الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سقوط الخلافة "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما أعلن مصطفى كمال أتاتورك، إسدال الستار على الخلافة العثمانية فى مارس ١٩٢٤ واستقلال جميع البلدان التابعة لها، لم نجد من يتباكى على الخلافة، إلا مجموعة من الأصوليين والمحافظين، ففى مصر لم يمثل الأمر اهتمامًا للشعب الذى كان ينظر للدولة العثمانية، باعتبارها دولة غازية ومحتلة لأرضه، وناهبة لخيرات وطنه، وكان الناس ينتظرون اليوم الذى سيرحل فيه أفندينا التركى المتعالى على البسطاء من الفلاحين والعمال، والحامل دائمًا لسوطه أو لكرباجه، كى ينزل به على أجساد فقراء مصر، وعندما احتل الإنجليز البلاد فى عام ١٨٨٢ لم يفكر الخليفة التركى فى الدفاع عن قطعة غالية من أرض الخلافة، وهى مصر بل تركها لقمة سائغة للمحتل البريطانى، ثم عقد معاهدة تضمن له وصول خراج مصر، فكل ما يهمه هو الخراج ولا شىء غير ذلك، وقد ضاعف هذا من كراهية الشعب المصرى تجاه الأتراك، أما الذين تباكوا على الخلافة من المحافظين والأصوليين، ودعوا إلى مؤتمر عاجل بالأزهر، لمناقشة الأمر فقد هالهم ما حدث، لأنهم يعتبرون الخلافة جزءًا أصيلًا من الدين، وبعضهم يغالى فيذهب إلى كونها أحد أركان الدين، وأصل الإيمان ولا يصح الإيمان إلا بوجودها، وكثيرة هى الفتاوى التى تتحدث عن الخلافة، وضرورة عودتها وقد كان هذا سببًا رئيسيًا فى ظهور بعض الجماعات الأصولية وأولاها جماعة الإخوان المسلمين ١٩٢٨ كرد فعل على سقوط الخلافة، والتاريخ الإسلامى لم يخل من منصب الخليفة، منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى إلغاء مصطفى كمال أتاتورك لهذا المنصب، باستثناء فترة ثلاث سنوات أعقبت سقوط الخلافة العباسية ببغداد، على يد المغول قبل أن يبايع المسلمون المستنصر بالله العباسى فى القاهرة، حيث استمرت الخلافة العباسية فى مصر، حتى تنازل عنها المتوكل على الله للسلطان العثمانى سليم الأول، وقد استند الأخير إلى شرعية هذا التنازل ليصبح خليفة للمسلمين، ومن بعده أفراد أسرته العثمانية، وصولًا إلى عبدالمجيد الثانى آخر خلفاء بنى عثمان، والخلافة فى اللغة هى النيابة أو التمثيل، فكلمة خليفة تعنى الخلف أو الوريث أو النائب أو الوكيل أو المنوب عنه والمقصود هنا أن الخليفة هو المنوب عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد بدأ ذلك بأبى بكر الصديق عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأت القصة بسقيفة بنى ساعدة، حيث اجتمع الأنصار يتشاورون وحضر مجموعة من المهاجرين من بينهم الصديق وعمر، وكثر الحديث والنقاش فيمن سيتولى أمر الأمة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، وكاد هذا النقاش أن ينتهى إلى خلاف وفتنة لولا عمر الذى أمسك بيد الصديق وقال: يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبو بكر؟ وبايعه عمر ومن بعده بقية الصحابة، ومن هذا اليوم عرف المسلمون منصب الخليفة، حيث أطلق على أبى بكر لفظ الخليفة أو خليفة رسول الله وعندما تولى عمر من بعده كانوا يطلقون عليه خليفة خليفة رسول الله، فشق ذلك على ألسنة الناس حتى دخل عليه المغيرة بن شعبة وفى بعض الأقوال عمرو بن العاص، وقال له: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فتعجب عمر وقال: ما هذا؟.. فقال: نحن المؤمنون وأنت أميرنا، فسكت عمر، ومنذ ذلك اليوم تلقب الخليفة بأمير المؤمنين، ولكن الخلافة مرت بفترات حرجة وبأزمات وفتن كثيرة، ولعلها قد بدأت على استحياء بعد استشهاد الفاروق عمر، حين اجتمع بعض الصحابة على مبايعة الإمام على كرم الله وجهه، فى حين اجتمع البعض الآخر على عبد الرحمن بن عوف، بينما ذهب فريق ثالث إلى مبايعة عثمان بن عفان، ولكن عبد الرحمن بن عوف حسم هذا الاستقطاب سريعًا حين أعلن مبايعته لعثمان، فرجحت كفته وصار أميرًا للمؤمنين، وفى نهاية عهده بدأت نيران الفتنة فى الاشتعال بقوة حين ثار عليه مجموعة من المصريين بسبب قسوة قريبه عبد الله بن أبى سرح الذى عينه واليًا على مصر خلفًا لعمرو بن العاص، وكان عبد الله عنيفًا مع المصريين، فكرهوه وذهبوا إلى عثمان يطلبون عزله فامتنع عثمان، فذهبوا إلى مجموعة من الصحابة وشكوا إليهم.. وللحديث بقية.