الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"المشخصاتي تو" فيلم انتظروه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما تولت الإعلامية المتألقة «هالة سرحان» ابنة معهد الباليه بأكاديمية الفنون إدارة قناة «دريم»، استحدثت أفكارا جذابة لبرامج قدمها العديد من الوجوه الجديدة والصحفيين الذين اكتشفتهم، فقدمت للشباب برنامجا خاصا بهم قدمه وجوه ظهرت لأول مرة، منهم زميلتى وصديقتى «سالى شاهين» التى أصبحت الآن من أفضل مذيعات جيلها، والمذيعة الرقيقة البشوشة «حنان الديب» ومعهم الفنان «تامر عبدالمنعم» خريج قسم السيناريو بمعهد السينما بأكاديمية الفنون، الذى ظهر فى أدوار صغيرة فى عدة أفلام ومسرحيات.. ولكن كانت طلته فى البرنامج تجسد شخصية شاب مدلل دائم الاستظراف، ولم يظهر خلال البرنامج أى موهبة فنية، ثم عرفناه أكثر من خلال أفلام الفنان الكبير «عادل إمام» وكان الاعتقاد أنه دخل الإعلام والفن من باب المجاملة أو صداقته للمخرج «رامى إمام»، حتى ظهر فى أول بطولة مطلقة له من خلال فيلم «المشخصاتى»، وهو فيلم لطيف يعتمد على فن محبب لدينا وهو التقليد، والذى يبعث البهجة ويحمل قدرا كبيرا من الموهبة.. ثم تقلد تامر منصب مدير «قصر السينما» الذى أصبح من خلاله أحد القيادات الوسطى بوزارة الثقافة، وأرجع البعض حصوله على رئاسة قصر السينما إلى الوساطة، سواء بسبب والده الأستاذ الفاضل «محمد عبدالمنعم» -رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف الأسبق والسكرتير الصحفى للرئيس الأسبق حسنى مبارك- أو بسبب حماه المحامى الكبير «فريد الديب»، وهذا المأزق يقع فيه أبناء المسئولين والمشاهير مهما اجتهدوا أو حملوا من الموهبة، فدائما يتهمون بالاعتماد على الوساطة والمحسوبية.. ولكن جاءت أحداث يناير التى كان لها فضل كبير فى إظهار معادن البشر ومدى انتمائهم ووطنيتهم، لتكشف شخصية تامر الحقيقية ونضوجها، فقد غاب الشاب المدلل وحل مكانه شاب مثقف وصاحب تجربة ومناضل من أجل ما يؤمن به، وداعم ومدافع عن نظام كان أحد المقربين منه، لم يختف أو يصمت كغيره من المسئولين وأبنائهم!! فكان –حسب روايته- الوحيد الذى ذهب إلى المحكمة أثناء تعرض وزيرها الأسبق «فاروق حسنى» للمساءلة.. تكلم ودافع بشجاعة وظل على ولائه وقناعاته، وهو ما أكسبه الاحترام والمصداقية.. وقام أيضا بدور هام من خلال برنامج «العاصمة» الذى كان من أجمل وأجرأ البرامج خلال تلك الفترة حالكة السواد.. وظهر بشخصية المحاور الوطنى الذكى وهو ما زاد من جماهيريته.. ثم ظهر فى عمل آخر وهو مسلسل «المرافعة» الذى قيل إنه القصة الحقيقية لرجل الأعمال «هشام طلعت مصطفى» المتهم فى قضية قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، وكان المسلسل غاية فى الإبداع وتميز فى كل عناصره، وكان دور تامر نقطة انطلاق حقيقية لموهبته فى التمثيل والكتابة بنفس القوة والتميز، وقام بتأليف الموسيقى التصويرية للمسلسل شقيقه «أشرف عبدالمنعم» مساعد رئيس تحرير جريدة الأهرام والمؤلف الموسيقى والناقد والذى لم يكتف بدراسته بالتربية الموسيقية بل يدرس حاليا بالكونسرفتوار، وقد ظهرت موسيقى المسلسل فى غاية الرقى والتميز، تمس القلب بعيدة عن النقل أو الاقتباس مثل الكثير من الموسيقيين، ورغم ذلك لم يلق تقديرا بقدر الإبداع!!.. فأثبت هذا المسلسل موهبتهما وعدم ارتكانهما إلى الوساطة أو انجذابهما إلى الفن بسبب شهوة الشهرة أو الحصول على المال السريع.. ومنذ أيام ظهرت لقطات من فيلم «المشخصاتى تو» بعد أن استطاع تامر التغلب على الصعوبات التى أحاطت بالفيلم فى «الرقابة» بوزارة الثقافة.. وتبدأ أحداث الفيلم فى يناير ٢٠١١ وتنتهى فى ٣٠ يونيو، ويقدم فيه البطل العديد من الشخصيات سواء من الإخوان ومعاونيهم ومحبيهم، أو المتغيرين تبعا لرأس السلطة وما أكثرهم، وقد شاهدت من خلال تلك اللقطات عملا مميزا يتضح فيه الجهد المبذول من أبطال العمل وخاصة الماكيير الفذ «محمد عشوب»، وأتقن تامر دوره مما أعاد إلى ذهنى شدة المعاناة النفسية التى عانيناها جميعا خلال تلك السنوات العجاف، فقد رأيت الرئيس الإخوانى بكامل معالمه وحركاته، كذلك أبهرنى تقليد المستفز الأكبر «البلتاجى» بضحكته القاتلة، والمرشد والشاطر.. وغيرهم.. لذلك أنتظر عرض هذا الفيلم وأتشوق لمشاهدته وأتوقع له النجاح غير المسبوق فى الوطن العربى كله.. لأننا جميعا فى همّ الإخوان سواء.. وإذا كنا تحررنا منهم كدولة فيبقى دول الجوار التى مازالت تعانى من هذا الابتلاء الذى لحق بالأمة بفعل أعدائها وبأيدى أبنائها.. هذا الفيلم ربما يخرج من داخلنا كم الاستفزاز واللامبالاة التى عاملونا بها خلال عامهم الذى أتعفف عن وصفه، لخشيتى من الله تعالى الذى أمرنا فى حديث قدسى «لا تسبوا الدهر فأنا الدهر».. ربما يستطيع الفنان المثقف تامر فى فيلمه المرتقب أن يخرج من عيوننا دموعنا المكبوتة داخلها منذ خمس سنوات، ولكن عساه يخرجها من الضحك على هؤلاء الذين أبكوا قلوبنا على وطننا الذى كاد أن يضيع، وشهدائنا الذين مازالوا يتساقطون كل يوم.. وربما يعيد إلينا ولو لدقائق قدرتنا على الضحك والإضحاك، وتستعيد وجوهنا أجمل ما كان يميزها من ابتسام وتفاؤل وارتياح.