الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رحل عام آخر من الفساد والإرهاب.. والمزاج أيضًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ويصر عام ٢٠١٥ قبل رحيله أن يذكرنا بأوجاعنا، وتجتمع ثلاثية الفساد والإرهاب والمزاج أيضا فى لحظة تاريخية.
فى الترتيب كان غول الفساد متربعا على المركز الأول، حتى إن رئيس الدولة اضطر أثناء حلف اليمين للسادة اللواءات المحافظين الجدد أن يضع مكافحة وضرب الفساد على رأس أولويات عملهم.
ومثل كرة الثلج جاءت تصريحات رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، الذى قال إن تكلفة الفساد فى مصر خلال عام ٢٠١٥ تجاوزت ٦٠٠ مليار جنيه، بمعدل ثلاثة أضعاف عن تكلفة الفساد التى رصدها الجهاز عن عام ٢٠١٤ وبلغت ٢٠٠ مليار جنيه.
وقال جنينة إن أعضاء الجهاز المركزى يتبادلون التقارير الرقابية على مدار السنة فيما بينهم وبين المسئولين فى الجهات الحكومية، ولم يكتفوا برصد التجاوزات المالية المخالفة للقانون، بل يدونون عددا من الملحوظات والتوصيات، وترسل مرة أخرى إلى المؤسسات المعنية، وينتظرون الرد عليها، ثم يتم رفع التقارير فى نهاية العام إلى رئاسة الجمهورية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المخالفين، بهدف التصدى للفساد بقدر المتاح من قوانين.
تصريحات سيادة المستشار والرقم الصادم عن حجم الفساد لم يمرا مرور الكرام مما دعا رئيس الدولة، عبدالفتاح السيسى، إلى تشكيل لجنة للتحقيق فى مصداقية ما ذكرته التقارير الإعلامية عن تكلفة الفساد داخل مؤسسات الدولة، خلال العام الماضى، التى بلغت ٦٠٠ مليار جنيه، أكثر من ٨٠ مليار دولار.
اللجنة تشكلت برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وعضوية ممثلين عن وزارات التخطيط والمالية والداخلية والعدل، ونائب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، ومن بين أعضاء اللجنة خصوم للمستشار جنينة منذ وقت انتخابات القضاة، وكان جنينة ضمن تيار الاستقلال المحسوب على الإخوان.
خطورة الأمر وفقا لصحيفة «المصريون» وثيقة الصلة بكافة تيارات الإسلام السياسى، على تشكيل اللجنة، بل تمتد لأعضائها، فرئيسها هو رئيس هيئة الرقابة الإدارية محمد عرفان، الضابط السابق المقرّب من الرئيس السيسى، وتضم فى عضويتها المستشار هشام بدوى، محامى عام نيابات أمن الدولة سابقًا ومساعد وزير العدل أحمد الزند سابقًا، والنائب الأول لجنينة حاليًّا، والذى عيّنه الرئيس فى منصبه الأخير من دون علم جنينة؛ وهو يعرف قدر الخصومة بين الرجلين، بسبب انتماء جنينة لتيار الاستقلال القضائى، فيما ينتمى بدوى لتيار الزند، العدو الأبرز لجنينة وقضاة الاستقلال منذ صراعهما فى نادى القضاة أواخر عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. وتضم اللجنة المشكلة من قبل الرئيس ممثلين لثلاث وزارات يختصمها جنينة أيضًا فى تقاريره الرقابية، الأولى هى وزارة العدل، ويهاجمها جنينة بسبب عدم كشف حسابات المحاكم باختلاف درجاتها وأندية القضاة للجهاز المركزى للمحاسبات، والثانية هى «الداخلية» التى تحدث جنينة مرارًا عن رفضها الخضوع للجهاز مخالفةً الدستور، والثالثة هى «المالية» التى انتقد جنينة حساباتها الختامية للموازنة وإدارتها للموارد أكثر من مرة خلال العامين الماضيين.
وتختص اللجنة بـ«تقصى الحقائق، ودراسة ما جاء فى هذه التصريحات، على أن تقوم بإعداد تقرير عاجل للعرض على الرئيس، وإطلاع الرأى العام على نتائج أعمالها، فى إطار من الشفافية الكاملة».
بعدها نفى المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، ما تناولته بعض وسائل الإعلام الإلكترونية من أن تكلفة الفساد فــى مصر تزيد على ٦٠٠ مليار جنيه لعام ٢٠١٥.
وأكد رئيس الجهاز فى تصريحات صحفية، مرة ثانية، على الدعم والدور الذى تنتهجه الدولة فى مكافحة الفساد بكافة أشكاله، كما أكد أنه بناءً على طلب وزارة التخطيط الاستعانة بالجهاز فى إعداد دراسة عن تحليل تكلفة الفساد فــى مصر، فقد تم إعـــداد تلك الدراسة بناءً علــى تقارير الجهاز لتغطــى الفترة مـن عـام ٢٠١٢ حتى عام ٢٠١٥، وبالتطبيق على بعض القطاعات لتبرز نواحى القصور فى تلك القطاعات دون تحديد إجمالى لسنة بعينها، كما أن تلك الدراسة تناولت تقييم العديد من المنظومات لتبرز مواطن الخلل فى بعض القطاعات.
وطالب رئيس الجهاز كافة وسائل الإعلام بمراعاة الدقة فى النشر، والتواصل مع المكتب الإعلامى بالجهاز تحقيقًا للموضوعيـــــة.
لكن ما لم يقله سيادة المستشار أن تصريحاته كانت مسجلة صوتا وصورة.
المدهش فيما قالته اللجان المشكلة داخل الجهاز المركزى للمحاسبات أنها قد رصدت أنباء الفساد ليس عن عام ٢٠١٥ فقط لكنها كانت تبحث عنه من عام ٢٠١٢ وفقا للتصريحات الأخيرة لسيادة المستشار وكانت النتيجة وفقا لما نشره الكاتب الصحفى دندراوى الهوارى فى مقاله بجريدة اليوم السابع هى أن ما استند إليه سيادة المستشار فى تصريحاته عبارة عن دراسة بحجم الفساد منذ بداية عام ٢٠١٢ وحتى نهاية ٢٠١٥، وبلغ ٤٤٠ مليارا، وليس ٦٠٠ مليار فى عام ٢٠١٥ فقط.
وكأن مبلغ ٤٤٠ مليارا قليل، أو يغطى فضيحة الفساد الحكومى، سنوات الثورة كان الفساد بها لا يقارن بما كان أيام الملك فاروق الذى يعد حرامى غسيل أمام حرامية الثورة.
وتفتح كرة ثلج الفساد شهية المحامين، حيث تقدم سمير صبرى المحامى الشهير، ببلاغين للنائب العام المستشار نبيل صادق، ونيابة أمن الدولة العليا، ضد المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، يتهمه بنشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالاقتصاد القومى.
لكن تبقى حقائق نشرنا عنها المقال الماضى عن أراضى مصر المنهوبة بـ ٩٠٠ مليار جنيه، وما كشف عنه الاستاذ على القسطاوى المحامى عن ١٠ مليارات أخرى فى موانى مصر.
ومازلنا فى انتظار ما تسفر عنه كرة الثلج.
.. وفى الزحمة نسينا الشهيد الشحات بركات شتا الذى أخذ الإرهابى اللى كان لابس حزام ناسف بالحضن وجرى بيه ١٠٠ متر بعيدا عن الكتيبة من أجل حماية زملائه، وفجر نفسه مع الإرهابى وتحول إلى أشلاء.
لم يكن الشهيد الشحات بركات شتا وحده ممن أوجعوا قلب الوطن، بل عشرات من شهداء الجيش والشرطة.
وتكتمل الثلاثية بمزاج أهل المحروسة، حيث تستورد مصر ورق «بفرة» لزوم اللف والسجائر بقيمة ٢ مليار دولار مع قمصان النوم للسيدات، أما الفياجرا والتهريب فحدث ولا حرج، رغم توافر الإنتاج المحلى بفضل زعيم حزب الوفد الجديد.
ولا حديث عن استيراد لحم وبيض النعام والطاووس ولبن العصفور، أو حجم استيراد الفحم لزوم ما يلزم.
وخارج ثلاثية الفساد والإرهاب والمزاج، فإن العام لم يغادرنا دون أن يوجعنا بحبس الباحث والإعلامى الجميل إسلام البحيرى رغم حصوله على البراءة مرتين، لكن الدولة الوهابية مازالت هى الخصم والحكم ومازالت تهمة ازدراء الأديان جاهزة لكل من يتفوه بكلمة فى شأن تجديد الخطاب الدينى.