الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نحو بنية ثقافية لاستثمار الطاقة الإيجابية للأولتراس

 الألتراس
الألتراس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حان الوقت لمقاربات ثقافية أكثر تعمقا في ظاهرة الأولتراس التي تفرض ذاتها الآن بقوة على المشهد المصرى بعد الدعوة التي وجهها مؤخرا الرئيس عبدالفتاح السيسي، لمشاركة مجموعة من الأولتراس في لجنة لبحث موضوع حادث استاد بورسعيد الذي وقع منذ أكثر من أربعة أعوام في نهاية مباراة بين فريقي الأهلي والمصري وما زالت ذكراه تدمي القلوب.
ووسط حالة من الارتياح بين المثقفين المصريين حيال تلك الدعوة الرئاسية لأولتراس النادي الأهلي وتأكيد الرئيس السيسي على أهمية الحوار مع الشباب وحرصه على مصارحة شعبه بالحقائق تتعدد معالجات الصحف ووسائل الإعلام وتتنوع الطروحات وآراء المحللين والمعلقين وأن اتفقت على أهمية مبادرة الرئيس الذي أعلن من قبل أن عام 2016 هو "عام الشباب المصري".
والأولتراس جزء من شباب مصر الذين يشكلون نصف الحاضر وكل المستقبل، فيما شدد الرئيس السيسي على ضرورة التواصل معهم على قاعدة النوايا الحسنة والإخلاص لمصالح الوطن ومن حسن الطالع أن تتوالى الأنباء الطيبة عن صعود ثلة من شباب مصر في ألعاب كرة اليد والكرة الطائرة والقوس والسهم لأولمبياد ريو دي جانيرو المزمع هذا العام وسط توقعات وآمال بأن تلحقهم ثلة أخرى في الملاكمة والمصارعة والدراجات والخماسي الحديث للمشاركة في الحدث الرياضي الأعظم الذي يقام كل 4 أعوام.
وإذ يبدو الكاتب والناقد الرياضي المرموق حسن المستكاوي حريصا على تكرار أن الجمهور ليس هو الأولتراس وأن الأولتراس مجرد جزء من جماهير كرة القدم فإنه يتمنى أيضا أن "يعود صوت الموسيقى في المدرجات وأن تتحول الملاعب إلى احتفالية خلال المباريات"، فيما يعيد للأذهان أنه بقدر تشجيعه وإعجابه بالأولتراس في بداية ظهورهم حذر من طقوسهم ومن حالات الاحتقان بين روابط الأولتراس فيما بعد.
وأوضح المستكاوي، وهو صاحب كتابات متعمقة في ظاهرة الأولتراس، أنه كان يرحب بالأولتراس عندما "يهتف ويغني هؤلاء الشباب ويحشدون الملاعب بالبهجة والحياة"، لكنه حذر من الخطر القادم عندما "زادت درجات الاحتقان وأصبحت مثل كرة نار حارقة".
وتتجلى أهمية دعوة الرئيس السيسي لمشاركة عدد من شباب أولتراس الأهلي في لجنة لبحث خبايا حادث استاد بورسعيد في أن هذا الحادث الأليم مازالت أسبابه غير معروفة على وجه الدقة واليقين ومن هنا يقول حسن المستكاوي إن أحدا لم يفهم "دوافع الجريمة" التي وقعت في الأول من فبراير عام 2012 ويتساءل:"هل كان الاحتقان سببا مباشرا أم أن الجريمة كانت مخططة ضد جمهور الأهلي لأنه هدف ثمين وسيكون لسقوطه آثاره المدوية في الدولة وتماسكها"؟!.
فهذا الكاتب والناقد الرياضي يرى أن هناك اسئلة حول ماجرى عامئذ في استاد بورسعيد لم تبحث إجاباتها بعمق فيما ينتقد صمت المجتمع قبل هذه الجريمة "وهو يرى ويتابع لعبة الكراهية والموت بين الروابط"، مستعيدا في هذا السياق عدة حوادث دالة على مدى العنف المتبادل من جانب عناصر الأولتراس بقدر ماكشفت عن سلوك غوغائي.
وخلص حسن المستكاوي للقول في طرح بجريدة الشروق القاهرية "أنا مع العدل على الجميع..أنا مع تطبيق العدل على المجرمين الذين قتلوا بقصد أو بدون قصد 74 شابا في استاد بورسعيد وعلى المجرمين الذين حرقوا وخربوا ودمروا وعلى المجرمين الذين لعبوا لعبة الحرب والموت والكراهية وصنعوا الاحتقان".
وأشاد عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للأولتراس والتي من شأنها "انتهاء مناخ الاستقطاب ووقف التوتر" بما سيؤدي "لبوار" بضاعة كثيرين يتكسبون "من استمرار اشتعال نار الاستقطاب والتوتر والعنف والإرهاب".
وفي تقدير عماد حسين أن قوى وأحزابا وجماعات كثيرة حاولت استخدام ورقة الأولتراس قبل وأثناء وبعد 25 يناير 2011 فيما يرى أنه لايمكن فهم ظاهرة الأولتراس من دون فهم مجمل ماتم في مصر منذ 25 يناير.
وبينما يمتدح الدكتور مسعد عويس الرئيس السابق لجهاز الشباب دعوة الرئيس السيسي لمشاركة شباب الأولتراس في لجنة تنظر في مجريات المآساة التي أودت بأرواح العشرات من أبناء مصر ومشجعي فريق النادي الأهلي لكرة القدم في استاد بور سعيد فإن الدكتور رفعت الضبع استاذ الإعلام الرياضي طالب في تصريحات نشرتها جريدة الأهرام بأن "يستوعب الشباب ظروف مصر في هذه المرحلة".
وقال الضبع إن مصر "تمر بظروف غاية في الحساسية" ويتربص بها أعداء النجاح والاستقرار في الداخل والخارج، الأمر الذي يستوجب الإحجام عن أية ممارسات تؤثر سلبا على استقرار الوطن، فيما أكد الدكتور أشرف صبحي مساعد وزير الشباب على أن طرح الرئيس السيسي "جعل من الضروري إعادة الصياغة والخطاب المرتبط بالشباب ليس فقط في الرياضة ولكن في كل نواحي الحياة الأخرى سواء الفنية أو الثقافية أو الاجتماعية".
فيما وصف سمير زاهر الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم طرح الرئيس أثناء مداخلة تليفزيونية "بالمفخرة التي كانت مصدر سعادة للجميع" ولفت الدكتور خالد حمودة رئيس اتحاد كرة اليد إلى أنه "لابد وأن نتكلم بلغة الشباب، كما أنه يجب عدم تجاهلهم لأنهم رقم موجود على الساحة".
وقال الكاتب عبد الله السناوي إن دعوة الرئيس السيسي للأولتراس "إيجابية تماما"، معتبرا أن "هوس الإدانة المطلقة لكل من ينتسب إلى الأولتراس جهل مدقع"، فيما طالب المهندس محمود طاهر رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي شباب الأولتراس من مشجعي النادي بالاستفادة من مبادرة الرئيس السيسي الذي تعامل بروح الأب وأن يجلس ممثلون لهم "لوضع النقاط فوق الحروف بشأن أي أمور قد تبدو غامضة في مذبحة بور سعيد".
والثقافة حاضرة بقوة في سؤال مثل "من هم هؤلاء الأولتراس" لم يعد سؤال رجل الشارع وحده وإنما يتردد أيضا في بعض المقالات التي لا يقصد أصحابها التقليل من شأن الأولتراس وإنما هم بالفعل يريدون معلومات كافية عن هذه الجماعات من المشجعين الرياضيين.
ففهم الحقائق في سياقها الثقافي العميق مسألة لاغنى عنها لرسم السياسات الناجعة وتنفيذها بنجاح بما يحقق مصالح الشعب والوطن كله ثم أن هناك قضايا مضببة عمدا من بينها ضرورة التفريق بوضوح وحسم بين دور وطني للأولتراس أثناء ثورة يناير مثلهم في ذلك مثل ملايين المصريين وبين التسييس البغيض لجماعات الأولتراس أو السماح تحت لافتات الرياضة لممارسة أدوار سياسية أو تصور البعض منهم أنهم بالفعل فوق القانون!.
ولو كان الأمر كذلك لكان أجدر بحركات الأولتراس في دول المنشأ أن تقوم بهذه الأدوار السياسية أو تتحول إلى سلطة فوق أي حساب أو مسائلة قانونية وهو مالم يحدث أبدا في تلك الدول رغم أحداث شغب أو أعمال عنف في الشوارع اقترنت بمباريات لكرة القدم لكنها لم تصل أبدا وماكان لها أن تصل لهذا الحد الخطير في مصر!.
فوقائع العنف وجدل الفضائيات وصفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت ومناوشات واشتباكات الشوارع والساحات والملاعب وقلق البيوت تقترن أحيانا بكلمة "الأولتراس" مع أن "الأولتراس" جزء أصيل بالضرورة والتعريف من الشارع المصري.
ولعل عدم فهم ثقافة الأولتراس أحد أهم الأسباب في ارتباكات اللحظة، فيما يسعى البعض عمدا "لمحاولة مأسسة الأولتراس مع أن هذا النوع من الجماعات وليد رغبة جياشة في التحرر من أية مؤسسات أو أطر رسمية أو تسلسل قيادي أو انحيازات طبقية".
وبالقدر ذاته فإنه لايجوز فهم تلك الحقائق في سياقها الثقافي على أنها تبرر للأولتراس الاعتراض غير المشروع على أي أحكام قضائية أو الاحتكام للغة العنف وقطع الطرق وترويع الآمنين وتعطيل وسائل النقل العام أو أن تتحول جماعات الأولتراس من مصدر بهجة لمصدر فزع وتهديد لشعب مصر.
فما يحدث أحيانا من عناصر منسوبة للأولتراس بعيد عن أجواء البهجة التي يشعر بها قارىء الكتاب الذي صدر بعنوان "أهلاوي" للكاتب والشاعر مؤمن المحمدي ويتناول فيه هذا النادي كقلعة للوطنية المصرية من زوايا اجتماعية وتاريخية وفنية فيما خصص فصلين كاملين لأولتراس الأهلي وأغانيهم.
والرياضة في الأصل بهجة حتى أن العديد من الكتب المبهجة مازالت تصدر في بريطانيا عن اولمبياد لندن -2012 مثل كتاب: "زمني" وهو يروى قصة بالغة الطرافة عن سيرة حياة المدرب الاسترالي تيم كيريسون الذي دخل مجال التدريب بالصدفة البحتة حتى بات من مشاهير مدربي فرق السباحة وتولى مسئولية تدريب السباحين الأولمبيين البريطانيين رغم أنه كان يبحث في بداية الطريق عن وظيفة متواضعة في لعبة الكريكيت لاالسباحة!.
ومع أن بعض الكتب والكتابات سعت بإخلاص لتناول ظاهرة الأولتراس في مصر فإن الحاجة تبدو جلية لمزيد من الكتب الأكثر عمقا على غرار مايحدث في الغرب حيث ترفد المكتبة الغربية بكتب تجمع مابين جاذبية العرض وعمق التحليل وأصالة الرؤى وواقعية المعالجات.
وفى بلد كبريطانيا تحقق كتب الرياضة مبيعات عالية مثل الكتاب الذي صدر بعنوان "هناك سماء ذهبية" يشرح المؤلف ايان ريدلى كيف غير الدوري الإنجليزى الممتاز في عقدين كرة القدم الإنجليزية، بينما لاحظ الناقد ايان موريس في سياق تناوله لهذا الكتاب بصحيفة الأوبزرفر البريطانية استدعاء المؤلف لمقولات وتساؤلات فلسفية عميقة للكاتب الشهير اوسكار وايلد من قبيل الفارق بين الثمن والقيمة.
والكتاب يمس بالفعل العصب الحساس حيث الصدام المؤرق بين تحول كرة القدم لصناعة هائلة واستثمارات وأرباح وعائدات وبين روح البراءة الأولى للعبة والجماهير التي عشقتها بعيدا عن لغة الأرقام ورائحة البورصة.
ولايمكن الفصل بين الأولتراس كظاهرة عالمية وهذا التناقض المؤلم في اللعبة الشعبية الأولى بأغلب دول العالم ومنها مصر بين براءة الحلم المجنح والواقعية الفظة للبورصة أو بين القيمة والثمن، بينما يشير هذا الكتاب لتلك الروح التجارية التي غلبت المستطيل الأخضر وكادت تحوله بالكامل لتلال وجبال من أوراق البنكنوت كأحد أسباب استفحال العنف الكروى والسلوك غير الرياضى أثناء المباريات.
وتبدو ظاهرة الأولتراس التي تتصاعد في العالم مركبة ومعقدة فهى تجمع مابين سياقات الرياضة والثقافة والسياسة فهى ظاهرة اجتماعية بقدر ماهى ظاهرة رياضية وثقافية، أما من منظور اللغة فكلمة الأولتراس لاتينية الأصل وتعنى تجاوز العادى والشىء الفائق أو الزائد عن الحد المألوف وكل ماهو فوق الوضعية المعتادة في مرحلة ما.
وفى الواقع الرياضى عرفت عناصر الأولتراس بالانتماء والولاء الشديد لفرقها الكروية وباتت أغانيها وهتافاتها الحماسية علامة تميزها وتبعث البهجة وتكسر الرتابة، غير أنها تحولت في مصر إلى مصدر متاعب وتساؤلات قلقة.
وإذا كانت روابط الأولتراس قد ظهرت في بعض الدول وخاصة بالغرب وأمريكا اللاتينية منذ عقود مبكرة في القرن العشرين فإن العالم العربى لم يعرف هذه الظاهرة إلا في السنوات الأخيرة ومع بدء الألفية الثالثة.
وفى البدء تكونت أغلب روابط الأولتراس العربية في الفضاء الافتراضى لشبكة النترنت ثم انتقلت لأرض الواقع الفعلى كمجموعات منظمة تتكاتف وتتعاون لدعم وتشجيع فرق نواديها، فيما باتت الحرية أحد مكونات ثقافة الأولتراس جنبا إلى جنب مع العمل الجماعى والميل للإبداع والابتكار في طرق التشجيع وصياغة اللافتات.
ولأنها حريصة على استقلالها وحريتها تعتمد روابط الأولتراس على تبرعات ومساهمات أعضائها دون اللجوء لأى مصادر خارجية ومن ثم يصعب التأثير من أية جهة على توجهاتها حتى لو كانت مجالس إدارات الأندية التي تشجعها هذه الروابط ناهيك عن احتوائها.
ومع ذلك فقد رأى الكاتب والناقد الرياضى حسن المستكاوى في سياق الأزمات الأخيرة للأولتراس في مصر أن الوقت قد حان لإشهار تلك الجماعات وأن يكون لكل منها مجلس إدارة، داعيا لاستغلال الطاقة الإيجابية لهؤلاء الشباب بتكليفهم بحفظ الأمن داخل الملاعب.
ولعل عشق أفراد الأولتراس للحرية كقيمة إنسانية سامية كان وراء عدم انضمامهم كروابط لأى حزب أو الانتساب لتيار سياسي بعينه رغم دورهم المشهود وتضحياتهم في غمار ثورة 25 يناير الشعبية المصرية.
ومن ثم لايمكن قبول أن يتحول إلى الأولتراس فصيل سياسي بما ينافي طبيعته الأصيلة وجوهر معانيه وهي المعاني التي اتسعت من قبل لإمكانية وصفهم بأنهم فصيل وطنى بامتياز يضحى من أجل الوطن دون انتظار لأى مكاسب سياسية وهو جزء لايتجزأ من شعب مصر ويعبر عن سجايا الشهامة والنبل والتضحية وعمق الانتماء.
ويذهب بعض الباحثين إلى أنه لايمكن فهم تطور حركة الأولتراس دون فهم السياق السياسي المصاحب معيدين للأذهان أن المتغيرات السياسية الحادة مثل انهيار الاتحاد السوفييتى في مطلع العقد الأخير من القرن الماضى وماعرف بموت الأيديولوجيا أفضت لظهور قطاعات عريضة من الشباب خارج الأطر التقليدية للمشاركة السياسية كالأحزاب، فيما توالت هذه المتغيرات الحادة مع الأزمة المالية العالمية الأخيرة كمؤشر خطير على فشل الرأسمالية بعد سقوط المنظومة الشيوعية.
وتقول الباحثة الدكتورة أمل حمادة مدرس العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن جماعات الأولتراس وهى في سمتها الغالبة "جماعات لاسياسية" تنظر لوسائل الإعلام على أنها الحليف التقليدى والطبيعى لرموز صناعة لعبة كرة القدم وتغليب الأفكار الرأسمالية في إدارتها وهو مايراه الأولتراس من أهم المثالب التي ظهرت وأثرت في اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
والأولتراس في مصر هم جزء من بنية المجتمع وتتراوح أعمار أغلبهم بين 16 و25 عاما وعرفوا بوطنيتهم المتأججة بقدر مابرهنوا دوما على حسهم الوطنى الذي يجمع مابين التشجيع الحماسى لفرقهم الرياضية والانتماء الأصيل لمصر والغيرة الحميدة على الوطن الجامع فيما تحتفظ الذاكرة المصرية وتحفظ بالأعزاز أدوارهم وقدراتهم على التنظيم والحشد في لحظات فارقة أثناء ثورة 25 يناير.
ويرى الكاتب والناقد الرياضى حسن المستكاوى أن جماعات الأولتراس باتت جزءا من صناعة كرة القدم، مؤكدا في الوقت ذاته على رفضه "لكل سلوك عنيف ومشاغب وفيه خروج على الروح الرياضية".
وقال معلقون إنه لايجوز بأى حال من الأحوال أن تفرض أية جماعة رؤاها الخاصة على المجتمع ككل بالقوة والترويع أو تتحدى القانون وأحكامه، محذرين من خطر تحويل المستطيل الأخضر لكرة القدم إلى ساحة حرب، فضلا عن الخلط غير المقبول بين الرياضة والسياسة لأنه يتنافى بالضرورة مع طبائع الأمور.
ولم تكن التعليقات في الصحافة ووسائل الإعلام محصورة في أقسام الرياضة، وإنما امتدت لتشمل معلقين تخصصوا في القضايا السياسية والثقافية بما يعكس تحول قضية الأولتراس إلى هم مجتمعى عام، فيما حذر بعض هؤلاء المعلقين من مخاطر فرض الوصاية واحتكار الحقيقة والإفراط في التعصب بما يتناقض مع جوهر الرياضة بل والأفكار النبيلة لجماعات الأولتراس في مصر والتي مناطها في نهاية المطاف هو الوطن ومصالحه العليا.
وكانت الكاتبة سكينة فؤاد ابنة بورسعيد الباسلة قد أكدت على أن "كل دماء أبنائنا غالية علينا سواء كانوا من أبناء بورسعيد أو أبناء النادي الأهلي"، مضيفة:"اثق أن أبناء النادي الأهلي كما يريدون القصاص لشهدائهم لايريدون إدانة بريء واحد" وسيثبت سدنة وحفاظ القانون أنه لن يدان بريء واحد ولن يفلت مجرم بجرمه.
ولعل الأولتراس وحدهم بمقدورهم إغلاق أبواب شرور تتربص بمصر عندما يؤكدونها صريحة دون لبس "أننا نحترم القانون ونلتزم بأحكامه وأن الأولتراس كمفهوم لايعني أبدا تحدي قوانين الدولة واستباحتها بما يفضي بالضرورة لتفكك الدولة أو تحويل الوطن لمحرقة".
وتوصف روح الأولتراس عالميا بأنها "تلك الروح المقدامة المثابرة والعاملة في صمت وجهد لتحقيق أهداف عظيمة"، بينما كان الكاتب محمد جمال مؤلف أول كتاب في مصر عن ظاهرة الأولتراس قد تحدث عن مشجعى فرق كرة القدم الذين يتمتعون بدرجة كبيرة من الوعى السياسي وكانوا في طليعة المؤازرين لثورة 25 يناير الشعبية.
ونوه محمد جمال بأن كتابه جاء بعد عدة سنوات قضاها داخل مجتمع الأولتراس في مصر منذ بدايات التكوين، فضلا عن تعرفه عبر رحلات خارجية على واقع الأولتراس في العالم، موضحا أنه من بين الملايين المنتمية لفرقها والتي لايستطيع أحد التشكيك في حبها وولائها لهذه الفرق تجد مجموعات الأولتراس وقد تجاوزت مجرد الانتماء لناد وتشجيعه في السراء والضراء لما هو أبعد وأعمق من ذلك.
ورأى أن الأولتراس لايجمعهم حب ناديهم فقط ولا إحساس المجموعة بل يجمعهم شعور قوى باحتياج كل منهم للآخر ليكونوا كيانا مميزا قد يحتاجه الكثيرون ليشعروا بمعنى الحياة، فيما يؤكد على أن مجموعات وروابط الأولتراس ليسوا أبدا شراذم همجية لاتتوقف عن الغناء والعراك من أجل فرقها، كما أنهم ليسوا مجموعات من مشعلى الألعاب النارية والمفرقعات والشماريخ وإنما هم في الحقيقة تجسيد لمعنى الوطن والانتماء والعطاء بلا حدود دون انتظار المقابل.
وعقب فاجعة استاد بورسعيد كان الكاتب والناقد الرياضى حسن المستكاوى قد دعا لمراجعة أساليب الصياغة والكتابة في الإعلام الرياضى وشكل البرامج الرياضية وصولا إلى القضاء على ظواهر التعصب ومظاهره وتوحد وتكاتف روابط المشجعين بدلا من التناحر والتفاخر بهذا التناحر، مؤكدا على أهمية تطبيق القانون على حالة الاختراق الدائمة للقانون في كل ملعب وكل ساحة.
ولاجدال أن شباب الأولتراس في الأصل نبت طاهر من أرض طيبة، غير أن ثمة حاجة واضحة لبنية ثقافية جديدة للأولتراس في المرحلة الجديدة..فهل حان الوقت لتحويل فائض الغضب لدى هؤلاء الشباب إلى طاقة بناء في وطن هم مستقبله؟.
أحببنا الأولتراس لأنهم نبت طيب في بلد طيب واليوم باتوا مدعوين للعودة لمنابع البراءة الأولى والفطرة النقية بعيدا عن شراك ومكائد ومكايدات ومناورات أعداء الوطن!..عودوا لمصر وحدها فأنتم الغد والأمل.. سلمتم لمصر وسلمت مصر بكم ولكم.