رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"وليلى لا تقُر لهُم بذاكا"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وكُلٌ يدّعى وصلاً لليلى.. وليلى لا تقُر لهم بذاكا.
وليلانا هُم الشباب الذين لا يغيبون عن أى خطاب سياسى للمسئولين، هُم الزائر الدائم لمانشيتات الصحف القومية، وهُم الضيف المُقيم على ألسنة الوزراء والساسة، هُم علكة الاجتماعات، وغزل المؤتمرات، والمديح المجانى لكُل صاحب ميكروفون فى هذا البلد. الكُل يتوجه بكلامه وفكره وخططه وتصوراته نحو الشباب، لكنه توجه تمثيلى لا يعكس أى حراك فعلى على أرض الواقع، الجميع يُبدى احترامه واهتمامه والتفاته وتركيزه على الشباب، لكن ذلك لا يُترجم إلى تطبيع كامل بين الدولة والشباب.
لذا فإن هُناك حالة خصام واضحة بين الشباب والسُلطة، لأنهم لا يُصدقون أن الدولة الجديدة ترغب فى تفعيل مُشاركتهم فى مصر الجديدة، رغم أنهم كانوا طليعة انتفاضة يناير ضد فساد نظام مُبارك، كما كانوا وقود الانتفاضة ضد حُكم المُتأسلمين الكريه، هُم ما زالوا على الأقل فعليا خارج المشهد، فلا يوجد وزراء ولا مُحافظون من جيل الثلاثينيات ولا رؤساء بنوك أو شركات أو هيئات كُبرى تقل أعمارهم عن الـ٤٠ عاما، لا رؤساء تحرير ولا قيادات بقصور الثقافة ولا رؤساء أندية أو أحزاب سياسية «عدا مُستقبل وطن» من صغار السن.
وواقع الأمر أن نطاق المسئولية محصور بين وجوه صفراء باهتة تُكرَر «بفتح الراء» وتُكرِر « بكسر الراء» الأفكار والخطط والتصورات والأهداف فى رتابة وملل، وتحت لافتة تراكم الخبرات يُقصى الشباب عن القيادة ويُبعدون عن المشهد ليستنزفهم الإحباط فيتحولون تدريجيا إلى كيانات هشة بأفكار تقليدية بعد أن يغزوهم الشيب رويدا على أرصفة المُشاهدة.
إن تحقيق قفزات حقيقية على سلالم التنمية يستلزم أفكارا مُنفلتة، وتصورات خارج الحسابات التقليدية، وما دمنا فى مصر نواجه تحديات خطيرة، ومشكلات عويصة على مستوى الاقتصاد والسياسة والمُجتمع فإننا لا شك نحتاج عواصف ذهنية، وثورات فى التفكير، ونسف القوالب والنظريات المُعتادة، وبمعنى أدق نحتاج للشباب «المطرقع» بتعبير أحد أصدقائنا الاقتصاديين الدوليين، حتى يُمكننا من إنجاز ما يستحيل إنجازه. إن الشركات الكُبرى تستعين بأصغر الأجيال سناً بين العاملين لتضع حلولا للمشكلات التى تواجهها، ومَن يُتابع علم الإدارة الحديث وتطوراته يُفاجأ بأن سن العشرينيات هو سن المُدراء الأكفاء.
لقد تكررت أحاديثنا عن الشباب، وتعددت كلماتنا عن أدوارهم، وتنوعت أطروحاتنا عن تعظيم مكانتهم، ورغم ذلك لم نشهد تغييراً كبيراً على أرض الواقع، وقبل أيام بشّرنا الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن عام ٢٠١٦ سيكون عام الشباب فى مصر، وآمل وأتمنى أن تتحول البُشرى إلى فعل، لا من أجل الشباب «رغم أن هذا حقهم»، لكن من أجل مصر التى نحلُم بها.. والله أعلم.