الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ماذا يريد داود عبدالسيد من قدراته غير العادية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اسم داود عبدالسيد على تترات أى عمل سينمائي، كفيل بأن يخبرك أنك أمام عمل مميز يحترم عقلك كمشاهد، ويدفعك للتفكير مع كل مشهد وفى كل جملة حوارية ينطق بها الممثلون، فى فيلمه الجديد «قدرات غير عادية» بدا داود حائرًا بأبطاله على غير عادته، فظل طوال أحداث الفيلم تائهًا بهم داخل عالم من صنعه، فهل أراد أن يصل بهم إلى هذه الحال؟، أم أنه فقد خلال هذه التجربة قدراته غير العادية ؟!
يظهر يحيى وهو حائرًا فى مدخل أحد المستشفيات منتظرًا المشرف على رسالة الدكتوراه الخاصة به، والتى اختار له موضوع «القدرات غير العادية»، يشكو يحيى للمشرف على رسالته فشله فى الحصول على الحالات التى تساعده فى إتمام بحثه، وهنا يطلب منه الدكتور المشرف على الحالة أن يقوم بإجازة طويلة لمدة شهر، يكون خلالها استطاعت أجهزة الدولة المختلفة من داخلية وأوقاف وصحة وخلافه توفير الحالات التى تساعد الدكتور يحيى على إتمام بحثه.
يخبرنا الراوى الذى يصر داود على منحه مساحات واسعة داخل أعماله السينمائية ، أن يحيى قرر أن يذهب لمدينة داود المفضلة «الإسكندرية»، واختار الإقامة فى بنسيون مطل على البحر، يكون فى استقباله خادم البنسيون النوبى «حبيب الله»، وعندما يقدم الراوى سكان البنسيون، تكتشف أنك أمام مزيج من أبطال أفلام داود عبدالسيد السابقة، وبالتحديد «حياة» صاحبة البنسيون المتعلقة بالرسم، ويحيى الطبيب الهادئ، ومحمود الجندى المنشد صاحب اللسان الساخر، وفريدة الطفلة صاحبة القدرات غير العادية، معظم هذه الشخصيات تناولها داود فى أفلامه السابقة بشكل أو بآخر، ومع استعراض باقى سكان البنسيون من حسن كامى المطرب الأوبرالى الكبير فى السن، ومحمود الجندى المنشد الديني، وأحمد كمال الرسام، وأكرم الشرقاوى المخرج الإيطالى المشغول بصنع فيلم عن عاهرات موانئ البحر المتوسط.
بالطبع شخصيات ساحرة ومختلفة، ووضعها فى مكان وعالم واحد يجعلك تتمسك واثقًا فيما سيقدمه داود عبدالسيد.
يذهب يحيى للتسوق، ويكون من بين مشترياته «زجاجة النبيذ» الذى سرعان ما يخفيها البائع بعد دخول شاب صاحب لحية ووجه عابث فى المطلق، فهى نظرة داود الدائمة عن الدين، فهو لا يرى منه سوى الجانب المتطرف فقط!
يقع يحيى فى حب حياة صاحبة البنسيون بدون سابق إنذار، تتكرر الصدف التى تجمعهم فى مدينة الإسكندرية، يكتشف يحيى تعلقه بحياة فى نفس الوقت الذى يكتشف فيه أن ابنتها فريدة، صاحبة قدرات غير عادية، وتقرر الطفلة فريدة أن تكشف عن قدراتها غير العادية فى إحدى حفلات السيرك، الذى كان يعلن عن موعد بدء عرضوه من خلال التجوال فى شوارع المدينة، وهو يضع أسدًا داخل قفص حديدى على عربة نقل كبيرة، تتقدمه مجموعة من الأقزام والراقصين، والذى تمت مهاجمته من بعض الشباب دون أن نرى سببًا فى ذلك سوى اكتفاء داود بظهور وجه لرجل ملتحٍ فى نهاية المشهد يشعر وجهه بالرضا لما حدث! فى إشارة واضحة أنه المسئول عن واقعة الهجوم على السيرك.
تنقلب الأحداث عقب إعلان فريدة عن قدراتها غير العادية بالفيلم، الشرطة تقرر هدم السيرك، وتهاجم البنسيون بحثًا عن فريدة، ولكن والدتها حياة قررت الهروب هى وطفلتها، لا نعلم هنا تحديًا لماذا قررت حياة الهروب وممن تهرب ؟!
يظهر فى الأحداث عباس أبو الحسن، لا نعرف من هو ولا من يمثل، لكن يبدو أنه ينتمى لإحدى الجهات السيادية، ولكن الغريب أن يظهر ممثلًا لجهة سيادية فى مصر وهو يصنع ديل حصان صغيرًا فى شعره! الأمر نفسه سخر منه أحمد كمال بمجرد رؤيته عباس أبو الحسن فى أحد مشاهد الفيلم.
تقرر حياة أن تسلم نفسها للشرطة، وتقابل عباس أبو الحسن داخل قسم الشرطة، ويقنعه بأن تكون الجهة التى يعمل لديها مسئولة عن تربية فريدة، لضمان حياة أفضل لها، يخدعها ويخبرها أن الدكتور يحيى يعمل معهم ولأنه من أرشدهم عن فريدة، تصدم حياة دون حتى أن تحاول أن تتأكد من المعلومة، وتقرر أن تنسى يحيى وتذهب فى صحبة المسئول الغامض، وتتزوجه وتعيش معه ومع فريدة فى مستوى مادى كبير.
يحيى يغادر البنسيون ويكتشف بالصدفة أنه صاحب قدرات غير عادية، فهو من كان يعثر على حياة، لا العكس كما كانت حياة تتوهم، يذوب يحيى فى الموالد ووسط الصوفيين للبحث عن أصحاب القدرات الخاصة، يخبره شيخ الطريقة الصوفية أن الأمن يلاحقه دون أن أعرف ما الهدف من ظهور شيخ الطريقة الصوفية فيه مشهد أعتقد أنه مبالغ فيه.
زوج حياة الجديد يخبره بأن فريدة فقدت النطق، وأن حالتها الصحية تتدهور، يحاول يحيى زيارتها والتواصل معها، ولكنها لم تعد فريدة كما كانت، يدرك يوسف أنهم استخدموها فى استجواب خارجين عن القانون، يخبر المسئول الأمني، أن فريدة تعانى اكتئابًا حادًا.
تتطور الأحداث بشكل سريع، فترفض فريدة أن يلمسها زوجها، فهى تحب يحيي، ففجأة تكتشف أن بداخلها حريقًا هائلًا، لا تستطيع أن تسيطر على اشتياقها ليحيي، تتحول تلك الرغبات المكبوتة لحياة، إلى حرائق تلتهم المنزل التى تعيش فيه بصحبة زوجها وابنتها فريدة.
تقرر حياة العودة للإسكندرية مرة أخرى بصحبة فريدة لعلها قربها من البحر يطفئ ما بداخلها من حرائق مشتعلة، فهى معتادة أن تلقى بجسدها وروحها وعقلها فى البحر كلما قابلتها مشكلة أو صادفها تفكير، يتعرف يحيى على ما حدث خلال مقابلة تجمعه بالصدفة بزوج حياة السابق، يقرر أن يعود هو الآخر إلى البنسيون الذى التقى فيه حياة لأول مرة.
هل كان يناقش داود فى الفيلم فكرة السلطة وتحكمها فى حياتنا، وهو ما دفعه للمباشرة فى أن يسب حبيب الله رجلًا غامضًا فى نهاية أحداث الفيلم؟!، أم أننا نحمل الفيلم أكثر مما أراد داود أن يقدمه كمؤلف ومخرج، أعتقد أنه يحتفظ بإجابة هذه الأسئلة، وسيرفض الإجابة عنها، لتظل حالة الغموض والتفكير مصاحبة عند الحديث عن قدرات غير عادية، لكن فى النهاية لن تستطيع أن تنكر أن داود عبدالسيد المخرج تغلب على قرينه المؤلف، وأن نجلاء بدر والطفلة الموهوبة هما الاكتشاف الحقيقى بعد أن كشفتا عن قدراتهما غير العادية، بينما يظل خالد أبوالنجا ممثلًا يجيد اصطياد أدواره والتعامل معه بموهبة غير متوافرة لدى كثيرين من نجوم الصف الأول.