الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العراق.. ليس غائبًا عن التحالف الإسلامي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انضمام مصر إلى التحالف الإسلامى العسكري لمكافحة الإرهاب جاء ضمن سلسلة خطوات من الحراك الدبلوماسي الأمنى الذي بدأ منذ فترة أولا يهدف لتكثيف التنسيق الأمنى والاستخبارى بين مصر والدول العربية المؤثرة دوليا، ثانيا بما يخدم المصالح المصرية أمنيا وسياسيا.. من المؤكد أن الاجتماعات التي تمت في عدة دول بين الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ورئيس العراق فؤاد معصوم لم تكن قاصرة على مجرد لقاء تقليدى بين رؤساء دول بدليل اللقاءات المتعددة على مستوى المسئولين عن الملفات الأمنية بين البلدين والزيارة التي أجرتها إلى العراق منذ فترة وجيزة فايزة أبو النجا مستشارة الرئيس لشئون الأمن القومى والتي تضمنت عدة رسائل مهمة.
مصر تعى جيدا أن الضغط العالمى ازداد- بعدما اكتوى على أرضه بنار هذه التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش - على التحالف الدولى الذي تقوده أمريكا لإظهار المزيد من الجدية إضافة إلى دخول الدور العسكري الروسى إلى المنطقة.. كل هذه العوامل التي أدت إلى تكثيف الغارات الجوية والعمليات العسكرية في منطقة تمركز داعش بين مدينتى الرقة في سوريا وموصل في العراق وحاصرت تمدده ما دفع العديد من فرق هذا التنظيم للهروب إلى ليبيا وهو ما يضيف إلى حجم التهديدات على حدود مصر الغربية التي تتحمل مسئولية حمايتها قوات الجيش المصرى أمام مماطلة المجتمع الدولى التدخل لضرب قواعد داعش أو السيطرة على شواطئها التي تستقبل شحنات الأسلحة ومقاتلى هذه التنظيمات.
مصر تدرك أيضا أن كل القوى المتواجدة حاليا على أرض العراق تحت عنوان محاربة الإرهاب هي في الواقع تنتهك سيادة العراق من أجل مصالحها وتنفيذ مشاريعها الطموحة على أرضه مهما كانت الشعارات البراقة التي ترفعها.. وأن الجيش العراقى هو القوة الوحيدة التي تحارب داعش رغم كل مظاهر الإرباك والتدمير التي تعرض لها منذ عام ٢٠٠٣ حتى اليوم.
وسط هذه التدخلات الإقليمية المتشابكة على أرضه كان من البديهى أن تسعى مصر إلى «احتضان» العراق عربيا عبر مختلف وسائل الدعم سواء الأمنى أو السياسي علما أن الشكوى التي قدمها العراق إلى مجلس الأمن ضد التدخل التركى على أراضيه لن تكون الورقة الأخيرة في يد العراق طالما استمرت تركيا في سلسلة الانتهاكات لأراضى العراق التي بدأت منذ عام ١٩٨٢.. حينها اختار صدام حسين كتم غضبه كى لا تتجه تركيا إلى تحريك ملف المياه وهو ما بدأت تنفيذه فعلا بعد الغزو الأمريكى للعراق عام ٢٠٠٣ حين شرعت في بناء السدود على نهر الفرات ما خلق أزمة مياه في العراق.. ثم إن العراق وسط دوامة محاولات التدخل على أراضيه لا يحتمل بالتأكيد أن يصبح الآن منطقة لتصفية الحسابات الروسية-التركية.
القرار الأقرب إلى المنطق والذي تمثل في الدعم المصرى للتحالفات السعودية والعمل على خلق موقف متقارب بين القوتين هو جزء من حد السيطرة على أطماع دول الجوار لتحويل السيادة العراقية إلى ما يخدم طموحات هذه الدول الهادفة لبسط نفوذها على المنطقة العربية كما يضفى هذا التقارب على قرار العراق مواجهة الانتهاكات التركية استقلالية بمعزل عن كل ما أثير من محاولات الربط بين مساعى العراق دوليا وعربيا لإنهاء التواجد التركى على أراضيه بالتأثير الإيرانى على القرار العراقى إضافة إلى التخفيف من حجم الضغوط الهائلة التي يتعرض لها رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى -سواء داخليا أو خارجيا- ومساندته على الانحياز إلى القرارات التي تصب في صالح حماية سيادة القرار العراقى.
تحفظ بعض الخبراء في الشأن العسكري على عدم إعلان خطط إستراتيجية عسكرية محددة للتحالف بالتأكيد لا تنتقص من الدورين السياسي والأمنى اللذين قد يقوم بهما في عدة محاور دون اشتراط انضمام الدول التي تمثِّل أراضيها مراكز الصراع ضد التنظيمات الإرهابية خصوصا أن التشكيل النهائى للتحالف لا يضم حتى الآن قوى «متنافرة» سياسيا.. وفى حال تأكيد انضمام تركيا إلى التحالف من المنطقى أن تتم هذه الخطوة بعد ضمانات تقدم للطرف السعودى تلتزم في إطارها تركيا احترام إرادة الشعب المصرى.. سلسلة الاضطرابات والضغوط التي تقع على الدول لم تدرج ضمن التحالف قد يؤجل انضمامها الرسمى وهو أمر لن يستبعد التسيق الأمنى المكثف مع هذه الدول.
في المقابل يظهر الهاجس الطائفى على رأس العقبات التي قد تعرقل فاعلية هذا التحالف.. الرؤية الأمريكية القاصرة ما زالت تدور داخل الدائرة الطائفية التي سعت إلى ترسيخها عقب الغزو الأمريكى للعراق وفق تصريح الرئيس الأمريكى مؤخرا عن السبيل الوحيد لهزيمة داعش هو وجود قوى سنية تقاتل من منزل إلى منزل ضد داعش في العراق ولا يخلو التصريح «العجيب» من مغازلة إيران وضرورة مساندتها لاتفاقية منصفة تضمن تقاسم السلطة في العراق بين السنة والشيعة!! كما استحوذت الرؤية الطائفية على أغلب التحليلات التي تناولها الإعلام الغربى عن التحالف العسكري الإسلامى وهو ما يفرض عليه ضرورة الإعلان دوليا وعربيا بوضوح عن رفضه التقسيم الطائفى الذي ما زال يحكم الحسابات الأمريكية والغربية والتأكيد على هوية التحالف العربية-الإسلامية وأن سبب غياب دول معينة بالحرب ضد الإرهاب -على رأسها العراق- يستند فقط إلى أسباب مؤقتة نتيجة وقوع هذه الدول نتيجة التخبط السياسي والأمنى عبر السنوات الماضية تحت الهجمات الشرسة للأطماع الإيرانية-التركية.