتعبير عن إرادته، وتلبية أوامره، وتحقيق طموحاته.
إن بعض المتربصين والمتشككين في النوايا قد يظنون شرًا بمثل هذا الطرح، لكنني أراه واجبًا في ظل فوضى سياسية وتخبط واستخدام فج لأسلحة المال والدين والتوظيف في الانتخابات البرلمانية وغيرها من انتخابات.
ولاشك أننا عندما ننادي بنص دستوري يجعل من القوات المسلحة حصنًا للديمقراطية ودرعًا للنظام الجمهوري، فإننا لا نطالب بتمييز أو هيمنة أو وصاية لتلك المؤسسة على الدولة المصرية، ما قصدنا ذلك وما تمنيناه أبدًا، ولكننا ننشد التعبير الحقيقي عن رغبة المصريين في أن يكون لهم ملاذ آمن، مرجع أخير، حكم فصل، ضامن للوسطية والمدنية والديمقراطية.. والله أعلم.