الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سلام على الشهداء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لاتزال حملات التخوين والتخويف من يوم ٢٥ يناير، تتواصل بنجاح ساحق مثير، يتبارى فيها كل أعداء الثورة، التى نادت بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية، من فلول ويتامى مبارك، وبقايا يتامى مرسى وجماعة إخوان الشيطان، وبين الفريقين يقف المتلونون بكل همة ونشاط مدافعين عن النظام الذى ينعمون فيه بما يعيد لهم صولاتهم أيام مبارك، بل أيام الإخوان مثل النائب إياه الذى كان مدافعا عن الجماعة التى سعت لنجاحه، مهاجما لكل ما عاداها، ثم انقلب بقدرة قادر للدفاع عن النظام الذى ضمه لجناحه، وبينهما كان مدافعا عن المجلس العسكرى، مهاجما للشباب الناقم على سياساته وكأن هؤلاء وأولئك ضدان متنافران!.
حملات الآكلين على كل الموائد اتحدت ضد ثورة، لولاها ما كانوا ولا نالوا ما نالوه من شهرة، ولا حدثت الثورة التى يقصُّونها من ورقة يناير، ولو كانوا يفهمون لأدركوا أن يناير هى المقدمة الكبرى ليونيو، وأنه لولا ٢٥ ما كانت ٣٠، وفى الاثنتين قاسم مشترك هو الشعب المصرى، الذى آمن بالأولى، ووجدها المخرج الوحيد من «زنقة» مبارك وزبانية ولديه، آملا فى الحياة، بشكل مختلف، حرا كريما، ثم خرج فى الثانية لأنه تأكد أن هناك من سرق ثورته الأولى، فسعى فى الثلاثين من يونيو لاستردادها، من لصوص أرادوا الانفراد بكل شيء وفى كل شيء دون سواهم.
خرج الشعب فى يناير ولم يلتفت الثوار للادعاءات التى اتهمتهم بالتمويل من كنتاكى أو من ماكدونالدز، وكلنا يتذكر تلك القنوات التى كانت تذيع قبل تنحى مبارك الأخبار عما يأكله الثوار فى الميدان، وتسجيلات «أحمد سبايدر» و«تامر من غمرة»، كما لم يلتفت إلى أن هناك فى تليفزيون الدولة من يظن أن الثورة قامت فى أعماق النيل، بينما هناك فى التحرير وباقى الميادين من يموت، ومن تصيبه رصاصات الأمن بالعجز، لا جرم لهم إلا أنهم خرجوا للمناداة بالمساواة مع البشر، فى حريتهم وكرامتهم وأكلهم للعيش الصالح للاستهلاك الآدمى، فيما الباقون كانوا يقتاتون جزءا من تمرة أو قطعة جبن أبيض أو من «المش» الذى حمل معه الدود وكـأنه يرسل رسالة لدود الأرض الذى خرج: «مصيركم الأكل والقتل»، لكنهم لم يستمعوا ولم يعوا ما يحاك ضدهم.
يناير بات نهبا للجميع.. من يدافع عن النظام الحالى، ومن يتوهم أن نظامه الذى خرج الشعب ضده سيعود، بينما الثوار الحقيقيون الذين ثاروا ضد الجهل والتخلف لايزال الواحد منهم يعض على النواجذ حسرة على ما ضاع ومن استشهد دون ثمن حقيقى، يصون للثورة أهدافها ويعيد للشهداء حقوقهم وينتصر لمبادئهم، فلا الحياة عادت وردية، ولا الكرامة الإنسانية أصبحت عنوانا للحياة فى مصر، فيما الناس حائرون غاضبون متخوفون متوجسون من كل شيء، لا يعرف الواحد منهم المصير الذى يستهدفهم ولا يستهدفونه، ولا يرى أقواهم بصرا وبصيرة نهاية لطريق وضع له ولم يشارك فى وضع ملامحه!.
النهاية أن يناير تم اغتيالها عمدا ومع سبق الإصرار، فيما يشبه الإجماع لدى آل السطوة والنفوذ، من حواريى النظام والمستفيدين من نحر رقبته يوميا دون وعى منهم، إلا لما سيصب فى صالحه مالا أو نفوذا، ربما يظن البعض أن معاداة أى معارض لسياسات النظام الحاكم، هى موالاة للنظام الذى سبق أن عزله الشعب، وهو قول فاسد قولا وفعلا، حيث مفهوم أى ديمقراطية رشيدة فى كامل الدنيا، يؤكد أن المعارضة القوية فى صالح أى نظام قوى، وأن أى نظام يخشى أى معارضة وإن صغرت أو صنعت، ليس سوى نظام هش سيسقط عند أول عاصفة تهب عليه، وسيكون أولئك المطبلون سببا فى ذلك على طريقة الدبة التى قتلت صاحبها.
فى النهاية ستبقى يناير الثورة «الأم» لما جاء بعدها، وستبقى يونيو استعادة لما سرق بفعل فاعل معلوم، وسيبقى الشعب، قصر الوقت أو طال، هو القائد والمعلم، الذى لن ينصاع لأى مهاترات تأتى من الفصيل الذى خلعه بيديه وحناجره، لكنه أبدا لن يصبر طويلا على ضياع حقه فى الحياة الآدمية لصالح ثلة من المستفيدين، وإن لم يلتفت الرئيس لذلك فلا يلومن إلا نفسه، وهو ما يدفعنى لمطالبته بالاستماع للناس فى الأسواق والشوارع، وأن يمتنع تماما عن معرفة أخبارنا من التقارير التى اعتاد عليها.
وختاما: سلام على شهداء الحرية والكرامة فى يناير ويونيو، سلام على ثورة شعب مهما اختلف تاريخها، وأتمنى أن تقوم الدولة المصرية من سباتها، وأن يعود نظامها قويا بشعبه لا برجال أمواله.