رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أردوغان يحاول اللحاق بركب الرئيس السيسي

بهجت العبيدي
بهجت العبيدي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قلت في غير موضع أن العثمانللي رجب طيب أردوغان بالنسبة لنا لا يعدو أن يكون ظاهرة صوتية، منذ ذلك المشهد التمثيلي الذي قام بأدائه بانسحابه في فبراير 2009 من مؤتمر دافوس احتجاجا على عدم منحه فرصة الرد على الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، الذي كان يدافع عن عدوان إسرائيل على غزة، ويومها أقام المنتمون لتيار الإسلام السياسي الدنيا ولم يقعدوها لما قام به "خليفة المسلمين مستقبلا!!"، ولكني لحظتها عرضت الأمر على آلة الإدراك التي أبت أن ينسحب أردوغان، اعتراضا على ما يحدث لأبناء قطاع غزة من تقتيل وتدمير تحت أقدام الآلة العسكرية للاحتلال الصهيوني، وفي الوقت ذاته يستمر في التعاون العسكري والاقتصادي، والدبلوماسي مع العدو الصهيوني، في تلك اللحظة آمنت أننا أمام ممثل - من الدرجة الثانية - يحاولون تصويره كمنقذ للأمة الإسلامية.
لعب العثمانللي أردوغان دورا كبيرا فيما أطلق عليه الربيع العربي، سخر لهذا الدور كل أدوات الدولة التركية، ظنا منه أن الربيع قادم له لِيُنَصَّب خليفة للمسلمين، يعيد أمجاد عصر غابر للعنصرية التركية في الأمة الإسلامية، وكادت أن تكون مصر - الدولة المحورية - ضحية لهذا "الربيع" إلى أن ثار الشعب المصري ثورته الكبرى في الثلاثين من يونيو، ويُنَصِّب الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر من خلال أدوات ديمقراطية شهدها العالم بأسره، ولكن "غير" الطيب أردوغان استمر في لعب دوره الخسيس في التأليب على مصر وقيادتها، وبذل كل ما يستطيع، ولعب "بهلوانا"، واستخضر هنا كلمة قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي في معرض سؤال عن الدور التركي، حينما ذكر أنه كان يقول لمن يحاول الاعتداء عليه وهو طفل صغير" لما أكبر هبقى أضربك"، وتندر "معاتيه" الإخوان والعثمانللي أردوجان على تلك المقولة، بعد مرور القليل من الزمن نستطيع الآن أن ندرك دلالة هذه المقولة " السيساوية"، فالرئيس عبد الفتاح السيسي ترك الترهات جانبا، ولم يلتفت لصغائر الأمور، ومنها ما كان يخرج من فم أردوغان، بين الفينة والأخرى، وأخذ الرئيس السيسي بالعمل على كل المحاور: الداخلية والخارجية، المحلية والدولية، العربية والإسلامية، الأفريقية والأسيوية؛ بحكم الانتماء الحغرافي، وإذا بمصر تستعيد مكانتها، من خلال علاقات متوازنة، تشارك في الحرب لإعادة الشرعية في اليمن، تحارب على مستويين في ليبيا، تضع وحدة العربية السورية كأولوية، في علاجها لتلك الأزمة الطاحنة في القطر العربي السوري، تقيم تحالفات مبينة على المصلحة المشتركة، مع روسيا، لا تحدث قطيعة مع الولايات المتحدة الأمريكية، تقيم علاقات اقتصادية مع كل من قبرص واليونان، تحاصر المشروع الصفوي الإيراني، بعدما قضت على أحلام الخليفة العثمانللي، تأتي بالصين لقلب القاهرة، إضافة إلى أهم علاقة ودور لمصر وهو علاقاتها مع دول الخليج ودورها في قيادة العالم العربي.
استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يتقدم الركب العربي والمنطقة، وهو ما يحاول أردوغان اللحاق به، وهذا ما يفسر لدينا ما تم من تسريبات حول مصالحة تركية لمصر، وما قاله بالأمس وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في المؤتمر الصحفي الذي عقد بالمملكة العربية السعودية مع نظيره عادل الجبير، من أن الشعب المصري شعب شقيق.
لم تكن مصر يوما ما سببا في سوء علاقة مع تركيا، بل كانت "العنجهية" العثمانية، التي تسعى اليوم لتجد لنفسها موطئ قدم من خلال المصالحة التي ستكون - حال إتمامها - برؤية مصرية.