الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

من هوليوود إلى بوليوود.. أساطير السينما العالمية في مراكش

فى دورته الخامسة عشرة:

 مهرجان مراكش الدولى
مهرجان مراكش الدولى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى حفل افتتاح بسيط، ولكن جيد التنظيم، افتتحت الدورة الخامسة عشرة من مهرجان مراكش الدولى ليلة الجمعة الماضى، والتى تستمر من ٤ إلى ١٢ ديسمبر الحالى.
لم يضم الحفل فقرات استعراضية غنائية أو راقصة، ولم يلق أحد من المسئولين أو المنظمين كلمات افتتاحية، لا رئيس المهرجان «صاحب السمو الملكى الأمير مولاى رشيد» ولا وزير الثقافة ولا مديرة المهرجان.
هؤلاء لم يصعد منهم أحد إلى خشبة المسرح أصلًا.
كل ما حدث هو صعود اثنين من المقدمين، ليتبادلا التعريف بالدورة الحالية، وأهم فعالياتها باللغتين العربية والفرنسية، ثم قاما بتقديم لجنة التحكيم الرئيسية للمسابقة الدولية، ثم قدما واحدا فقط من المكرمين، والسلام ختام ثم عرض فيلم الافتتاح. ف
ى دورته الخامسة عشرة ربما يكون مهرجان مراكش، فقد بعضًا من الميزانية الضخمة التى كانت تخصص له فى الماضى. 
وهى مشكلة تواجه معظم المهرجانات العربية التى بدأت كبيرة جدا، ثم اضطرت إلى التواضع تدريجيا، لدرجة الاختفاء تماما، كما حدث مثلًا لمهرجانى «أبو ظبى» و«الخليج» ويكاد يحدث لمهرجان «دبى».
ربما يكون مهرجان مراكش، قد لجأ إلى بعض التقشف، فقلل من عدد مدعويه من النجوم وصناع السينما والصحفيين، ومن الحفلات الصاخبة التى تقام على الهامش، بل حتى من الطائرات الخاصة وتذاكر الدرجة الأولى والسياحية والإقامة «الكاملة» للضيوف، ولكن المهرجان لم يزل يحتفظ بمكانته وقوته كأحد المراكز المهمة جدا فى صناعة السينما العالمية، ومن خلاله تكتمل أضلاع هذه المكانة التى تعتمد فى الجانب الآخر على مدينة «وزازات» القريبة من مراكش، والتى تحولت إلى واحد من أكبر استديوهات تصوير الأفلام على مستوى العالم، حتى إن نسبة كبيرة جدا من الأفلام الهوليوودية والأوروبية يتم تصويرها جزئيا أو كاملة فى «وزازات» والمغرب عموما، وهو ما يدر المليارات ودعاية بالمليارات للبلد الذى أحب السينما وقدم لها الكثير فأحبته وقدمت له أكثر.
فى حضرة الأساطير
الفخامة والإبهار والألق فى دورة هذا العام، جاءت من الأسماء الكبيرة التى اعتلت الخشبة: رئيس لجنة التحكيم المخرج الأسطورى فرانسيس فورد كوبولا، الذى يعرفه كل مشاهد سينما فى العالم، حتى لو لم يعرف اسمه، من خلال ثلاثية أفلام «الأب الروحى»، والتى شارك فى بطولتها آلهة فن التمثيل الثلاثة مارلون براندو، روبرت دى نيرو وآل باتشينو.
فى معظم استطلاعات الرأى للخبراء والمشاهدين العاديين حول أفضل الأفلام فى تاريخ السينما، غالبا ما يأتى الجزآن الأول والثانى من «الأب الروحى» على القائمة، ولكن كوبولا، الذى يبلغ من العمر الآن ٧٦ عاما، لديه أفلام عظيمة أخرى مثل «المحادثة»، ١٩٧٤، «نهاية العالم الآن»، ١٩٧٩، «دراكولا برام ستوكر»، ١٩٩٢. وبالرغم من أنه ابتعد عن السينما كثيرا لانشغاله فى مهن أخرى مثل نشر الكتب والمجلات والسياحة وصناعة النبيذ، إلا أنه يفاجئ جمهوره بفيلم جديد كل فترة، كما فعل منذ عدة سنوات عندما كتب وأخرج فيلم «شباب بدون الشباب»، والذى انتقل من خلاله إلى نوعية وأسلوب فنى جديدين، والذى أعقبه بإخراج ثلاثة أفلام أخرى كان آخرها «رؤية بعيدة» هذا العام.
كوبولا الذى حل ضيفا على مهرجان مراكش لإعطاء «درس» فى السينما للمخرجين الشباب، يعود هذا العام ليرأس لجنة التحكيم، علما بأنه واحد من المقلين جدا فى الظهور والمشاركة فى المهرجانات، ولكن كما ظهر فى كل تصريحاته الصحفية والإعلامية، يحمل حبًا خاصًا للمغرب يرجع بجذوره إلى جدته التى ولدت فى المغرب، وكانت تتحدث العربية من بين لغات أخرى، إضافة إلى أسباب أخرى راح يعددها، منها أن المغرب أول بلد فى العالم اعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من مائتى عام!
فرانسيس فورد كوبولا، لم يأت وحده إلى مهرجان مراكش، بل صحبه عدد آخر من أساطير وعمالقة السينما، ومنهم ابنته: صوفيا كوبولا، التى شاركت فى بطولة الجزء الثالث من «الأب الروحى»، حيث لعبت دور ابنة زعيم المافيا مايكل كورليونى، التى أداها آل باتشينو، والتى أصبحت مخرجة وكاتبة سيناريو متميزة، وقدمت أفلاما شهيرة مثل «انتحارات العذارى» و«مفقود فى الترجمة» و«مارى أنطوانيت» وأخيرا «كريسماس موراى جدا»، والتى حصلت عنها على الأوسكار والأسد الذهبى من مهرجان فينيسيا، من بين جوائز أخرى.
صوفيا كوبولا التى أصبحت فى منتصف العقد الخامس من عمرها الآن، لم تأت إلى مراكش لمجرد صحبة أبيها، بالرغم من أن حضورهما معا ربما يكون قد شجعهما أكثر على المجىء، ولكن جاءت بالأساس لتمنح درع تكريم المهرجان لأسطورة سينمائية أخرى، هو الممثل الكوميدى الشهير بيل موراى، صاحب أفلام «صائدو الأشباح»، «عيد الجراوندهوج»، و«مفقود فى الترجمة» وأخيرا «كريسماس موراى جدا» الذى أخرجته صوفيا كوبولا، ومن المعروف أن كلًا من صوفيا وكوبولا تربطهما صداقة مهنية وكيمياء فنية من نوع خاص.
الكوميديان الأكثر غرابة
بيل موراى هو واحد من أقل النجوم ظهورا إعلاميا، ومشاركة فى المهرجانات والفعاليات السينمائية، ومع ذلك قبل أن يأتى إلى مراكش لعدة أسباب على رأسها، كما قال فى حفل الافتتاح، إن المهرجان يقام فى المغرب، التى يعشقها، والتى صور فيها واحدا من آخر أفلامه، وهو «روك القصبة» للمخرج بارى ليفنسون، وهو الفيلم الذى اختير لافتتاح الدورة الحالية من مهرجان مراكش... والذى سأتحدث عنه بمزيد من التفصيل فى نهاية هذا المقال.
بيل موراى منح بهجة خاصة لافتتاح المهرجان، ليس فقط من خلال دوره فى الفيلم، ولكن من خلال «إفيهاته» الكوميدية الكثيرة التى أطلقها على المسرح.
بيل موراى المعروف بغرابة أطواره وعزلته سئل من قبل أحد مقدمى التليفزيون على باب قاعة المؤتمرات التى يقام فيها حفل الافتتاح: «المهرجان يكرمك والكل هنا يحبونك وصوفيا كوبولا جاءت خصيصا لتكريمك... متى يشعر بيل موراى بأنه يكرم ويحب نفسه».
أجاب موراى عن السؤال بقوله: «أحب نفسي عندما تنخرط مع الناس وتتفاعل معهم، وهنا أشعر بأننى منخرط مع الناس جدا». موراى حرص خلال كلمته على توجيه التحية لعدد من العمال المغاربة، ذكرهم بالأسماء، الذين تعرف عليهم خلال تصوير فيلم «روك القصبة»، والذين قال إنهم لم يأتوا لأنهم لا يملكون بدلات سموكنج لحضور الحفل.
بيل موراى ليس الاسم اللامع الوحيد الذى يكرمه مهرجان مراكش فى دورته الخامسة عشرة، من أمريكا هناك أيضا النجم ويليام دافو، صاحب أفلام «بلاتون» و«الإغواء الأخير للمسيح» و«وحشة فى القلب» و«الحياة المائية مع ستيف زيسو» الذى شاركه فى بطولته بيل موراى.
ويليام دافو الذى شارك فى عضوية لجنة تحكيم مهرجان «كان» فى دورته قبل الأخيرة لم يظهر فى حفل الافتتاح، لأنه لم يصل إلى مراكش بعد، وأغلب الظن أنه سيكرم ليلة الختام.
هناك أيضا النجمة الهندية الشهيرة مادورى ديكسيت، بطلة أفلام «ديفيداس» و«قلب مجنون» و«نداء» من بين أفلام أخرى كثيرة شهيرة وناجحة تجاريًا، ومن المعروف أن السينما الهندية الشعبية محبوبة فى المغرب كما فى بلاد كثيرة أخرى، وقد أجرت مادورى ديكسيت لقاء بمناسبة تكريمها مع الصحافة والتليفزيون فى أول أيام المهرجان، السبت. أيضا يكرم المهرجان المخرج والمؤلف الكورى «الجنوبي» بارك شان ووك، صاحب الأفلام البوليسية التشويقية الناجحة نقديا وتجاريا مثل «المنطقة الأمنية المشتركة» و«الفتى العجوز» و«عطش.. هذا هو دمى» و«الفحام». من المغرب يكرم المهرجان أيضا مدير التصوير المتميز كمال الدرقاوى الذى قال عنه مقدما حفل الافتتاح إنه نجح فى نقل الألوان الشرقية المغربية إلى العالم، من خلال عمله فى أفلام مثل «فاين ماشى يا موشيه؟» إخراج حسن بن جلون، و«سرير الأسرار» للمخرج جيلانى فرحانى والفيلم الأمريكى الكندى «الرجل الطويل» للمخرجة باسكال نوجى والفيلم الفرنسى «الكلاب المسعورة» للمخرج إيريك هانيزو.
لجنة «نجوم» التحكيم
لجنة تحكيم مهرجان مراكش لا تقتصر على رئيس اللجنة فرانسيس فورد كوبولا، لكنها تضم أسماء لامعة أخرى فى سماء السينما العالمية، الفنية والتجارية، مثل المصور الفوتوغرافى والمخرج السينمائى الهولندى الشهير أنطون كوربيين، صاحب فيلم «حياة» الذى بدأ عرضه منذ أسابيع، والذى يروى قصة حياة النجم الراحل جيمس دين، والمخرجة اليابانية ناوومى كاوازى الحاصلة على كبرى الجوائز العالمية، والممثلة الهندية ريشا شادا، نجمة الحب والإغراء فى بوليوود، والممثلة وعارضة الأزياء السابقة الأوكرانية أولجا كوريلينكو، والمخرج والممثل الإيطالى سيرجيو كاستيليتو، ومن العالم العربى الممثلة أمل عيوش، والممثل المغربى الفرنسى سامى بوعجيلة.
الخلاصة أن المهرجان يستطيع حقًا تكوين لجنة تحكيم عالمية من كبار الأسماء.
كندا.. ضيف الشرف
فى كل عام يختار مهرجان مراكش إحدى السينمات الوطنية لتكريمها وعرض مجموعة كبيرة من الأفلام القديمة والحديثة، التى تمثل هذه السينما، ومنذ عدة سنوات، بالتحديد فى ٢٠٠٧، كانت السينما المصرية هى ضيف شرف المهرجان، وتمت دعوة عشرات السينمائيين والإعلاميين والأفلام لهذه المناسبة.
هذا العام تحل السينما الكندية ضيفة شرف على المهرجان من خلال وفد كبير من المخرجين والممثلين من مختلف الأجيال، ويرأس الوفد المخرج الكبير أتوم إيجويان، الحاصل على جوائز من أكبر المهرجانات العالمية مثل «كان» والذى رشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبى مرتين.
إيجويان، المولود فى القاهرة عام ١٩٦٠ لأبوين أرمينيين، والذى هاجرت أسرته إلى كندا وعمره عامان، هو الاسم الأكثر بروزا فى السينما الكندية الآن، وهو واحد من اثنين ساهما فى نقل هذه السينما إلى العالمية. الثانى هو المخرج الكبير ديفيد كروننبرج، الذى اعتذر عن عدم الحضور إلى مراكش.
أتوم إيجويان يستحق مقالًا خاصًا عنه، يمكن العثور عليه فى الصفحة الأخيرة من هذا العدد، وقد أجريت معه حوارًا فى اليوم الأول للمهرجان سوف أكتب عنه لاحقًا.
موسيقى الروك.. من أمريكا إلى أفغانستان عبر المغرب
نصل إلى فيلم الافتتاح «روك القصبة» الذى أخرجه بارى ليفنسون وشارك فى بطولته عدد من نجوم هوليوود على رأسهم بيل موراى وبروس ويليز وكيت هدسون، بجانب عدد من الممثلين العرب والأفغان.
الفيلم يدور حول وكيل أعمال عجوز لمطربى الروك اسمه ريتشى، يلعب دوره بيل موراى، يعانى من الفشل على المستويين المهنى والعائلى، يسافر إلى أفغانستان بصحبة إحدى مغنياته لتنظيم حفل للجنود الأمريكيين هناك، ولكن المغنية تهرب وتعود لأمريكا، تاركة إياه بدون مال أو جواز سفر، حيث يدخل فى سلسلة من المغامرات فى العاصمة كابول المضروبة بالعنف والتدمير وتجارة السلاح والمخدرات، تنتهى باكتشافه لموهبة غنائية جبارة مدفونة فى مغارة بالجبل هى الابنة المراهقة لزعيم واحدة من القبائل الأفغانية. الابنة التى تدعى سليمة، تلعب دورها نيم لوبانى، تهرب فى سيارة ريتشى للمشاركة فى مسابقة «أفغان ستار» التى تشبه برامج مسابقات المطربين العالمية والعربية مثل «ستار أكاديمى» و«ذا فويس»، وهو ما يتسبب فى غضب عارم من قبل عائلتها والمجتمع الأفغانى المحافظ كله.. ولكن على الطريقة الأمريكية ينتهى الفيلم نهاية سعيدة بتحول سليمة إلى نجمة وتقبل والدها والشعب الأفغانى لها، وعودة ريتشى إلى أمريكا سالمًا غانمًا.
الفيلم مهدى إلى سيتارا حسين زادا، أول فتاة أفغانية تشارك فى برنامج مسابقات الغناء الأفغانى، والتى أثارت جدلا كبيرا منذ عدة أعوام. مع ذلك فإن صناع الفيلم لم يجرؤوا على تصوير الفيلم فى أفغانستان، ولكنهم صوروه بالكامل فى الصحراء المغربية فى مدينة «وزازات»، والتى حلت محل كابول، وهو نموذج آخر، من بين عشرات الأمثلة، على نجاح المغرب فى التحول إلى واحد من أكبر استديوهات السينما العالمية.