رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

قتلى المواجهات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يخلط بعض المهتمين، بين حق الدفاع الشرعي عن النفس، وممارسة الحقوق والحريات والتعبير عن الرأي، و يؤدي هذا الخلط دوما إلى مشكلات عميقة مع الرأي العام، ربما من بين سلبياتها عدم القدرةعلى تبين طريق القرار الصحيح، والقدرة على التعامل الإيجابي مع الأزمات، أو تجاوزها.
هذه الملاحظة وثيقة الصلة بآراء البعض، الذين يعتبرون المواجهات مع المتظاهرين غير السلميين تعبيرا عن رغبة في العنف، وانتكاسة لثورة 25 يناير، التي حسمت على الأرض حق المصريين في التعبير عن الرأي، والتظاهر والإضراب والاعتصام، في إطار ممارسة الحقوق الإنسانية المشروعة.
والواقع أن تلك النتائج حقيقية، بعد أن أصبحت تلك الحقوق واقعا مؤكدا لا يمكن المساس بها، أو فرض قيود عليها، وأن حدوث ذلك يمثل انتهاكا لحقوق اكتسبها الشعب بثورته، وفي الوقت ذاته ردة عن إنجازات تحققت، وعودة إلى الخلف.
لكن السؤال، هل ما نعيشه الآن، وما تمارسه جماعة الإخوان، يدخل في باب حقوق التظاهر والتعبير السلميين؟، وهل من مكتسبات ثورة يناير أن نفعل ما نريد كيفما نشاء؟، وهل حمل السلاح واستخدام العنف وترويع الآمنين، جزء من حقوق التظاهر؟، وهل منع الناس من ممارسة حقوقهم بالمقابل، حق لا يحق لك أن تجادل أو تطالب بحماية حقوقك أنت أيضا؟.
الأسئلة السابقة، ترتبط ارتباطا وثيقا بالفارق بين مشهدين، الأول في عامي 2011 و 2013، والثاني في الأسابيع والأشهر الأخيرة، لقد خرج المصريون في ثورتين عامي 2011 و 2013 بصورة حضارية، لم يستخدموا السلاح ولا العنف ولا الترويع، بالعكس، فقد توافرت كل مظاهر السلمية بصورة مدهشة ومثيرة للتقدير، ومؤكدة لمعاني التغيير السلمي، وكان الخروج تعبيرا شعبيا حقيقيا، شهد التفاف كل المصريين بفصائلهم السياسية، و كل ألوان الطيف الاجتماعي، حول أهداف محددة، ارتبطت كلها بإسقاط النظام والتغيير الجذري.

أما المشهد الحالي، فيؤشر إلى قوى سياسية تسعى لفرض أهدافها ومطالبها على الشعب بكل ألوان طيفه المجتمعية، وعلى قواه السياسية، وأن تستخدم في سبيل ذلك، الترويع والعنف في ممارستها، والمثير أن تستخدم التخويف والاتهامات والسباب للشعب في حملتها السياسية، وهي كلها مؤشرات لا تنتج ثورة تغيير شعبي، وإنما تسعى إلى التأثير السلبي على المجتمع، والتخطيط لإحداث انهيار في اقتصاده وبنائه الاجتماعي، ونشر الفوضى.
في يناير 2011، اتحد الشعب والجيش والإعلام والقضاء والأحزاب والقوى السياسية جميعها، وانهارت الشرطة، فكانت الثورة وكان التغيير، وفي يونيو 2013 اتحد الشعب والجيش والشرطة والإعلام والقضاء والأحزاب والقوى السياسية والجهاز البيروقراطي للدولة، فكانت ثورة التغيير، والآن لا تعليق سوى مجرد تساؤل .. هل يمكن أن يثمر ما يحدث تغييرا؟، هل ترويع الناس والاعتداء على ممتلكاتهم وتحطيمها يحقق التغيير، ويعيد الشرعية؟، وما هي الشرعية غير قرار شعب؟، هل ما يحدث يدعو الشعب للتغيير، أم أنه مجرد إرباك وإثارة للفوضى والمشكلات والأزمات دون تغيير حقيقي؟!.
ممارسات جماعة الإخوان كلها تصب في نهر معاداة ثورتي يناير ويونيو، وتستهدف تغيير مسار الثورة ومجراها، من الحرية إلى الاستبداد، ومن المشاركة إلى الإقصاء، لا صلة لمواجهة عنف وإرهاب الجماعة بما تحقق من نتائج على الأرض، أنتجها شعب ثار مرتين من أجل حريته، بل إن الخلط بينهما سيؤدي فعليا إلى إهدار ما حققه الشعب من إنجازات.
الفارق كبير بين الدعوة للتحقق من التزام القانون في مواجهة العنف والإرهاب، والدعوة لما يؤدي لتكبيل يد الدولة المعنية بالحفاظ على النظام العام في مواجهة العنف والإرهاب.
استقيموا يرحمكم الله.