الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

عندما يغيب العقل.. تخرج الغيلان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما صرخ وهو يقولها، ربما ارتعش وهو يرسم بفرشاته ملامح الرعب على الوجوه المفزوعة، هي صرخة الرسام الإسباني فرانشيسكو دي جويا، 1746(-1828) “,”عندما يغيب العقل، تخرج الغيلان“,”.
غاب العقل، وخرجت الغيلان من محاكم التفتيش في إسبانيا، وفي أوروبا عمومًا، في لحظة فقدان العقل خرجت أنياب وأظافر الغيلان، تقتل باسم الدين.
قرون مرت، وما زالت الغيلان تفتك بالأرواح، وتمتص دماء الأبرياء باسم الدين. نفس الفزع والرعب في لوحات جويا، رأيناه في الصور التي تناقلتها وكالات الأنباء من السوق التجاري في نيروبي. فمنذ أيام اقتحم المركز التجاري 19 “,”غولًا“,” ينتمون إلى حركة شباب المجاهدين الصومالية، وفوهات الأسلحة في الصدور تثبت لحظة الرعب على وجوه تترجى رحمة مفقودة خلت منها قلوب القتلة.
أطفال وأمهات يحتمون برفوف السلع، كان على الرفوف حلوى لم يأكلها الأطفال الذين سقطوا رعبًا على الأرض، قبل أن يسقطوا صرعى. وكانت المذبحة، وباسم الدين سقط 59 قتيلًا، ومائتا جريح، ومئات الرهائن ما زالوا أحياءً، ذابوا فزعًا وفقدوا أرواحهم دون موت، قطرة قطرة طوال ساعات احتجازهم، ربما تمنوا الموت الرحيم حتى يتخلصوا من وحشة أنين الجرحى، ومن رائحة الموت ورؤية الدم المتجلط على صناديق الفاكهة الملونة، ولعب الأطفال.
ماكينة القتل الإرهابية لا تتوقف، وأنياب الغيلان تواصل الفتك بالضحايا. ولم ينجُ منها من كانوا في سرادق عزاء في العراق، فلم يحترم الغيلان قدسية الموت، وفجر غول منهم السرادق المقام في المسجد.
50 قتلوا وتطايرت الأشلاء حيث كان يسجد المصلون، تلفع القاتل بحزام ناسف، وسار بخطواته إلى ما يعتقد أنه طريقه إلى الجنة.
تلك الجنة التي أسسها حسن الصبّاح، زعيم فرقة “,”الحشاشين“,” عام 1078 وكان يجتذب بحرص شديد كل من يلتمس فيه ميولًا إجرامية، وكما سجل التاريخ أنه أسس في قلعة الموت، ببلاد فارس، “,”الجنة المزعومة“,” والتي خدع بها أتباعه. مؤكدًا أنها “,”الجنة الحقيقية“,” وتمكن من السيطرة على أتباعه بإفقادهم الوعي، بتعاطي الحشيش لذا سميت بـ“,”الحشاشين“,”.
ورغم مرور هذه القرون الطويلة، ما زال الوعي غائبًا، وما زالت ماكينة القتل وأنياب الغيلان تفتك بالأبرياء، وكما فجروا سرادق العزاء في المسجد، والسوق التجاري، فجروا كنيسة في باكستان، ولقي 38 شخصًا حتفهم، بينهم 6 أطفال.
وفي الطريق إلى جنة الحشاشين، قامت جماعة “,”بوكو حرام“,” - ومعناها العلم الغربي حرام!!!- في نيجيريا وبمنتهى الخسة، باقتحام سكن طلابي وذبحت 142 طالبًا، وهم نائمون.
انتحاريون وقتلة، غابت عقولهم فخرجت الغيلان لتفترس بلا رحمة، أبرياءً، وهكذا كلما غابت العقول، تخرج من الأحشاء الغيلان وفي يدها الخناجر المسمومة، التي دربهم عليها حسن الصباح، وفي عقولهم توهان الحشيش وميراث كراهية البشر والبشرية.
هم غيلان، ونبت شيطاني لحشاشي حسن الصباح، وأتباعه من الجماعات الإرهابية، الذين يغرزون خناجرهم المسمومة ليس في الأجساد فحسب، ولكن في العقول التي تقاوم وحشية الغيلان وغيبوبة الحشيش.