الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

دراسة تكشف.. أكبر عملية تزييف باسم الرسول

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
زعموا أن النبى "ص"عندما يخطئ يصحح له الوحى.. وأقول لهم: لماذا تركه الله على خطئه؟
- هناك العديد من الروايات التى تحتويها بطون كتب الأحاديث والسير التى تطعن فى النبى الأعظم وتقلل من قدره ومن قيمته، حتى إن واضعى تلك الروايات يجوزون عليه الخطأ والسهو والنسيان والإتيان بأفعال لا يأتى بها أواسط الناس، فضلا عن الأنبياء والمرسلين الذين اصطفاهم الله تعالى واجتباهم، وجعلهم حجة على الناس ليخرجوهم من النور إلى الظلمات.
ومن هذه الروايات رواية تأبير النخل التى شاعت على الألسنة، وأرسلت إرسال المسلمات، خاصة جملة «أنتم أعلم بأمور دنياكم»، تلك الرواية التى وردت فى العديد من الكتب الحديثة، منها
صحيح مسلم ج١٢ ص ٥٣.
٤٣٥٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ الْيَمَامِيُّ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِى وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِى قَالُوا حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِى حَدَّثَنِى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ.
قَالَ قَدِمَ نَبِى اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقَالَ: «مَا تَصْنَعُونَ» قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ: «لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا»، فَتَرَكُوهُ فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىءٍ مِنْ رَأْى فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ»، قَالَ عِكْرِمَةُ أَوْ نَحْوَ هَذَا قَالَ الْمَعْقِرِى فَنَفَضَتْ وَلَمْ يَشُكَّ.
وفى مسلم ج١ ٢ ص٥٤
٤٣٥٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ.. أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ فَقَالَ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ قَالَ فَخَرَجَ شِيصًا فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ مَا لِنَخْلِكُمْ قَالُوا قُلْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ.
وفى سنن ابن ماجه ج٧ ص٣٣٢
٢٤٦١ - حَدَّثَنَا عَلِى بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى نَخْلٍ، فَرَأَى قَوْمًا يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ قَالُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الذَّكَرِ فَيَجْعَلُونَهُ فِى الْأُنْثَى قَالَ مَا أَظُنُّ ذَلِكَ يُغْنِى شَيْئًا، فَبَلَغَهُمْ فَتَرَكُوهُ فَنَزَلُوا عَنْهَا فَبَلَغَ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ الظَّنُّ إِنْ كَانَ يُغْنِى شَيْئًا فَاصْنَعُوهُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَإِنَّ الظَّنَّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَلَكِنْ مَا قُلْتُ لَكُمْ قَالَ اللَّهُ فَلَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ.
وفى مسند أحمد ج٣ ص ٣٣٤
١٣٢٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى نَخْلِ الْمَدِينَةِ فَرَأَى أَقْوَامًا فِى رُءُوسِ النَّخْلِ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ قَالَ يَأْخُذُونَ مِنْ الذَّكَرِ فَيَحُطُّونَ فِى الْأُنْثَى يُلَقِّحُونَ بِهِ، فَقَالَ مَا أَظُنُّ ذَلِكَ يُغْنِى شَيْئًا فَبَلَغَهُمْ فَتَرَكُوهُ وَنَزَلُوا عَنْهَا فَلَمْ تَحْمِلْ تِلْكَ السَّنَةَ شَيْئًا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ ظَنَنْتُهُ إِنْ كَانَ يُغْنِى شَيْئًا فَاصْنَعُوا فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَالظَّنُّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَلَكِنْ مَا قُلْتُ لَكُمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ.
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ فَذَكَرَهُ.
وكذلك فى مسند أحمد ج٢٥ ص١٣٢
١٢٠٨٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْوَاتًا، فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقَالَ لَوْ تَرَكُوهُ فَلَمْ يُلَقِّحُوهُ لَصَلُحَ فَتَرَكُوهُ فَلَمْ يُلَقِّحُوهُ فَخَرَجَ شِيصًا، فَقَالَ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكُمْ قَالُوا تَرَكُوهُ لِمَا قُلْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ شَىءٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِ، فَإِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَى.
وبالنظر فى هذه الرواية نجد الآتى:
أولا: إن هذه القصة وقعت فى المدينة، وهذا يعنى أن عمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يقل عن ٥٣ عاما فهل يعقل أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم ير ولم يسمع عن شيء اسمه تأبير النخل، وهو الذى عاش فى الجزيرة العربية، كل هذا العمر وعاشر أهلها والطبيعى أنه كان يراهم فى كل سنة يقومون بتأبير النخل، أتظنه نسى ما كان يعرفه عن التلقيح بمجرد أن هاجر إلى المدينة ويسأل ماذا يصنع هؤلاء؟ 
قد يأتى كلام من البعض حول عدم وجود نخل فى مكة، وبالتالى فإن رسول الله لم ير هذه المسألة، فنقول إنه لم تكن مكة تخلو من النخل، وإنما اشتهر عن المدينة كثرة نخيلها، ثم إن رسول الله لم يكن قابعا بين دروب مكة وإنما كان يخرج لرعى الغنم، فأين كان يرعى الغنم، أليس فى مكان به زرع ونخل؟ وأيضا كان رسول الله يسافر فى رحلات التجارة مع عمه أبى طالب منذ صغره فى الشام واليمن، وكان اليمن يشتهر بنخيله.
فإذا كان العاقل والجاهل فى زمننا هذا فى البيئة الريفية أو المدنية يعلم بتلقيح النخل، فهل كان النبى صالي الله عليه وسلم لا يعلم بهذا الأمر؟
ثانيا: إن رسول الله بمجرد أنه سأل هذا السؤال «ماذا يصنعون؟»، فهذا يعنى أنه كان جاهلا بما يصنعون وليس له علم به، فإذا كان هذا هو حاله فلماذا يتطوع بالتدخل فى أمر يجهله ولا يعنيه؟ وهو القائل كما روى أحمد فى مسنده ج٤ ص١٦٨
١٦٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِى بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ».
وكذلك رواه الطبرانى فى المعجم الكبير ج١٩ ص ٢٣٥ والترمذى فى سننه ج٨ ص٢٩٥ وابن ماجه فى سننه ج١١ ص ٤٧٢ وغيرها من الكتب.
فهل يجوز على رسول الله أن يقول قولا ويفعل ما يخالفه؟ وهل أهل المدينة من السذاجة أن يقبلوا بعدم تلقيح نخلهم وفساد محصولهم، وقد فعلوا ذلك سنين قبل قدوم النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وجربوا نفعه وجنوا فائدته؟ 
وإن قال قائل إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجب عليهم طاعته، فإذا كان الأمر كذلك فهل يخالف رسول الله القرآن الكريم الذى نزل على قلبه؟ حيث يقول الله تعالى لرسوله: 
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (٣٦) سورة الإسراء.
ثالثا: كيف غاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكره الله تعالى فى القرآن الكريم، وخلقه من كل شىء زوجين، لا تستقيم الحياة إلا بوجودهما، ولا تعمر الأرض إلا بهما خاصة آيات زوجية النبات؟
- قال الله تعالى:
(وَآيَةٌ لَهُمُ الأرض الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ. لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أيديهم أَفَلا يَشْكُرُونَ سُبْحَانَ الَّذِى خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرض وَمِنْ أنفسهم وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ). (سورة يس: ٣٣ ٣٦).
وقال تعالى: (وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ. وَمِنْ كُلِّ شَىء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). (الذاريات:٤٨ ٤٩).
وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِى مَدَّ الأرض وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِى وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). (الرعد: ٣).
فهل نسى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات الصريحة فى شمول نظام الزوجية لكل ما تنبت الأرض؟ ألم يقرأها على الناس ألم يبينها لهم؟ أم غابت عنه فدهش عندما رأى القوم يلقحون نخلهم فاستقبح ما يفعلوه ونهاهم عنه؟
رابعا: هل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بالظن بما يخالف نهيه عنه والتحذير منه؟ كما ورد فى صحيح مسلم ج١٢ ص٤٢١
٤٦٤٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ…
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَافَسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا.
وإذا كانت أوامر النبى صلى الله عليه وسلم، وبالتالى نواهيه تنقسم إلى قسمين طبقا لهذه الرواية، فالأول منهما يتعلق بأمور الدين، وهو من الله تعالى، فتجب إطاعته، والثانى من أمور الدنيا، وهو ظنون النبى صلى الله عليه وسلم، ولا تجب إطاعته، فهل يزعم زاعم أنه عندما نشك فى أمر أو نهى نبوى لم يرد فيه نص يلحقه بأحد القسمين، فالأصل أن يكون من ظنون النبى؟
خامسا: هناك من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كالبشر يصيب ويخطئ، ولكن الله تعالى يصحح خطأه فى وقته، فلنفرض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جاهلا بأمر النخل وتلقيحه- حاشاه- وأنه اشتبه عليه، وأمرهم بترك التلقيح، فلماذا أقره الله على فعله ولم ينزل الوحى بتصحيح فعله وتنبيهه؟
سادسا: ألا يعد ما حدث من إطاعة النبى صلى الله عليه وسلم وترك عملية التلقيح وبالتالى فساد نخل هؤلاء القوم وخسارتهم وضياع ما يتعيشون عليه هم ومن يعولون- قلوا أو كثروا- فسادا فى الأرض؟ فهل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمر بالفساد أو يدل على ضرر– حاشاه؟
سابعا: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما قال، وكانت نتيجة قوله وأمره للقوم هو فساد محصولهم الذى يعيشون عليه ويتقوتون منه، فهل يجوز ذلك على رسول قال عنه الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (٤) سورة القلم.. فهل يجوز على صاحب الخلق العظيم أن يأمر بفساد أو يتهرب منهم عندما جاؤوه يشكون حالهم الذى ما كان ليكون بهذا السوء لولا أنه أمرهم بترك تلقيح النخل ثم يقول لهم أنت أعلم بدنياكم؟
ثامنا: إذا كانوا هم أعلم بدنياهم ألم يدرك هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتدخل فى أمر هو من أمور الدنيا أم كان لا بد أن يحدث ما حدث لهم حتى يعلم بأنه ليس له علاقة بأمور الدنيا؟ والغريب أنه طبقا لهذه الرواية المفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسأله أحد عن التلقيح ليجيبه، وإنما هو تطوع من تلقاء نفسه وأمرهم ألا يلقحوا النخل.. فهل يجوز هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى يهدى إلى صراط مستقيم، حيث يقول تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (٥٢.) سورة الشورى 
فهل هذا من الصراط المستقيم؟
تاسعا: لقد فات على من وضع هذه الرواية افتراء وكذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذكر فيها ماذا فعل رسول الله لهؤلاء القوم عندما جاؤوه يشكون حالهم ويعلمونه بفساد نخلهم بسبب طاعتهم لأمره بعدم التلقيح.. فهل ساعدهم بشىء أو عوضهم بما يعينهم على العيش حتى الموسم القادم؟
بالطبع لا، لم يفعل شيئا من هذا، بل فقط قال لهم «أنتم أعلم بدنياكم».. فأين الرحمة المحمدية إذن بهؤلاء الناس المنكوبين.. ألم يرسله الله رحمة للعالمين؟ كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (١٠٧) سورة الأنبياء.
ثم أين الرأفة بالمؤمنين تلك التى وصف بها الله تعالى رسوله؟ فى قوله تعالى:
{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (١٢٨) سورة التوبة.
عاشرا: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يقول إلا حقا، ولا ينطق إلا صدقا، وقد جاء فى مستدرك الحاكم ج١ ص٣٥٠
٣٣٠ - أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك، ببغداد، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثى، ثنا يحيى بن سعيد، وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، واللفظ له، ثنا أبو المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى، عن عبيد الله بن الأخنس، عن الوليد بن عبد الله، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو، قال: كنت أكتب كل شىء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأريد حفظه، فنهتنى قريش، وقالوا: تكتب كل شىء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم فى الرضا والغضب؟ قال: فأمسكت، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «اكتب فو الذى نفسى بيده ما خرج منه إلا حق» وأشار بيده إلى فيه. «رواة هذا الحديث قد احتج بهم، عن آخرهم غير الوليد هذا، وأظنه الوليد بن أبى الوليد الشامى، فإنه الوليد بن عبد الله، وقد علمت على أبيه الكتبة، فإن كان كذلك فقد احتج مسلم به، وقد صحت الرواية عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال: قيدوا العلم بالكتاب».
حادى عشر: وخلاصة القول، إن من وضع هذه الرواية يريد أن يطعن فى عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول حاله حال سائر البشر يخطئ ويصيب، ويقول بالظن، وأن هناك فرقا بين الوحى الذى يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصرفه البشرى.
إن هذه الرواية الشائعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التى نسمعها مرارا وتكرارا فى كثير من البرامج الدينية وعلى أعواد المنابر التى يحاول مرددوها جاهدين إثبات الخطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه بشر يخطئ كالبشر، إلا أنه معصوم فى التبليغ، وحتى هذا أمر مشكوك فيه، فلم يعصموه وزعموا طبقا لكثير من الروايات أنه نسى آيات من القرآن.
ثانى عشر: إن هذه الرواية كذب وافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يسعى إلى نشرها أو الاستدلال بها أو إشاعتها بين الناس فهو مشارك فى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قال: «من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
بعد كل ما سبق وتبيان كذب هذه الرواية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نتوجه إلى القرآن الكريم لنرى هل فعلا أنبياء الله ورسله معصومون فقط فى التبليغ عن الله تعالى، أى فى الشئون المتعلقة بالدين، وأما الموضوعات المتعلقة بالشئون الحياتية فتدخلهم يكون عن اجتهاد منهم وقد يصيبون وقد يخطئون؟
قبل الدخول فى هذا البحث القرآنى أقول إن القرآن الكريم قسم الأنبياء إلى أنبياء أولى العزم وأنبياء غير أولى العزم.. وفضل بعض الأنبياء على بعض {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (٥٥) سورة الإسراء.
كما فضل بعض الرسل على بعض {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٢٥٣) سورة البقرة.
وهذه الأفضلية أفضلية رتبية ومقامية، حتى إن الله تعالى: فى عالم الملكوت أو ما يطلقون عليه عالم الذر عندما أخذ الميثاق أخذه على الأنبياء كافة أولا، ثم أخذ ميثاق أنبياء أولى العزم خاصة، فبدأ بالنبى الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بعد ذلك باقى الأنبياء طبقا لترتيبهم الزمنى. كما فى قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (٧) سورة الأحزاب. 
فالنبى الأعظم وإن كان خاتم الأنبياء والمرسلين فى الترتيب الزمنى المُلكى، إلا أن مقامه ورتبته الملكوتية هى فوق مراتب ومقامات كافة الأنبياء والمرسلين، لذلك بدأ الله تعالى به.. ومن كان كذلك فى عالم الملكوت فهو بهذا المقام والمرتبة فى عالم الملك أولى.. فهو الأول الذى بدأ به الله، وهو الآخر الذى به ختم.. وشريعته هى المهيمنة على كل الشرائع. 
والمعروف أن النبى صلى الله عليه وسلم من غير أولى العزم لا شريعة خاصة به، وإنما يكون متبعا لشريعة الرسول الذى سبقه ويقتدى بهديه ويعمل بنهجه.. والبديهى أن ما يمتلكه النبى من غير أولى العزم من علم وقدرات وملكات تكون موجودة لدى النبى الذى يتبع شريعته، أى يكون جامعا لكل كمالاته وزيادة. 
بعد هذه المقدمة نأتى إلى محل الشاهد فى سورة يوسف عليه السلام، وهو من أنبياء غير أولى العزم، ويتبع شريعة جده إبراهيم عليه السلام الذى هو من الأنبياء أولى العزم، فنجد أن يوسف عليه السلام عندما خرج من السجن طلب من الملك المصرى أن يجعله على خزائن الأرض، حيث أشار القرآن الكريم إلى هذا فى قوله تعالى:
{قَالَ اجْعَلْنِى عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (٥٥) سورة يوسف.
فهل يوسف عليه السلام كان يدرك أنه على قدر هذه المسئولية وطلبها عن علم بأنه يستطيع أن يخرج المجتمع المصرى مما هو فيه من بلاء أم طلبها عن جهل منه، ويترك نفسه لمعادلة الخطأ والصواب؟ دون شك أنه طلبها عن علم ودراية بما يستطيع أن يفعله وينجى الأمة من الخطر الداهم الذى ينتظرها، حيث قال «إنى حفيظ عليم».
فكيف علم يوسف بأنه يستطيع أن يقوم بالمهمة على أكمل وجه دون خطأ منه، يعرض الناس إلى خطر داهم يودى بحياتهم ويدمر بلادهم ويجعلها مطمعا للطامعين؟
هل تخرج فى كلية من الكليات المتخصصة التى تؤهله لتحمل هذه المهمة الصعبة، بحيث يقوم بعمل عدد من الوزراء كما نسميهم فى حكوماتنا هذه الأيام جملة واحدة، كالاقتصاد والتموين والتخطيط، وغير ذلك مما يتعلق بتلك المهمات والوظائف أم كان هذا من الله تعالى؟ 
وهذا دليل قاطع للرد على هؤلاء الذين يقولون إن الأنبياء معصومون فى الأحكام لكنهم فى الموضوعات يصيبون ويخطئون.
فقولهم بأن الأنبياء معصومون فقط فى التبليغ عن الله، وأن مهمتهم تنحصر فى الشئون الدينية، وأما شئون الدنيا وإدارة الحياة فالمتخصصون أولى بها، وأنفع ولا علاقة لها بالدين يخالف النص القرآنى الصريح فى سورة يوسف، حيث بين النص تصدى يوسف عليه السلام للمهمة بجدارة، وأنقذ المجتمع المصرى من بين أنياب المجاعة ورحى القحط، وأتم مهمته غاية الإتمام.
فهذا يوسف عليه السلام الذى هو نبى من غير الأنبياء أولى العزم الذى يعمل بشريعة إبراهيم عليه السلام لم يخطئ فى أى أمر من الأمور الحياتية التى قام بها، وهى مهمة جد خطيرة ومتشابكة، وتدخل فى كل نواحى الحياة فى المجتمع المصرى، فكيف بنبى من أنبياء أولى العزم بل أفضل الأنبياء والمرسلين كافة لم يكن لديه علم بتأبير نخلة؟
{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (١٥٤) سورة الصافات.