الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

من أين يأتي مفطور القلب بهذه القوة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى يوم ٢٦ ديسمبر من العام الماضى قُتل الإرهابى زهران علوش، قائد ما يسمى «جيش الإسلام» فى سوريا. قُتل بعد أن أراق دماء مواطنين أبرياء وروع آمنين ودمر عمارة كانت موجودة بعضها شاهد على التاريخ. كون الإرهابى علوش جيشًا من الإرهابيين، وامتلك الصواريخ والقنابل التى وبدم بارد دمر بها شعبه وبلده، هو الإرهابى وعصابته المسماة «جيش الإسلام» الذى صنف بكل المقاييس الدولية جماعة إرهابية.
فى يوم سقوطه وبعض ممن معه انفطر قلب ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، بما أن البرهامى هو العلامة المعتمدة فى الدعوة، فبالضرورة قد انفطر قلب الدعوة وحزبها. وفى بيان يقطر حزنًا وألمًا نعى برهامى علوش: «إنا لله وإنا إليه راجعون فقدت الأمة الإسلامية والشعب السورى الشقيق فضيلة الأخ المجاهد الشيخ الداعية زهران علوش، أحد أفاضل الدعاة من أهل العلم والقادة المجاهدين على نهج أهل السنة والجماعة».
وأضاف بعد أن مسح دموع اللوعة: «علوش ربى أجيالًا على التوحيد، واتباع منهج السلف رضوان الله عليهم، ومن أكثر قادة المجاهدين السوريين فهمًا وإدراكًا للواقع، والتزامًا بمنهج السلف وله قبول عالمى واسع».
يؤبن ياسر برهامى بهذه القوة والانحياز قاتلًا إرهابيًا، فهل وقف الأزهر أمام هذا التأبين ودلالاته؟ وهل وقفت الأوقاف وهى تجدد التصريح لبرهامى باعتلاء المنابر أمام مفردات اللغة التى نعى بها علوش؟ وقد تخطينا مرحلة بغض الزوجة المسيحية، وتحطيم التماثيل، ومفاخذة الطفلة إلى الإشادة بقاتل إرهابى.. ألم يقف أحد ويتخذ موقفًا جادًا منه، وهو يصف هذا الإرهابى المقتول بأنه «أحد أفاضل الدعاة من أهل العلم القادة المجاهدين».
هى والله أوصاف لا تطلق على إرهابى، ألم ينزعج السادة الأفاضل فى مؤسسات الدولة من المعلومة التى قدمها باقتناع وإيمان برهامى؟ وهى «أن علوش ربى أجيالًا على التوحيد. وأنه من أكثر قادة المجاهدين السوريين فهمًا وإدراكًا للواقع!».. ما رأى السادة الأفاضل فى نعى ياسر برهامى؟ وإلى متى سيظل أولو الأمر وأقصدُ أمر العقل وسلامة المجتمع وصحيح الدين مستسلمين لهذا الخطاب، الذى لا يتوقف عن ترديده برهامى وجماعته؟ هؤلاء أخطر من «داعش». فـ«داعش» ومن معه على كل لون واسم من الفصائل الإرهابية يقتلون ويدمرون بوضوح، أما برهامى وأتباعه فهم يتسربون للعقول كالحيات تحت الفراش الدافئ بهدوء وبمنهج منظم، ببساطة هم يجهزون الشباب لتصديرهم إلى «داعش» وأشباهه.
يمرح ياسر برهامى فى المجال العام مثل صاحب قرار وصاحب سلطة وقوة. ولم يقف أحد فى الدولة ليحاكمه، ولن نقول ليوقفه، لكن نكرر ليحاكمه، فهو بموجب القوانين التى تنص على معاقبة كل من يهدد السلم الاجتماعى، وراجعوا تصريحاته وتدويناته. ليس وحده، ولكن هو وأتباعه. ثم لم نرَ من يحاكمه متهمًا بازدراء الأديان -رغم الاعتراض الشديد على ما يُسمى «ازدراء الأديان»- فقد ازدرى وما زال الدين المسيحى، بل والمذاهب الإسلامية التى لا تتفق ومذهبه.
الكارثة ومع كل هذا أن يصرح ياسر برهامى يوم ٦ نوفمبر من العام الماضى، وبعد أحداث فرنسا، تصريحًا مستفزًا وهو «أن الدعوة ستجهز حملة للدفاع عن الإسلام بعد حادث فرنسا»، وأضاف «أن الدعوة ستبدأ التنسيق مع الأزهر الشريف بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية»، وقد انتهت الانتخابات البرلمانية، فهل بدأ التنسيق بين ياسر برهامى ودعوته السلفية والأزهر الشريف لتجهيز حملة للدفاع عن الإسلام؟!
لم ينفِ الأزهر الشريف -رغم النشاط الإعلامى فى إداراته الإعلامية واليقظة فى الرد على كل شاردة وواردة- ولم يكذب هذا التصريح. ألم ينتبه السادة فى المؤسسات الرسمية إلى أن ياسر برهامى ليس مجرد فرد يلقى بالكلام هُنا أو هُناك؟ لكنه قائد دعوة، فهو لم يتحدث مرة بصفته الشخصية، لكن كل خطابه منطلق بصفته معبرًا وقائدًا لهذه الدعوة، إذ هناك دعوة يقودها ياسر برهامى، فهل ما زال الأزهر والأوقاف يحتاجان إلى المزيد لإدراك خطورته وخطورة دعوته، أم أنه أقوى مما نتخيل ونعتقد؟