الخميس 06 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

التسابق على الخسائر!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشترك جماعة الإخوان مع جماعة الحكم المؤقت فى تبديد طاقة البلاد، بل وإضاعة الفرص والمستهدفات التى يُفترَض أن يسعى كلٌ منهما لتحقيقها بما يعود عليه بمكاسب سياسية، وذلك بالأخطاء الأساسية فى ترتيب الأولويات!
فقد حيَّر الإخونُ كلَ من يراقب خطواتهم بأنهم لم يدركوا ولم يستوعبوا ما حدث لهم بعد تجربتهم لمدة عام انفردوا فيه بالحكم، ويُصرّون على تبرئة ساحتهم من أية أخطاء، وأن هنالك مؤامرة ضخمة حيكت ضدهم وضد الشرعية..إلخ، ولا يعترفون بفشلهم فى تلبية احتياجات الناس بما ترتب عليه أن خرجت الملايين من جماهير الشعب للتخلص منهم، وأنه ما كان لهذه الملايين أن تشهر معارضتهم والرغبة فى إبعادهم إلا بعد معاناة معيشية غير عادية مع فقدان الأمل فى الحل، وكان على الإخوان أن ينتبهوا إلى أن هذه أول مرة يلفظهم فيها الشعب منذ نشأة الجماعة قبل 85 عاماً، وكان عليهم أن يتوقفوا ليدرسوا هذا التحول الخطير على حاضرهم ومستقبلهم، ولكنهم تركوا الأمر ليتطور إلى أن لحقت بالموقف الشعبى كل القوى السياسية المعارِضة التى كانت تتحين الفرصة التى لم يكن لها أن تسنح إلا بسبب فشل الإخوان وما ترتب عليه، كما أنهم تبينوا خطورة الانتظار حتى موعد حلول انتخابات أخرى تتاح فيها الإمكانية لإرادة التغيير، وانضمت إلى الركب التاريخى كل الفئات من قضاة ومحامين وصحفيين..إلخ، فما كان من قيادة القوات المسلحة، وإنقاذاً لاستقرار البلاد وأمنها، وكان اتضح لهم مخاطر أخرى من سياسة الإخوان، إلا أن تدخلوا لإزاحة الإخوان وممثلهم فى القصر الرئاسى.
ولكن الإخوان لا يرون فى كل هذا إلا أنها مؤامرة ضد شرعيتهم، وكأنه يمكن لمؤامرة أن يجرى التنسيق فيها مع عشرات الملايين، وكأن هذه الملايين لا تضفى الشرعية على ما حدث وما يمكن أن يحدث!
هذا التوجه الإخوانى فى استقراء الحدث وتأويله ترتب عليه أخطاء جمة فى السياسة التى اعتمدوها رداً على ما حدث، فضاع عليهم ما كان يمكن أن يعود عليهم بالنفع أو أن يقلل من خسائرهم!
أكبر الخاسرين من هذا التفكير ومن السياسة الإخوانية الجديدة والممتدة حتى الآن هم الإخوان أنفسهم، لأنهم استبعدوا إمكانية أن يعالجوا أخطاءهم فى الحكم التى كانت السبب الأساسى فى كل ما جرى، بل أنهم لم يعترفوا أصلاً بأن لهم أية أخطاء، وبالتالى ما عاد ممكناً لهم أن يُصوِّبوا سياستهم، وهذا ما نرى تجلياته يوميا!
فما الذى يعود عليهم من الخط الذى يتبعونه بقطع الطرق على الناس العاديين؟ وألا يدركون أن المسيرات التى يسيرونها تفضح فقدانهم القدرة على الحشد التى كانت أكثر ما يتباهون به؟ وما الذى يفيدهم من سياسة المجاهرة بعداء القوات المسلحة؟ ولماذا يسعون إلى إفساد الاحتفال بعيد 6 أكتوبر؟ وكيف يصمتون على جرائم القتل العمدى ضد الجنود الأبرياء فى سيناء، وإذا صدرت عنهم إدانة فهى مشفوعة بتبرير للجريمة؟ وإذا كانت قناة “,”الجزيرة“,” على أتم استعداد لمساندتهم بأى شيئ حتى إذا تعارض مع القانون والعرف والتقاليد المهنية والحصافة السياسية، فكيف لم يطلبوا منها أن تغير خطها الدعائى الكذوب الذى لا يثمر إلا رفض وكراهية المشاهدين لهم؟
هذا استنزاف لطاقة البلاد كما أنه لن يفيد الإخوان بل سيحقق لهم المزيد من الخسائر؟
وبالمثل، فليس الحال بالأفضل على جبهة جماعة الحكم المؤقت، انظر فقط إلى أخر تصريحات المستشار عدلى منصور، الذى كان عليه أن يتذكر دائماً أنه رئيس مؤقت، وأن رئاسته هى لمرحلة انتقالية يزدحم جدولها بمهام كلها شديدة الأهمية وكلها عاجلة، لأن المفتَرَض منها تهيئة البلاد للانتقال من حال ثار عليه الشعب إلى حال يحلم به الشعب، فما علاقة المشروعين اللذين أعلن عنهما حول قناة السويس ومحطات الطاقة النووية بمهام الانتقال المنوط به إنجازها كشرط لنجاح المرحلة الانتقالية؟
هذان مشروعان من مؤجلات عقود خلت وهما من مهام المستقبل لحكومة مستقرة اختارها الشعب وفق برامج انتخابية فى انتخابات حرة نزيهة، وكان على المستشار منصور أن يعمل بكل طاقته من أجل توفير شروط إنجاح هذه الانتخابات بدلاً من إضاعته لهذا الوقت الثمين فى مناقشة مشروعات يحتدم الخلاف حولها بين خبراء الاقتصاد والسياسة، فضلاً عن أن انجازها يأخذ عشرات السنين!
حقاً، ما الذى دعا المستشار منصور إلى بذل الجهد فى مثل هذين المشروعين؟ ألم يكن من الأجدى أن يناقش مع الحكومة كيف يعيد الحياة إلى آلاف المصانع المعطلة قبل وبعد ثورة يناير؟ ألم يكن من الأكثر فائدة أن يحسم أمر التغيير الذى نادت به الثورة فى قيادات الصحافة والتليفزيون، بدلاً من ترك رجال الإخوان حتى الآن يتحكمون فيما يقرأه الشعب ويشاهده يومياُ؟ ألا يرى الرئيس منصور هو وحكومته خطراً محدقاً من ترك مدارس الإخوان حتى الآن تعبث فى أدمغة الأطفال، وأن كل هذا أولى من فتح الجدل حول مشروعات بعيدة المدى تثير خلافات بدءاً من جدواها الاقتصادية وحتى صداقتها للبيئة؟