الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"مصر – تركيا".. الملفات الأمنية أولًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حالف التوفيق الدبلوماسية السعودية التى أصرت على إحاطة جهودها السياسية بستار من الهدوء بعيدًا عن أضواء كاميرات الإعلام والتصريحات العلنية وهى تسعى إلى تحقيق نقطة اختراق فى جدار الكراهية الذى أقامه الرئيس التركى أردوغان بعدما صور له «الخيال» السياسى قدرة وهمية على الوقوف ضد إرادة الشعب المصرى.
السعودية التى تتصدر المواجهة أمام المشروع الإيرانى لبسط نفوذه على المنطقة العربية سعت بكل أوراق الضغط السياسى والاقتصادى إلى إعادة الرؤية الواقعية إلى السياسة التركية تجاه مصر، بدلًا من مغامرات «جنون العظمة» التى تمارسها منذ ثورة الشعب المصرى فى ٣٠ يونيو.. ويبدو أن السعودية فى طريقها إلى تحقيق انفراجة عبر قنواتها الدبلوماسية لما يعتبر خطوة نحو خلق جبهة مواجهة موحدة عن طريق التنسيق بين قوى عربية وإقليمية مؤثرة فى المنطقة.
حالة الانتعاش الاقتصادى التى عمل عليها فى السنوات الماضية أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية) وأكسبته شعبية ظهرت خلال نتائج الانتخابات السابقة.. لم تسلم من التعرض لعدة انتكاسات مؤخرًا نتيجة السياسات سواء الخارجية أو الداخلية، بعدما أفقدت أردوغان نشوة النجاحات السابقة الرؤية السياسية الحكيمة، وصورت له أطماعًا وهمية عن احتلال عرش الخلافة العثمانية.
«اللطمة» السياسية الأولى تلقاها طموح أردوغان مع الإشارات التى حملها الاتفاق النووى الأمريكي - الإيرانى.. الذى توّج «المباركة» الأمريكية للطموح الإيرانى فى المنطقة، رغم انضمام تركيا إلى التحالف الدولى للحرب ضد داعش إلاّ أن الغرور دفع أردوغان إلى فتح جبهة صراع أخرى مع PKK - حزب العمال الكردستاني - الذى شهد العداء التاريخى بينه وبين تركيا أنه خصم لا يستهان بقدرات عملياته على خلق حالة فوضى أمنية داخل تركيا.. بالتالى طموحات أردوغان الشخصية وحالة «التضخم» السياسى الذى أصابته أقحمت تركيا بين جحيم داعش ونيران PKK ، وقد أكد الحادث الإرهابى الذى شهده أحد ميادين إسطنبول مؤخرًا أن فتح عدة جبهات صراع مع مجموعات مسلحة سيلقى سريعًا بظلاله السلبية على السياحة التى تمثل عصبًا أساسيًا فى الاقتصاد التركى، علما بأن الاصطفاف العالمى الذى حدث مع فرنسا بعد العمليات الإرهابية التى شهدتها لم يحدث مع تركيا.
حجم التجارة والاستثمارات بين السعودية ودول الخليج مع تركيا يشكل أيضًا عامل تهديد آخر.. سواء على الصعيد الأمنى للأوضاع داخل تركيا، أو نتيجة تبنيها مواقف قائمة على مغامرات غير محسوبة.. قطعًا المواجهات التى أقحم أردوغان فيها بلاده، واختلاق أجواء عدائية مع دول أخرى لن يضمنا المناخ الآمن للاستثمار الذى طالما تمتعت به تركيا، بل سيدفعان أهم الأسواق المستورِدة للمنتجات التركية إلى تقليص حجم هذه التعاملات التجارية.
على الصعيد الخارجى.. كان عام ٢٠١٥ هو الأسوأ فى العلاقات التركية مع مجموعة دول وقوى مؤثرة. تركيا اختارت موقفًا «عبثيًا» من مصر بانحيازها إلى جماعة إرهابية بدلًا من تفهم موقف وإرادة شعب.. أيضا ما زالت تمارس سياسة تصعيد الخلاف مع روسيا، العائدة بكامل ثقلها إلى المنطقة.. لم تكتف تركيا بحادث إسقاط طائرة روسية ورفض الاعتذار إنما تمادت فى اعتقال مواطنين من روسيا التى بادلتها نفس الإجراءات.. علمًا أن هذا التصعيد لن يكون فى صالح الطرف الأضعف - تركيا - مقارنة بالقوة الروسية. تركيا القلقة من النفوذ الإيرانى أقحمت نفسها أيضًا فى أهم مراكز أطماعها حين انتهكت سيادة العراق بإرسال قواتها لتكون ضمن الأطراف المتصارعة على أرضه.
القلق السعودي - التركى خصوصًا فى إطار سباق التسليح المحموم الذى تمضى نحوه إيران، حتى قبل رفع الحصار عنها عبر عقود وصفقات أسلحة مختلفة أبرمتها مع روسيا وفرنسا، فرض على أردوغان إعادة نظر فى الحسابات التركية - بمعزل عن جموح المغامرات - على صعيد العلاقات الخارجية وفى ذات الوقت الأوضاع داخليًا إذا أراد الرئيس التركى الاحتفاظ بنتائج انتخابات تضمن له البقاء فى الحكم.
مصر بشهادة العالم تبنت بحكمة سياسة خارجية محددة منذ ٢٠١٣ تعكس رغبة فى الانفتاح على مختلف القوى الدولية فى إطار علاقات متوازنة قائمة على الفهم الواقعى للأحداث التى عاشتها مصر عبر خمسة أعوام بعيدًا عن النظريات «المعلبة» التى انتهى تاريخ صلاحيتها. الأمر الذى يعطى مصر الحق فى التمسك ببعض البنود المهمة فى مسار قنوات التفاوض، خصوصًا أن حلم الخلافة دفع أردوغان إلى التمادى فى خلق جدار العداء إلى ما يمس الأمن القومى المصرى وسلامة حدود مصر عبر تورطه فى عدة أحداث إرهابية على حدودها الغربية والشمالية، بالإضافة إلى تصدير عدة مخططات إرهابية إلى مصر بأوامر مباشرة من قادة جماعة «البنا» البائسين المقيمين فى تركيا.