الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النقيب الكومي.. قرة عين مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما نذكر كلمة شباب، يتبادر إلى الذهن القوة والقدرة والحيوية والجمال، فهى أجمل مراحل العمر، والتى نصل إليها بعد سنوات الطفولة والمراهقة، تبدأ مرحلة الشباب مع التخرج والخروج للحياة العملية لتحقيق الحلم.. ويبرز هذا الحلم بشكل خاص فى حياة أبطالنا من خريجى الكليات العسكرية الذين حلموا كثيرًا بالالتحاق بها لنيل شرف ارتداء الملابس العسكرية، متحملين سنوات الدراسة وقسوة الحياة العسكرية، حتى تحقيق حلمهم بالاحتفال بالتخرج وتعليق أول نجمة ليسعد الآباء والأمهات، وهم يسيرون بجوار أبنائهم، وهم بالزى الرسمى وعلى أكتافهم النجمة الأولى، غير مدركين أنه يوم انتقال أبنائهم من الحياة العائلية إلى الحياة العملية المليئة بالبطولات والتضحيات. هؤلاء الشباب الذين يحملون الأحلام والآمال والطموحات لبلادهم قبل أنفسهم، يعلمون بفطرتهم ودراستهم أنهم قائمون علي حماية الأنفس والممتلكات حيث لا دولة دونهم، يتخرج شبابنا الأبطال من ضباط الشرطة والقوات المسلحة بعقيدة تعكس استعدادهم الكامل للتضحية بأنفسهم فداء للوطن، هم شباب فى نفس عمر الشباب المتواجد بالنوادى والطرقات لمعاكسة الفتيات والسيدات، ويسعد بالجلوس فى النوادى والمقاهى للنميمة والتهكم وإطلاق النكات، أو يجلس بالساعات على مواقع التواصل الاجتماعى للسخرية والاستهزاء من كل إنجاز حتى من مشاعر ضباطنا وجنودنا، ودموعهم تنزف على زملائهم الذين يحملونهم على أعناقهم كل يوم، فى نفس عمر شباب متمرد لا يعلم عن أحوال بلاده إلا السلبيات والمطالبة بحقوق فقراء ينظر إليهم بتعالٍ، ولا يمد يديه بمساعدتهم ولكن يتشدق فقط بحقوقهم، يطالب لهم بالعيش وهو لا يعرف معنى نفس العيش، يطالب بحرية وهو الذى يحيا الحياة طولًا وعرضًا بلا حسيب أو رقيب، يطالب بعدالة اجتماعية رغم أنه ينتفع بالوساطة والمحسوبية، شباب وشباب.. والفارق بينهما كالسماء والأرض. أكتب ذلك ودمعى ينهمر على شاب لم يكمل عامه الثلاثين بطل من أبطال الشرطة المصرية وهو النقيب «محمود عصام الكومى» ذلك الشاب القوى الوسيم خبير المفرقعات الذى انتدب من محافظة الغربية إلى سيناء لمدة أسبوعين مثل زملائه من جميع المحافظات، لم يتخاذل أو يتمارض أو يرفض الأمر.. ودع زوجته وصغيره عمر بالقبلات وتركهم فى رعاية الله مستأمنًا والديه عليهما، ترك والديه منفطرى القلب محفوفًا بالدعوات أن يعود إليهما ثانية.. ولكن إرادة الله شاءت أن تنفجر المدرعة التى كان يستقلها أثناء ذهابه إلى طريق مطار العريش الدولى لتمشيطه ليسفر ذلك عن بتر ساقيه وانفجار مقلة العين اليمني وشظايا بالعين اليسرى علاوة على شظايا متفرقة فى أذنيه وذراعيه وباقى جسده الطاهر.. شاء الله أن يصاب البطل بتلك الإصابات الشديدة ليصبح مثالًا ونموذجًا للبطولة والتضحية ليخرس المتشدقين بالمطالبات من هؤلاء الشباب الذى لا يدرك قيمة الوطن فاضحًا أبطال الكلام جبناء المواقف.. عاد البطل غير آسف على ما أصابه بل قال متوعدا «هرجع العريش تانى بعد عودتى من العلاج».. فلا يبكى حاله أو يطالب بتعويض وأوسمة ونياشين - رغم استحقاقه لكل أشكال التكريم - ولكن يطلب من الله الشفاء للعودة إلى الميدان.. وقد سمعت والده فى مناشدة إلى الرئيس ووزير الداخلية لسرعة سفره لتلقى العلاج لخطورة حالته وخشيته من تأخر الإجراءات قائلا ببطولة - أورثها لولده - إنه راضٍ وسعيد بدور ابنه ولا يستخسره فى مصر، وهى عادة أهلنا جميعا فليسوا ممن يولولون لحق البطل أو الشهيد.. وقد علق الرئيس السيسى فى احتفال عيد الشرطة معاتبا وزارة الداخلية مستنكرا اضطرار الأب لطلب الاستغاثة قائلا «نجوع ولا نقصر فى علاج هؤلاء الأبطال فى أى مكان بالعالم».. رغم أن النقيب «الكومى» قد سافر قبلها بساعات إلى لندن ومعه زوجته الشابة الصغيرة شريكة حياته التى اقتسمت معه الفرصة والضحكة والأمل سافرت بجواره لتقتسم الآهات، والدعوة إلى الله أن يبقيه لها ولصغيرهما عمر.. سافر وأخذ معه قلوبنا ودعواتنا أن يعود سالمًا غانمًا رمزًا للكرامة والبطولة والنبل والتضحية.. سوف يستمر دعاؤنا لك سيادة النقيب يا من فقدت قرة عينك لتصبح قرة عين مصر والمصريين، سندعو لك بالصبر والثبات أنت وزوجتك التى أثق أنها لن تقل عنك بطولة وحبًا لوطنها ولك ستكون بجوارك السكن والسكينة والحنان وليقوّها الله على ساعات غيابك أثناء الجراحات ستكون الساعة ثقيلة عليها فى غربتها ستمسك كتاب الله، وتدعو وسيستجيب الرحمن الرحيم لها ولنا فى دعائنا لكما ولباقى أهلك ووالدك الصابر.. فليحمِ الله ولدك ويعيده إلى حضنك على قدميه.. وسيظل باقى أبطالنا يدافعون عن أرضنا وعن حريتنا وكرامتنا.. فلولا دورهم لكنا سبايا للإرهابيين، حفظك الله سيادة النقيب وحفظ زملاءك وقياداتك وكل عام وأنت بخير وسلامة بمناسبة عيد ميلادك التاسع والعشرين الموافق ليوم سفرك لتلقى العلاج وبمناسبة عيد الشرطة الوطنية العظيمة خفف الله آلامك، وحقق لنا ما نتمناه لك.. وننتظرك يا بطلنا يوم عودتك بالورود والأعلام فى استقبالك محمولًا على رؤوسنا وأعناقنا ولن نوفيك حقك علينا يا قرة عيوننا.