الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الرئيس والبرلمان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى كلمته بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة يناير المجيدة، حيا رئيس الجمهورية شهداء الثورة، وأكد اعترافه بها، وقبلها بيوم احتفل مع ضباط الشرطة بعيدهم محتفيًا بالشهداء منهم، وهو أمر محمود، فكل الدم المصرى حرام، شعبًا وجيشًا وشرطة، إلا أنه وقد قام بدعوة عدد كبير من أهالى شهداء الشرطة، لم يلتفت فى اليوم التالى إلى أن هناك أسرًا بأكملها ارتدت السواد بسبب فقدها عزيزًا لديها، فى أحداث ثورة يناير المجيدة، ومثلهم فى موجتها الثانية فى ٣٠ يونيو، فلم يدع أحدًا منهم مكتفيًا بعبارات المجاملة الدافئة، وهو أمر محمود كذلك، إلا أننا كنا نود أن يساوى الرئيس بين أرباب الدم المصرى الحرام، لا أن يأتى بفئة دون غيرها، فلولا الدماء التى سالت فى يناير سواء قبل أن يحكم المجلس العسكرى، أو بعد اختطاف إخوان الشيطان لها ولحكم مصر، بفعل فاعل معلوم، ما قامت موجتها الثانية فى يونيو، وما تولى الرئيس نفسه الحكم فى مصر. 
الرئيس فى مجمل أحاديثه يؤكد أن يناير ثورة، فيما أن من يدعون القرب منه يقفون على النقيض مما يقول، فيناير بالنسبة للبعض منهم مؤامرة، وللبعض الآخر خسائر ونكسة إلى آخر تلك الأوصاف التى تخصم من رصيد الرئيس عند الناس العاديين، مهما سمعوا منه من اعتراف بأنها ثورة اختطفتها جماعة، فمن يرفض الثورة ويصفها بالمؤامرة يسب الرئيس قبل أن يسبها، وسكوت الرئيس عن ذلك يبدو للمواطن الفقير لغزًا محيرًا، خاصة منذ أن رأى عضوًا يقسم بالطلاق، على عدم أدائه اليمين الدستورية لأن القسم ينبع من دستور هو لا يعترف به، بسبب اعتراف الدستور بيناير كثورة، فيما لم يتم اتخاذ أى إجراء ضده، رغم اعترافه أمام الملايين بأنه حين أعاد القسم بضغط من زملائه، أقسم على دستور آخر غير ما انتخب على أساسه!
الحاصل ظل العضو كما هو، كما دخل للبرلمان بالتعيين من ظلت تسب الثورة والشهداء على السبحة وتمجد فى مبارك ونظامه، وكلاهما محسوب على الرئيس راعى الثورتين، وهو أمر محير يحتاج إلى صفحات وصفحات لتفسيره.
ومن البرلمان الذى لا يعترف بما يعترف به الرئيس، للبرلمان مشرع القوانين سنجد العجب العجاب، حيث وافق نوابه على تحصين العقود التى تبرمها الدولة بدعوى الحفاظ على مناخ الاستثمار مستقرًا، فيما صنعوا غطاء لذلك عبر غبار أثاره رفض قانون الخدمة المدنية «مؤقتًا»، وستثبت الأيام ذلك، بعد أن تعود به الحكومة اللهم ببعض التغييرات اللفظية، التى لن تكون على قدر آمال الموظفين فى مصر، وسيتم إقراره مجددًا برضاء تام لجميع من تعاطى مخدر الرفض.
الحاصل أن القانون الأخطر على الأجيال الحالية والمقبلة، مر مرور الكرام دون أن يلتفت إليه أحد، حيث سخرت الحكومة كل مواردها الإعلامية للترويج لرفض القانون، الذى لا تصل تأثيراته إلا لنحو ٦ ملايين مواطن، فيما كان المطلوب إثباته هو مرور القانون المؤثر فى مجمل التعداد العام للمصريين، حاليًا وفى المستقبل.. المؤيدون لتحصين العقود كانت لافتاتهم تلح على الفقر الذى نعيش فيه، مبشرين بما سيعود به القانون من فوائد للاستثمار والمستثمرين، قائلين بأن التحصين يجعل المستثمر مطمئنًا على أمواله، فيما الدولة أيضا مطمئنة لعدم رفع أي قضايا تحكيمية تكبدها كما حدث لملايين الدولارات.
لم يفكر القائلون بهذا فى أن يكون التعديل بتفعيل الضمير وتشديد عقوبات الفساد فى هذه العقود، وهو ما يمنع الفساد من المنبع، وبالتالى لا تكون هناك عقود فاسدة تستدعى وقوفها والموقعين عليها أمام القضاء، ففى كل الدنيا يكون الحفاظ على مناخ الاستثمار نظيفًا بالقانون المانع لأى فساد، لا بتحصين تلك العقود التى لا يمكن الجزم بأن الشرفاء سيقومون على توقيعها فى المستقبل، ولو كنا فى دولة تحترم القانون، وتساوى بين أفرادها احترامًا للدستور الذى وضعته، وتم استفتاء شعبها عليه بالموافقة، لما اضطرت للحيلولة دون «شرشحتها» أمام القضاء بسبب عقد فاسد تم عقده بين ثُلة من الفاسدين، ولا اضطرت إلى سداد تعويضات التحكيم التى تم استخدامها فزاعة للناس، فيما المفروض أن تتم محاسبة من وقعها ومن تسبب فى أن يكون التحكيم خارج أرض الوطن، وهو عكس ما يتم فى كل الدنيا حيث موطن التحكيم يكون على الأرض التى تم التوقيع عليها.