الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا مستقبل بدون تعليم جاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مشاكل مصر الاجتماعية والاقتصادية متعددة وكثير منها حلولها صعبة، وإذا كانت مشاكل الصحة والمستشفيات أكثرها تعقيدا، إلا أن التعليم أصبح فى حقيقته غير جاد وغير مثمر، وهنا بيت القصيد حينما يعنى غياب المستقبل للشباب والطلاب، وحينما يشير الطالب إلى أن مستوى المعلم محدود وأن ما يعطيه محدود أيضا، سيصبح أمل الطالب فى مستقبله محدودا جدا، وهناك مواد تعليمية حدث عنها بلا حرج مثل تعليم اللغات فهى ليست بعيدة عن شبه الأمية.
ويأتى بجانب كل ذلك مهزلة الدروس الخصوصية التى تريد أن تحل مكان نظام التعليم العام الذى عاش جيلنا عهده وازدهر علمه ومعلوماته ولغاته، وكان عصر المعلم المتعلم حقيقة، وكان ناظر المدرسة قدوة وقيادة مستنيرة، وكان أيضا مفتش التعليم لديه من الحزم والصرامة ما يسمح بضبط إيقاع الجميع.
من علمونا فى جيلنا ظل منطبعا فى ذهننا ما يمثلونه من قيمة وقامة، لدرجة أن كثيرين منهم نذكر أسماءهم حتى الآن.
أين هذا المثل وهذه الجدية فى عصرنا الآن الذى يعانى أبناؤنا فيه من فقر المنهج والأداء والمضمون، من أين أتت أزمة التعليم وضآلة مستواه؟! أولا مناهج التعليم هبط مستواها ومستوى من يقومون بإعدادها.
مشكلة أخرى مرتبطة بالزيادة السكانية التى سمحت بازدحام عدد الطلاب داخل الفصول، وحتى دورات المياه هبط مستواها بشكل مزرٍ لا يتناسب مع آدمية الطالب.
ومن الأكيد أن ميزانية المدارس أصبحت لا تحتمل عدد الطلاب والمطلوب من مستوى المدرسين، إلى الوجبات أحيانا، فضلا عن نوعية الكتاب المدرسى ونزول مستواه.
بقى المستوى الخلقى فى المدارس الذى تدهور إلى درجة مخيفة، حينما نسمع عن الاعتداء الجسدى على الطلاب من المدرسين، والعكس صحيح أيضا حينما يعتدى التلاميذ على الأساتذة، كل ذلك يعبر عن فوضى أخلاقية لا حدود لها.
وحينما ينتهى التلاميذ من دراساتهم الأولية فى الابتدائى والثانوى ويتجهون إلى الجامعة برصيد ضئيل من العلم والمعرفة، يواجهون دراسة جامعية دون خلفية قوية تدعم مستقبل تكوينهم.
ولا شك أن مواد التعليم الجامعى فى احتياج إلى جهد لا يستهان به لاسيما فى العلوم والرياضيات، ومرة أخرى نرى إهمال الطلبة فى متابعة المحاضرات فضلا عن الغياب المتكرر الذى يؤدى إلى تكرار الرسوب.
كل ما قلته الآن من مشاكل وهبوط مستوى ينطبق على المدارس الحكومية، أما المدارس الخاصة والمدارس الدينية لاسيما الأجنبية للرهابنة والإنجيلية والإنجليكانية، فالمستوى عال، ونظام يفرض على الطلاب والطالبات انضباطا يحترم الواجب الدراسى والمتابعة واحترام المعلم، وبالتالى تكون النتائج تفوقا فى الامتحانات والعلم والمعرفة.
والغريب أنه فى جيلنا كانت المدارس الحكومية ذات مستوى عال لا يقل عن المدارس الخاصة، وكان مستوى معلميها عاليا. وما يعطونه للتلاميذ يهتم بالأخلاقيات كما يهتم بالعلم.
وليت المسئولين عن التعليم يعيدون إلينا ذاكرة بعض المواد التى كدنا ننساها مثل «القيم والأخلاق» فهو علم وتعليم للمسلك السليم فى الحياة، وأن يعطونا نماذج الشخصيات لتعتبر أمثلة لنا فى الحياة من كتاب وشعراء وزعماء يؤثرون فى تاريخ حياتنا.
وهناك مادة أخرى لها أهمية كبرى وهى الدين والأديان، الدين علم وقراءة مستنيرة للقرآن والسنة والتفسير، أما دراسة الأديان الأخرى فالقصد منها بجانب العلم بالشيء فهى أيضا معرفة الآخر من خلال دينه، فتصبح بذلك المحبة والمودة جزءًا من أخلاقياتنا ومثلنا.
لقد تعمدت فى هذا المقال أن أتعرض أولا إلى سلبيات التعليم الحكومى فى مرحلتنا الحالية ومقارنته بالتعليم الحكومى فى الماضى، ثم أضفت مزايا وفوائد التعليم الخاص والتعليم الأجنبى، مع أملى أن نرتفع بمستوى التعليم الحكومى لنعيده إلى زمن لن ننسى أهميته وقيمته.