الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"نبي الرحمة" عدو داعش

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احتفل المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها بذكرى مولد النبى الهادى الأمين سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذى بعثه الله نورًا للإنسانية وهدى ورحمة للعالمين.
ففى مثل هذا الشهر المبارك قبل نحو ١٤ قرنًا وُلد فخر المرسلين بمكة المكرمة، فاستنار الكون بنور طلعته صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــه وَسَلَّمَ، وأشرقت الأرض بهذا النور الوهاج، حتى انقشعت الظلمات المتراكمة على هذا العالم، المتوارثة من القرون الهمجية المتوغلة فى الجهل، وقد حلت بنا هذه الأيام ذكرى مولد الرسول الهادى والنبى المختار صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــه وَسَلَّمَ، تلك الذكرى المباركة التى تُذكِّرنا بميلاد هذا الإنسان العظيم الذى غيَّرَ مجرى التأريخ، وحقق العدلَ والرحمةَ فى المجتمع الذى عانى الظلم والاستبداد وشتى الأمراض الخُلقية ردحًا من الزمان قبل بعثته، وأزال الجهل ونشر العلمَ ورسَّخ الإيمانَ فى نفوس الناس وقضى على العصبيات والقوميات.
وهذه المناسبة ليست فقط لاستذكار اليوم الذى وُلد فيه رسولنا الكريم، وإنما فرصة لتقديم الصورة الحقيقية المشرقة المتسامحة المستنيرة للإسلام الحقيقي، الذى يُعنى بالإنسان بأسمى الأشكال، لا الإسلام الذى نراه اليومَ من البعض يلهث خلف القشور، حتى بات جوهر الدين الحق ثانويًا والعُمق الإلهى والفلسفى للرسالة النبوية جزءًا غير مذكور، عيد المولد النبوى هو فرصة فى كُلّ عام لكل شخص يريد أن يراجع نفسه وتصرفاته من خلال استذكار صفات النبى الكريم ومآثره وَشدّة تحمله للابتلاء، وهو النبى الذى اطمأن على جاره اليهودى بعد مرور عدة أيام لم يَرْمِ فيها اليهودى القمامة أمام بيت الرسول، أليس هذا النبى بخير مَن يجب أن نحتذى به؟، بعدم رد الأذى بالأذى، وبعدم مبادأة الناس إلّا بالخير؟!.
وتأتى الاحتفالات هذا العام فى ظروف شديدة الخصوصية، حيث يخيم مشهد من الكآبة والأسى على وجوه ملايين المسلمين إزاء المشاهد الدامية التى تقترفها بعض التنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية، التى تدعى زورًا وبهتانًا انتماءها للدين الإسلامى، وذلك فى مهمة قذرة مفضوحة لتشويه صورة الدين الحنيف الذى يدعو للرحمة والتسامح مع الإنسانية دون تفريق أو عنصرية أو اضطهاد للآخر.
حيث ضربت موجة من الإرهاب الغاشم عدة مدن أوروبية وأمريكية كما حدث فى تفجيرات باريس وهجمات كاليفورنا، وغيرها من العمليات الإرهابية التى لا هدف لها سوى تصوير المسلمين على أنهم دعاة للإرهاب، وأنصار للفكر المتطرف والإسلام والمسلمين منهم براء.
كما تنتشر عدة تنظيمات إرهابية فى عدة بلدان عربية فى مقدمتها ليبيا ومصر والعراق واليمن وسوريا، وجميعها تحاول اتخاذ الدين الإسلامى ستارًا لجرائمها ضد الإنسانية والبشرية، تحت أسماء مختلفة من بينها تنظيم الدولة الإسلامية وأنصار بيت المقدس وجبهة النصرة وولاية سيناء، وبكل أسف ينقاد الغرب المتآمر، بل يرعى تلك المؤامرات الدنيئة للنيل من الدين الإسلامى الحنيف.
ففى الوقت الذى تدعو فيه شريعة الإسلام السمحة إلى الإحسان لغير المسلمين، نجد فى المقابل عمليات الذبح والقتل والتفجير التى يقوم بها تنظيم «داعش» ضاربًا عرض الحائط بدعوة الإسلام للرفق بغير المسلمين وحمايتهم فى البلاد الإسلامية وقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، «من آذى ذميًا فقد آذانى» والذمى هو من غير المسلمين الذى يعيش فى البلاد الإسلامية.
كما نجد ملمحًا آخر لوحدة الأنبياء وأن رسالتهم فى نشر السلام والأمن فى مختلف ربوع الأرض من خلال توافق المولد النبوى الشريف، الذى يوافق ميلاد السيد المسيح الذى يحتفل به إخواننا الأقباط مساء أمس.
وهذه مهمة على عاتق أبناء المسلمين الذين يجب أن يصححوا الصورة المغلوطة عن الإسلام، ويبرهنوا للعالم أجمع أن الاسلام دين العدالة والاستقامة ودين الحوار والتسامح، ويرفض الظلم بكل معانيه، كما يرفض الإسلام سياسة التطرف والتكفير والإرهاب والعنف بكل أشكاله، ويدعو إلى الوقوف إلى جانب المضطهدين والمستضعفين فى الأرض، ولم يدع إلى الجهاد إلا من موقع الدفاع عن الحق فى مواجهة الباطل والدفاع عن القيم والمبادئ الإيمانية فى وجه المفسدين.
فالإسلام يتعرض فى العصر الحاضر، كما فى العصور السابقة إلى عملية تشويه لصورته من قبل المجتمع الدولى المتصهين، بزرع مفاهيم التطرف والفوضى بدسها فى ساحته وجعلها جزءًا من ثقافة المسلمين من أجل دفع المجتمعات العربية والإسلامية إلى الحروب والصراعات المذهبية والطائفية والتى تؤدى إلى التقسيم، تحت عنوان عدم إمكانية التعايش واستحالته بين المذاهب، أو بينها وبين غيرها، فالواجب يقتضى ويفرض على المسلمين جميعًا الدفاع عن عدالة الإسلام ووسطيته وفضح المخططات التى تستهدفه.
فقوى الشر المتآمرة علينا تريده إسلامًا متطرفًا، يدمر صورة الإسلام الحقيقية القائمة على الاعتدال والوسطية والتى بُعث على أساسها رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين، ونراه دينًا للسلام والرحمة.
خير الكلام
«يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون»
صدق الله العظيم