الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من يعيد الروح إلى الاتحادات العربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ الإعلان عن إنشاء اتحاد الصحفيين العرب عام ١٩٦٤ بقى «المولود» داخل قالب الجمود دون أن تتطور مراحل نموه إلى درجة «البلوغ» وصولا إلى الدور أو الهدف الأساسى وراء إقامته، اكتفى هذا الكيان بدور المراقب السلبى أمام كل ما مر من مستجدات نقلت المنطقة العربية من «حال» إلى «أحوال» دون أن يكبد نفسه حتى عناء مراجعة بعض القوانين غير المنطقية التى ارتبطت به كمنظمة مهنية عربية، غاب عن الاتحاد أن حيوية الحراك الدائم فى طبيعة العمل الصحفى والتأثر بما يحيطه من أحداث لا تتناسب مع إدارة مهن مثل الإعلام والصحافة على طريقة التجمد داخل ثلاجة البيروقراطية. 
قانون تحديد عمل الاتحاد مع النقابات الصحفية فقط -دون الأفراد- فى الدول العربية أفقده آلية القيام بدوره الفعال فى الأخذ بالمبادرة أمام عدة تطورات ورغم أن أسبابها حدثت نتيجة تغييرات سياسية إلا أنها بالتأكيد أثرت على توزيع التركيبة السكانية بين دول المنطقة.. الصراعات التى امتدت إلى البلاد العربية منذ الغزو الأمريكى للعراق عام ٢٠٠٣ ليتوالى مسلسل الخراب إلى سوريا وليبيا واليمن ما دفع العديد من صحفيى وإعلاميى هذه الدول إلى البحث عن ملجأ آمن فى الدول العربية الأخرى -على رأسها مصر- يتيح لهم ممارسة المهنة إما هربا من الظروف الأمنية السيئة أو إصرارهم على كتابة الحقيقة مهما كان الثمن بل إن عددا كبيرا دفع حياته ثمنا لكلمة حق لم تكن على هوى من جاءوا لإقامة شرق أوسط جديد!! ولعل الذاكرة لم تنس مشهد اغتيال الإعلامية العراقية القديرة أطوار بهجت الذى حدث على الهواء أمام ملايين المشاهدين.. ظل عدد المهاجرين من الصحفيين العرب فى تزايد عبر العقدين الماضيين والاتحاد ما زال يقف عند مرحلة الستينيات التى كانت حينها تلائم اقتصار تعاون هذه المنظمة على النقابات الصحفية العربية خلافا لما يفرضه الواقع العربى الحالى. 
ما الذى ينتظره الاتحاد بعد لكى يتحرر من جمود قوانين عفت عليها أزمنة وأحداث؟ المزيد من معاناة آلاف المهاجرين من أبناء المهنة الذين لا يجدون أى مظلة أو جهة تحتويهم وتعترف بهم لم تفكر هذا المنظمة المهنية حتى فى استحداث آلية تمنح عضوية الاتحاد لهذه الأعداد الكبيرة شرط التحقق من جدية ممارسة المهنة للمطالبين بالعضوية مقابل مبلغ اشتراك سنوى ليحصل على بطاقة انتساب تمثل اعترافا بمهنة الصحفى أو الإعلامى فى البلد المضيف. 
باستثناء بيانات الشجب والتنديد ألم يكن الأجدى بالاتحاد العاجز عن القيام بدوره فى تبنى مواقف فعالة تواكب متغيرات العالم العربى أن يجعل من أولوياته توفير مظلة أو اعتراف رسمى يعمل فى إطاره آلاف المهاجرين من أبناء المهنة خصوصا أن الرد المنطقى لا يجد سوى اتحاد الصحفيين العرب كجهة مسئولة. 
اتحاد الإعلاميين العرب لم يفكر هو الآخر فى الخروج عن جموده ولم نسمع له صوتا إلا بعدما بدأ صدى الفكرة التى أخذت مبادرة تحويلها إلى واقع الإعلامية أسماء حبشى وتم تدشين اتحاد الإعلاميات العرب رسميا من مقر جامعة الدول العربية والذى نجح فى استقطاب نخبة من أكفأ إعلاميات الوطن العربى.. هذه البداية التى نقلت نظرية الحلم إلى واقع عملى ستحتضن -كمنظمة أهلية- تحت مظلتها الجزء المتعلق بشريحة من الإعلاميات اضطرتهن الظروف للعمل بعيدا عن بلادهن، لكن القضية تبقى أكبر على نطاق جموع غفيرة من الصحفيين والإعلاميين فى انتظار مبادرة جريئة تُشفى اتحاد الصحفيين العرب واتحاد الإعلاميين العرب من داء البيروقراطية المزمنة التى تدب فى مفاصل هذه المنظمات. 
أمام استمرار حالة الصمت وعجز الاتحادات العربية عن تبنى هذه القضية التى تقع على رأس أولوياتها بصرف النظر عما ورد فى قوانين إنشاء هذه المنظمات بيقى الأمل الوحيد أمام من يرغبون ممارسة مهنة الصحافة فى إطار تنظيمى مخاطبة كيان مهنى جديد هو نقابة الإعلاميين التى بادر الإعلامى القدير حمدى الكنيسى بإعلان تأسيسها مؤخرا.. المعروف أن المهام الإجرائية لظهور هذه النقابة فى شكلها الأمثل يستغرق وقتا ومجهودا كبيرين خصوصا فى ظل التشابك بين خيوط المنابر الإعلامية والقائمين عليها، بالإضافة إلى ضرورة تحديد فواصل تنظم الخلط السائد حاليا بين مهنتى الصحفى والإعلامى.. من المؤكد أن قبول انتساب إعلاميين وصحفيين عرب يتطلب إجراءات قانونية وتنظيمية فى ضبط مسألة العضوية بما لا يمس أى تدخل للمنتسبين فى خصوصية الإعلام المصرى عبر منع الحق فى الانتخاب أو التصويت عند حدوث ما يستدعى ذلك داخل النقابة الوليدة مع التزام المنتسب بقوانين النقابة المنظمة لممارسة المهنة ودفع رسوم اشتراك وفقا لما تحدده. 
أخيرا فى إطار كل التحالفات العربية السياسية والأمنية الدائرة حاليا وتقوم مصر بدور رئيسى فى صياغتها لا يجب أن يستمر مصير هذه القضية الإهمال حتى لا يكون الثمن المزيد من دماء الصحفيين والإعلاميين .