خلال ملف "الحصار الكافر"، الذي أعدته "البوابة نيوز"، عن حصار بلدة مضايا السورية وما تعيشه تحت أنياب ميليشيات حزب الله التقينا بالناشط الإغاثي السوري ورئيس مجلس أمناء مؤسسة سوريا الغد، ملهم الخن للحديث عن طبيعة الحصار وجمع التبرعات داخل مصر، وإلى نص الحوار:
• ما رأيك بما حدث من ميليشيات إعلام الشيعة من تقارير مكذوبة وغيرها؟
لا شك أن النظام السوري وميليشيات حزب الله
الإرهابية تمارس حصار على كثير من المدن والقرى السورية التي رفضت الخنوع والاستسلام، وتأتى هذه المساومات لإجبار الأهالي على ترك منازلهم والاستسلام وتسليمها لميليشيات
حزب الله.
جميع الناشطين الإغاثيين والمؤسسات الإغاثية
والتقارير الأممية تؤكد على وجود حصار محكم حول مدينة مضايا، وهذا اتضح من خلال القوافل
الإغاثية التي قام بها الصليب الأحمر والهلال الأحمر حيث رصدوا العديد من الحالات الحرجة
نتيجة الحصار، وأيضًا العديد من الوفيات، وما وثقته اللجان الحقوقية والإغاثية من حالات
مذريه نتيجة الجوع والحصار هو أكبر شاهد إضافة إلى التواصل المباشر مع الأهالي من سكان
مدينة مضايا يثبت هذا الحصار السيئ الذي ينكره حزب الله والقوى السورية.
• وبالنسبة لموضوع الصور المفبركة التي انتشرت وفضحتها قناة المنار، من المسئول عنها؟
من المحتمل أن تكون تلك لعبة من النظام
السوري وحزب الله لنشر هذه الصور وفضحها مستقبلا، ولكن نحن لا نعتمد فقط على الصور فأهالي
مضايا يوثقون بأنفسهم ما يحدث، كما أننى من دمشق ولى أقارب كثيرون بمضايا وهناك تواصل
مباشر معهم، وأكبر دليل على هذا الحصار هو التقرير الأممية التي نشرتها عدة منظمات
حقوقية والتي طالبت النظام وحزب الله بفك الحصار، وطالبت ولو لاحظنا أنه بعد الحملة
الإعلامية والمناشدات العالمية الضخمة سمح النظام بدخول الإغاثات، وهذا السماح دليل
على أن هناك حصارًا ومجاعة داخل البلدة.
كما أن المجلس الحلى هناك أشار إلى أن
هذه المساعدات التي دخلت لمضايا تكفى لشهر واحد، وهو أيضًا ما أكده برنامج الأغذية العالمي
وهو ما يؤكد على أن البلد خاليه تمامًا من أي مؤن غذائية أو طبيه نتيجة لوجود حصار.
• في موقع العهد الجديد كتب صراحة "مافيش حصار" وأن المؤسسات الإغاثية هي التي تسرق المساعدات؟
هذا الكلام سخيف، فالمؤسسات الإغاثية الموحدة بمضايا تعمل بشكل موسع وضخم وهى مؤسسات معروفة على النطاق الواسع كما أن لها مندوبين ومراسلين بالداخل ومتابعين، فمن الصعب التشكيك فيها.
ولماذا لم نسمع عن هذا الحصار سوى في الأماكن
المتاخمة لحزب الله والتي يحرص حزب الله للاستيلاء عليها وتهجير أهلها لتغير الديمغرافية
في تلك الأماكن، فحينما نقول: إن هناك حصارًا على قرية ما وموثق بتقارير أممية وهيئات
إغاثية ومؤسسات حقوقية وإقرار دولي ومن لجنة الصليب الأحمر وفى النهاية تأتى قناة أو
صحيفه محسوبة على طرف طائفي ومعروف تبعياتها وتنفي هذا الخبر فهو نفس غير مقبول وغير
منطقي أيضا، ومن المعروف أنه لن يخرج حزب الله ويقول: نعم، نحن نحاصر أناسا مدنيين وحصارنا
لهم تسبب في موتهم جوعا فلا أحد يقر بجريمة إنسانية ولكن لا يمكن تجاهل الواقع.
• مساندة حزب الله لبشار هل هو بعد سياسي أم بعد طائفي؟
بعد طائفي وهو تبعية لمشروع إيران في المنطقة
العربية، فإيران بدأت في العبث بجميع الدول العربية، وهنا أتحدث عن اليمن والعراق ولبنان
وسوريا، وحزب الله هو أحد أذيال إيران كالحوثيين في اليمن وهم أذيال المشروع
الإيراني في الجنوب للضغط على دول الخليج والعبث في مكوناته الديمغرافية وحزب الله
هو تابع لإيران ليس تبعية طائفيه فقط ولكن سياسية أيضا.
فنحن لسنا لدينا أي مشكلة مع الشيعة فهم
أحد المكونات معنا، ولكن مشكلتنا مع المشروع الطائفي السياسي الإيراني الذي يتبناه بعض
المليشيات الشيعية الموجودة في المنطقة كأمثال حزب الله والحوثين وبعض المليشيات في
العراق والمليشيات المقاتلة في سوريا مثل الحرس الثوري الإيراني وغيرها.
• هل قام الإعلام بدوره المطلوب في تغطية القضية؟
لم تمر القضية مرور الكرام، وكان هناك تفاعل
جيد جدًا من جميع انواع الصحف العالمية والعربية مما أدى ذلك إلى إحراج النظام وإجباره
على الفك الجزئي للحصار من أجل السماح للهيئات الإغاثية والصليب الأحمر للدخول.
• فك الحصار الذي حدث أثناء دخول الإغاثات هل هو فك كلي أم جزئي؟
هو فك جزئي لتخفيف الضغط الإعلامي والقانوني
والتخفيف من الصورة البشعة التي ظهر فيها حزب الله والنظام السوري، فهو فك جزئي للحصار
ولم تسمح إلى الآن للمنظمات والمؤسسات الإغاثات العالمية والدولية إلى بدخول عدد محدود
من القوافل الإغاثية وخاصة بلجنتي الصليب والهلال الأحمر الدولية بإدخال مساعدات تكفى
لمدة شهر في أحسن الاحتمالات.
• وما هي حقيقة زرع الألغام حول البلد؟
نعم، تم زرع الألغام حول البلدة، وهناك عدة
محاولات تمت من قبل الناشطين والعاملين بالهيئات الإغاثية لتهريب الأغذية، وفوجئوا بوجود
ألغام ومنهم من تمت إصابته فعليان وقطعت أطرافه.
آلية حصار مضايا كانت من خلال زرع الألغام
بالمنطقة والجبال المحيطة في القرية ومن خلال وجود حواجز تابعة لحزب الله تمنع دخول
أو خروج أي شخص يحمل غذاء أو لا يحمل، ونشروا لافتات مكتوب عليها " الجوع أو الركوع
" وهى لكسر إرادة أهل مضايا، وهم يريدون من الأهل جميعهم توقيع تعهدات بتسليم ممتلكاتهم
وأراضيهم والانتقال إلى مدن أخرى للسيرطة التامه على هذه المدن ومحاولة تغير الديمغرافية
بإدخال أشخاص من الطائفة الشيعية.
• هل هناك احتمالية أن يركع أهل مضايا ويستسلمون أمام شدة الحصار؟
لا أعتقد، فنحن وصلنا في مضايا لمرحلة
أن هناك أكثر من 40 أو 60 حالة وفاة بسبب الجوع، ومع ذلك لم يخضع أحد من مضايا فبالرغم
من التدخل الإيراني السيئ وحزب الله وبراميل النظام التي لا ترحم، وغدر الجماعات الإرهابية
المتطرفة كداعش لم يخضع أحد من أهالي سوريا بأكملها منذ 4 سنوات ونحن صامدون، وسوف
يقاوم شعبنا مهما قست عليه الظروف ونحن كناشطين حول العالم سنقدم كل ما نستطيع تقديمه
من جميع النواحي الإعلامية والمعيشية.
• هل ترى تحركًا عربيًا جيدًا تجاه القضية؟
حتى الأنظمة التي تدعم الشعب السوري وضد
توجهات الحكومة تحركاتها خجولة لا ترتقى إلى الموقف والدعم المطلوبين؛ يعنى لو قارنا
ما بين التحرك والدعم الإيراني لنظام بشار وبين التحرك والدعم الخليجي لإرادة الشعب
السوري سنجد أن هناك فرقا كبيرًا بين الإثنين، فإيران تدعم نظام الأسد بالعتاد والأسلحة
والمليشيات والمقاتلين والنظام الخليجي يكتفى ببعض الدعم المدود والتصريحات الإعلامية
فهناك فرق كبير بين من يدعم بشار ومن يدعمنا فيما زالت كل المبادرات التي تقدم لمساعدتنا
لا ترتقى لحجم ما يحدث بسوريا هذه الأيام.
• هل وجدتم إقبالا كبيرًا من الشباب المصري على التبرعات؟
بالطبع وجدنا تفاعلا ممتازا جدا ولكن ما
ينقصه هو مبادرة تكون خاضعه لقانون وبإشراف من الحكومة، فجميع المبادرات التي طرحت
لإنقاذ مضايا لم تكن مبادرات تحت غطاء القانون والحكومة.
• فما هو الفرق إذن، فجميعها مبادرات تهدف لنفس السبب؟
إذا أردنا أن يكون هناك دعم واضح للشعب
السوري من قبل نظيره المصري فلا بد أن تكون هناك مبادرة قانونية تخضع للقانون المصري
وللرقابة لكي تعطى الطمأنينة لجميع المتبرعين، وأن هذه التبرعات ستصل لمستحقيهم، وأنه
لن يكون هناك أي مساءله قانونية نتيجة قيام البعض من أصحاب المبادرات لاستلامهم للتبرعات
أو المتبرعين خلال تسليمهم الأموال.
• لكن أنتم تمتلكون مقرًا رسميًا له فروعه، ويعمل أمام الجميع إذن
لا تحتاجون غطاءً قانونيًا كما تقول، فأنتم ليس لديكم ما تخافون منه؟
أكيد، ولكن عندما تكون تلك المبادرات بدعم
من الجهات الرسمية مثل الأزهر الشريف ستكون النتائج أكبر بكثير من الآن وسيكون الدعم
أقوى.
• وهل عرضتم على الأزهر وغيره من المؤسسات في مصر دعمكم؟
كانت هناك محاولات بالفعل بسيطة وليست
رسميه نتيجة الظرف الطارئ بمضايا فنحن على غفلة فوجئنا بهذه الصور وفوجئنا بهذا الحصار، وكانت لدينا تقارير مسبقه عن وجود حصار، ولكن لم نتوقع أن يصل الحال إلى ما هو عليه
الآن ولكن في الفترة القادمة، سنبحث مع الأزهر الشريف والجهات القانونية ووزارة التضامن
عن إمكانية تبنى تلك الحملات.
كما أن مؤسسة سوريا الغد كانت مجرد وسيط
بين اتحادات الطلاب وبين بلدة مضايا فهم أكثر من جمعوا وتعاونوا معنا في جمع الأموال
وذلك نتيجة الضغط الإعلامي والصور المنشورة.
• كيف تقوموا بإيصال كل تلك المبالغ إلى هناك؟
مؤسستنا تعمل في مصر، وهناك مجلس محلى موجود
بمضايا والمجلس الإغاثي الموحد وهو مجموعه مكونه من 7 هيئات إغاثة موثقه تعمل منذ بداية
الأحداث والعاملين والقائمين عليها من أهل الثقة، وجميع هذه الهيئات هي مرخصه سواء في
لبنان أو الأردن وجميع ما نقوم باستلامه يتم توجيهه بشكل أو بآخر إلى المؤسسات التي
تعمل تحت الهيئة الاغاثية الموحدة في مضايا وهى بدورها تتحرى الطريق المناسب لإدخال
هذه المعونات وهو الأمر الذي ليس سهلا فبعض الأحيان يضطرون لدفع رشاوى للمسلحين أو من
خلال دفع مبالغ ضخمه جدا للمتاجر فقبل الإغاثة وصل كيلو الرز إلى ما يزيد عن 200 دولار
والأهالي يضطرون إلى دفع تلك المبالغ لأن المسألة أصبحت حياة أو موت فبهذه الطرق اللا
إنسانية يتم دخول المساعدات.
• هل أنتم مع نشر صور المتوفين في الإعلام مع العلم بأن للموتى حرمة؟
لم يعد الموضوع حرمة عندما يصل الحال إلى درجة أن شخص يموت من الجوع، فما هي الحرمة التي تبقت لهذا الشخص، هل تريدون من السوريين أن يموتون بصمت؟
• نحن لا نقصد بصمت، ولكن للموت حرمة، وهذه الصور ستسبب ضررًا
لأولادهم في المستقبل؟
لم تعد حرمة أشد من حرمة موت هؤلاء جوعا
"الموت البطيء" كما أن ضرورة نشر الصور لم تكن خيارًا ترفيهيا ولا مثاليا، ولكن لإيضاح العالم ما يحدث بالداخل، فكيف أستطيع أن أعكس ما يحدث لهم، وأن أحرك مشاعر
الشعوب أو اللجان الحقوقية والأممية اتجاه القضية بدون هذه التوثيقات والصور مهما تحدثت
عن حصار وعن ما يجرى لن يصل الخيال للعالم أن الحصار بهذا الشكل البشع.
وهذه الصور التي نشرت لا شك أن لها تبعات
سلبية ولكنها ضرورة للتوثيق حتى نشرح للعالم ماذا يجري، والنتائج بالرغم من أنها قليلة
ولكنها شكلت جبهة ضغط كبير جدا على مليشيات حزب الله، ورغم ذلك لا زال هناك بعض المخدوعين
بشاعرات المقاومة التي يتبناها حزب الله، فهذه الصور فضحت تصرفات هذا الحزب الإجرامي
من تجويع 40 ألف مدنى لم يكن فيهم مسلح واحد واحرجت جميع الأنظمة التي تؤيد ما يفعله
حزب الله وجعلته ينفي بشكل غبى ذلك الحصار
• ماذا تقول للشعوب العربية وحكامها؟
الشعوب العربية هي شعوب مستضعفة، ونحن نعلم
تمام العلم أنه لو كان بيدهم الأمر لما سمحت لهذه المجازر، وهذا الحصار أن يتم ونحن نعلم
مدى تفاعل الشعوب ورأينا تفاعل المصريين معنا رغم الحالة الاقتصادية السيئة التي تمر
بها البلاد، ورأينا حتى تفاعل من أصحاب الدخل البسيط والضعيف، فقد شاهدنا طلاب غير قادرين
على دفع مصاريف كتبهم وبالرغم من ذلك تبرعوا بمبالغ بسيطة " 50 أو 100 جنيه".
بالنسبة للحكومات لا يوجد أي حديث يوجه
لهم أمام مناظر الأطفال التي تجوع فمنظر طفل واحد يموت من الجوع هو دليل على عدم اهتمام
الحكومات والإهمال الشديد، وما يحدث الآن هو بمثابة سقطه إنسانية وأخلاقية فما يحدث
بمضايا سيتحمله كل مسئول وحاكم عربي بلا استثناء.
