الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"البلقان".. مصدر الإزعاج الأوروبي في 2016

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لسنوات طويلة، لم تكن منطقة البلقان علي جدول أعمال قادة أوروبا، وتياره الليبرالي اليميني الجديد.
منطقة البلقان بدولها التي تمثل "موزايكا" في التعددية الثقافية، العرقية والدينية، فتحت حجة قضايا أخري ذات أولوية تناست أوروبا المنطقة، لكن تطورات العام المنصرم 2015، وعلي رأسها عمليات النزوح الجماعي لللاجئين والمهاجرين، فرضت مجددا علي جدول الأعمال الأوروبي أولوية قصوى، والتي بقيت ضمن الاطار الشكلي.. فهناك كاليونان أزمة الديون السيادية والصراع التاريخي مع تركيا بسبب احتلالها للشطر الشمالي من قبرص وتنصيب حكم تابع لها، فضلا عن الصراع اليوناني المقدوني حول اسم الدولة المقدونية، إضافة إلى الصراعات العرقية التي تجتاح مقدونيا مع الأقلية الألبانية، وتأتي من ناحية أخرى كوسوفا، والصراع بين الصرب والألبان والبلغار، حول الهوية واللغة السلافية البلغارية التي وضعها الأخويين كيريل وميتودي البلغار الأصل.
بل تداخل في كل ذلك العام الماضي تجاذبات المشهد الأوكراني وتداعياته في العلاقات الروسية البلقاني بل والأوربية الأطلسية، بل شهد العام الماضي أيضا تداعيات وانحدار العلاقات التركية الروسية بعد إسقاط أنقره للطائرة الروسية المقاتلة سو 24.
في ظل تلك الصورة تتزايد معدلات الفقر بالمنطقة بالمقارنة لدول الغرب الغنية، لتصل إلى غياب شبه كامل لدولة القانون والاستقرار السياسي.
الا أن نهاية العام الماضي وما شهده من تحولات جدية في النزوح الجماعي للمهاجرين واللاجئين، ليس فقط القادمين من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وإنما من الدول البلقانية الفقيرة كرومانيا وبلغاريا، ومقدونيا، في البحث عن فرص عمل وحياة أفضل.
كثيرون من خبراء وسياسيين أوروبيين طالبوا بروكسيل بوضع المنطقة علي جدول الأعمال اليومي المستمر، للوقوف بوجه عمليات النزوح الدائم.
دول البلقان بشكل عام لم تكن علي استعداد لاستيعاب الظاهرة حكوميا وشعبيا، فقد رفضت حكومات بوخارست، وزغرب وصوفيا اتباع تعليمات بروكسل في قبول مبدأ حصص توزيع اللاجئين علي أراضيهم، بل دفع وضع منطقة البلقان لإبراز "ملف الحدود الأوروبية المشتركة" ليتصدر الواجهة الأوروبية، والأطلسية، في عمليات حماية "الناتو" للخطر الروسي المزعوم بطلب من حكومات رومانيا وبلغاريا وتركيا.
من الطبيعي ولعقود ماضية مرت في تداخل العلاقات "الروسية – البلقانية" سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بل وثقافي علي موازاة سواحل البحر الأسود، فصربيا تمثل حاليا الشريك الاستراتيجي لموسكو بالمنطقة، وهو ما دفع الناتو لدعوة جمهورية الجبل الأسود- الدولة السابقه بالفيدرالية اليوغسلافية - بالانضمام لعضويته.
قمة الاتحاد الأوروبي أواخر العام الماضي عكست اتفاق بروكسل وأنقرة فيما عرف باسم "البوابات التركية لأوروبا" لمنع تسلل وتدفق مهاجرين ولاجئين، عبر تمويل أوروبي سخي بمبلغ 3 مليارات يورو لضبط الحدود وتسكين اللاجئين علي الأراضي التركية، مع تسريع لملفات التفاوض التركي الأوروبي في الحصول علي عضوية أوروبا.
هذه الخطة تفتقت في أوساط صقور أوروبا نبعد فشل خطة توزيع بحصص لعدد 160 ألف لاجئ ومهاجر من إيطاليا واليونان، علي بقية الدول الأوربية، والاكتفاء حتي الآن بتوزيع 200 منهم فقط، ومن ثم تزايدت الهواجس الأوروبية إلى التفكير بإنشاء وكالة أوروبية مشتركة للرقابة علي مجمل الحدود الأوربية بوصفها حلا لا غني له، لإنقاذ "منطقة شنجن الأوروبية"- تأشيرة التنقل الأوروبي الحر للمسافرين والبضائع ورأس المال- من الانهيار الكامل.
إذن هي خطة تمثل أكبر تحد لأوروبا بعد تأسيس العملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، إذ إن تطبيقها سينقل صلاحيات مراقبة الحدود لسلطة مركزية موحدة، وهكذا يحتدم الصراع ما بين تيار يميني ليبرالي جديد صاحب مقولة "أوروبا أكثر" والآخر المناوئ له والممثل في اليمين المتطرف صاحب شعار "أوروبا أقل"، أي بعودة الدولة الوطنية وسيادتها.
في مغب ذلك تظل منطقة البلقان المصدر الأساسي للهم الأوروبي من يمينه ويساره، باعتبارها مصدرا أساسيا للصراع بالعمق الأوروبي في التجاذبات.