الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

إبراهيم المعلم يغتال نجيب محفوظ بـ"الأحلام المزورة"

"البوابة" تكشف الفضيحة الكبرى

إبراهيم المعلم و
إبراهيم المعلم و نجيب محفوظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"مزور الكتاب" لا يفرق بين حروف الـ"ظ" و"ز" والتاء المربوطة والهاء

النص الجديد كتبه أكثر من شخص

"مخطوطة المعلم" على طريقة الهواه لا تبدأ إلا بـ"رأيتنى" و"وجدتنى"

لماذا لم تكتب ابنتا محفوظ مقدمة واكتفيتا بما قيل إنها أوراق منسوبة لوالدهما

سيكتب التاريخ يوما أن إبراهيم المعلم مالك دار الشروق نجح عام 2015 فى تحقيق ما لم يتمكن محمد ناجى محمد مصطفى من تحقيقه عام 1994.

فإذا كانت محاولة محمد ناجى الحاصل على دبلوم صنايع قد فشلت فى اغتيال نجيب محفوظ مساء الجمعة 14 أكتوبر، فإن المعلم قد اغتال أديب «نوبل» الراحل فى نوفمبر 2015 مع فارق هام هو أن الشاب المنتمى إلى الجماعة الإسلامية قد اعترف بجُرمه فنال عقابه، أما «المعلم» فيتباهى ويتفاخر بأنه اكتشف كنوز نجيب محفوظ ليهديها للإنسانية.. كم من الجرائم ترتكب باسمك أيتها الإنسانية.

المكان: القاهرة

الزمان: نوفمبر ٢٠١٥

الحدث: اغتيال نجيب محفوظ مع سبق الإصرار والترصد

الفاعل: إبراهيم المعلم مالك دار الشروق

الأداة: إصدار نص «مزور» وركيك ونسبته لأديب «نوبل» الراحل

تعامل إبراهيم المعلم مع ما أسماه «أحلام فترة النقاهة.. الأحلام الأخيرة لنجيب محفوظ» باطمئنان، فكبار الكتاب والنقاد فى مصر تصدر أعمالهم عن دار الشروق ولديهم ارتباطات ومصالح متشابكة مع الدار، لذلك يستحيل أن يشككوا فى كتاب أصدرته الدار فتوكل «المعلم» على الله وقال: اكتشفت أحلاما جديدة لنجيب محفوظ.

لم ينتبه إلى أنه لا يوجد ما يسمى بالجريمة الكاملة وهناك دائما ثغرة مهما كان ذكاء «الفاعل».

القصة كما يحيكها فى مقدمة الكتاب بدأت بعد ظهر يوم الثلاثاء الخامس من شهر مايو ٢٠١٥ حيث اتصلت بنتا نجيب محفوظ؛ فاطمة وأم كلثوم بدار الشروق لتزفا لنا بكل رِقة وتواضع محفوظى خبرا سعيدا: «لقد وجدنا أوراقا تشمل مخطوطات لـ «أحلام فترة النقاهة» بخط الحاج صبرى، نرجو التأكد أنها لم تُنشر من قبل».

يمضى المعلم: أدركنا أننا قد نكون أمام كنز أدبى وثروة ثقافية يُكشف عنها بعد ٩ سنوات من وفاة أديبنا العالمى، ومفاجأة روائية تضع حلا سعيدا للغز الذى حيرَنا وأصفياؤه لسنوات: أين ذهبت «أحلام فترة النقاهة» الأخيرة التى دأب على إبداعها ثم تقليبها ومراجعتها بينه وبين نفسه، إلى أن يرضى عنها تماما فيحفظها عن ظهر قلب: بالكلمة والفصلة والنقطة، ثم يمليها على كاتب أحلامه الأمين صبرى محمود».

وحتى يكتمل «السيناريو» أوضح المعلم أن هذه الأوراق أجابت عن سؤال: أين ذهبت الأحلام التى يعرف أصفياؤه أنه أملاها والذى قال لهم إن إجماليها يزيد على ٥٠٠ حلم تركها جاهزة للنشر».

وإذا كانت دار الشروق أصدرت فى الجزء الأول ٢٣٩ حلما من أحلام فترة النقاهة فأراد الله أن يكون هناك جزء ثان وبه ٢٩١ حلما حتى يجد المعلم إجابة عن السؤال السابق.

هذا ما قاله المعلم، لكن وكما يقول التعبير الشائع: لن تستطيع أن تقنع إلا بما هو مقنع.. ولأنه لا توجد أحلام جديدة ولا يحزنون فلم يجب مالك الشروق عن أسئلة بديهية مثل:

أولا: كيف يكون المجهول أكثر من المعلوم.. المنطق يقول إنه لو فرضنا أن هناك أحلاما مجهولة ولم تنشر لنجيب محفوظ فلن يزيد عددها على ٢٠ أو ٣٠ على أقصى تقدير، لكن أن ينشر ٢٣٩ حلما ويكون المجهول ٢٩١ فهذا منطق أغرب من الخيال، وهذا الأمر حدث فى الجزء الأول لأن محفوظ لم ينشر فى حياته سوى ٢٠٦ أحلام، وكان ينشرها فى مجلة «نصف الدنيا» لكن العدد وصل فى طبعة الشروق إلى ٢٣٩؛ لذلك يمكن تفهم وجود ٣٣ حلما أخرى لم تنشر.

ثانيا: من البديهى جدا فى موقف مثل هذا أن تجد مقدمة أو حتى جملة واحدة لابنتى محفوظ خاصة أنهما اللتان اكتشفتا هذا «الكنز» كما يزعم المعلم.

ثالثا: يدعى المعلم أن أصفياء محفوظ يعرفون أن الأحلام التى أملاها تزيد على الـ٥٠٠.. ما رأيه فيما قاله د. يحيى الرخاوى فى «الأهرام» بتاريخ ١ سبتمبر ٢٠١٤ فى مقال بعنوان «نجيب محفوظ: كيف أحبَّ الله وأحبّ الموت كدْحًا إليه» -المقال موجود على موقع الجريدة- من أن آخر حلم لنجيب محفوظ رقمه ٢٠٦؟ الجميع يعلم أن الرخاوى من أصفياء الأديب الراحل، ثم من تحديدا من أصفياء محفوظ قال قبل «فيلم المعلم» إن أحلام محفوظ التى أملاها زادت على الـ٥٠٠؟

رابعا: قال المعلم إنه استعان بالأصفياء والخبراء لمراجعة مخطوطة الأحلام الجديدة.. من هؤلاء الأصفياء والخبراء ولماذا لم يذكر أسماءهم؟ كنز عالمى مثل هذا يستوجب كتابة أسماء هؤلاء حتى لا يُقال: أصدقاء محفوظ أنفسهم لا يصدقون بوجود أحلام أخرى.

خامسا: النص المنشور ينفى كلام «المعلم» عن مراجعة وتدقيق خبراء وأصفياء، وأبسط دليل على ذلك كمية الأخطاء المهولة التى حفل بها عمل المفترض أنه كنز إنسانى أنا أحصيت ٢٧ غلطة فى النص أبسطها مثلا:

حلم ٤٥٥ مكتوب: قصة لفرقتها عن الحبيب .. فى حين المكتوب بالمخطوط الملحق: قصة لفرقتها عن الغريب.

حلم ٢١٨ مكتوب: قرارات متناقضة تثير.. فى المخطوط تجد: قرارات متنافرة.

حلم ٤٧٤ مكتوب: الأستاذ «غ».. وفى المخطوط: الأستاذ «ع».

حلم ٢١٣: معرض مصور الأفراح فى حينا.. فى المخطوط: فى حيفا.. ثم ما معنى «حينا»؟

حلم ٢٩٩: لن يتصوروا.. فى المخطوط: لن يتصوروا.. وأعتقد أن الصواب «لم» وليس «لن».

هذه مجرد أمثلة لأخطاء تدل على عدم مراجعة خبراء بل مثل هذه الأخطاء تجدها فى أى كتاب صادر عن «الشروق» وليس فى «كنز للإنسانية» وهذا الأمر بدوره يطرح سؤالا: لماذا لم يهتم «المعلم» بعمل مثل هذا إن كان يراه «كنزا» كما يقول؟ لعل المانع خير يا باشمهندس.

 

الشهادة الوحيدة المكتوبة من أحد المقربين للأديب الراحل كانت من الكاتبة القديرة سناء البيسى رئيس تحرير «نصف الدنيا» الأسبق التى أكدت فيها أن هذه الأحلام لنجيب محفوظ، لكن هناك سببين على الأقل يجعلان شهادة البيسى غير متماسكة أو غير دقيقة ومن ثم لا يمكن الاعتماد عليها وهما:

أولا: قالت: «عاشت معى أحلامه سنين من بدايتها حتى الحلم رقم ١٤٦ بخط يده قبل أن ترهق اليد تماما -من أثر إصابته بالاعتداء الآثم- فيمليها على سكرتيره.

ثانيا: تزعم البيسى انه بعد تركها رئاسة تحرير «نصف الدنيا» توقفت عن نشر «الأحلام» ومن ثم فهى ترى أن هناك أحلاما لم تنشر حتى اكتشفتها الشروق.

سبب عدم دقة شهادة البيسى يرجع إلى:

أولا: ليس صحيحا أن نجيب محفوظ كان يكتب الأحلام بيده حتى الحلم «١٤٦»، الصحيح أنه توقف عن الكتابة بيده بعد الحلم «١٠٣» والدليل على ذلك الكتاب التذكارى الذى أصدرته «نصف الدنيا» بعد رحيل محفوظ بتاريخ ٣ سبتمبر ٢٠٠٦م وبه صور ضوئية للأحلام التى كتبها محفوظ بخط يده وتنتهى عند الحلم ١٠٣ وبداية من ١٠٤ حتى ٢٠٦ الأحلام مكتوبة بخط الحاج صبرى سكرتير محفوظ، وتوجد صورتان ضوئيتان لهذين الحلمين.

ثانيا: كذلك لم يتوقف محفوظ عن كتابة أحلامه بعد أن تركت البيسى «نصف الدنيا» ففى الكتاب التذكارى نجد منشور ٣ أحلام جديدة وقت أن كان رئيس التحرير الزميلة الراحلة «أفكار الخرادلى» وفى مقدمة الكتاب تقول الخرادلى إنها تشعر بالاعتزاز لاستمرارها فى نشر أحلام نجيب محفوظ لمدة عام.

 

تظل شهادة د. يحيى الرخاوى عن هذه الأحلام هى الأكثر إثارة للجدل رغم أنها لم تنشر فى «الكتاب المزعوم» لكنها نشرت فى جريدة الشروق -الذراع الصحفية لإبراهيم المعلم- ويمكن وصف شهادة الرخاوى بأنها إمساك للعصا من المنتصف، وسنضع هذه الشهادة على شكل نقاط لنعرف كيف أنها «إمساك للعصا من المنتصف» يقول الرخاوى:

أولا: مستوى هذه الأحلام عموما غير المجموعة الأولى.

ثانيا: هناك اختلاف نوعى، لكنه ليس جسيما، بين الجزء الأول، وهذا الجزء الثانى، وكل منهما له «تناسقه الداخلى» الذى يجعله عملا مستقلا.

ثالثا: هذا عمل من إبداع محفوظ بلا أدنى شك، مهما بدا فى ظاهر بعضه مما كان يحتاج إلى مراجعة أو تحديث أو تنقيح.

رابعا: ما ذكره الحاج صبرى عن أن الأستاذ كان يتم صياغة الحلم بداخله حتى يكمله، ثم يحفظه، ثم يمليه، هو صدق كله.

هذه شهادة الرخاوى.. ببساطة سترى أنه كتبها لتصلح إذا كان العمل صحيحا أو مضروبا فلو ثبت أن هذا الكتاب صحيح سيقول الرخاوى: أنا قلت هذا وانظروا إلى «ثالثا» و«رابعا» وإذا كان العمل «مضروبا» -كما أزعم- سيقول الرخاوى انظروا إلى «أولا» و«ثانيا».

لكن تبقى نقطة غاية فى الخطورة وهى أن الرخاوى أرجع الاختلاف إلى اعتماد محفوظ على الإملاء وليس الكتابة كما فى الجزء الأول وهذا الكلام مردود عليه بأن محفوظ كان يملى مع بداية الحلم ١٠٤ من الجزء الأول فلماذا لم يظهر هذا الاختلاف النوعى ولم يغب التناسق الداخلى عن الجزء الأول يا دكتور رخاوى؟!

 

إذا كانت الشواهد السابقة تقول إن هناك احتمالا أن تكون هذه الأحلام مضروبة فالمخطوط المنشور نفسه يؤكد أنه ليس محفوظيا وهذه هى الأدلة:

أولا: حسب النص المنشور تبدأ الأحلام بحلم رقم «٢٠٠» وهذا أقوى دليل على أن كاتبها ليس نجيب محفوظ لماذا؟ لأن الجزء الأول نشر فيه ٢٣٩ حلما بحسب كتاب الشروق فالمنطقى أن تبدأ التكملة من ٢٤٠ لكن أن تبدأ من ٢٠٠ فمعناه أنه نص آخر يسبقه ١٩٩ حلما وإلا فنحن الآن أمام حالة غريبة وعجيبة وهى أن هناك حلمين لنجيب محفوظ يحملان رقم «٢٠٠» ويتكرر هذا الأمر حتى ٢٣٩، فإذا كان إبراهيم المعلم يقول إن الجزء الثانى من إبداع محفوظ فيجب عليه أن يظهر لنا ١٩٩ حلما أو أن يقول إنه كذب على نجيب محفوظ ونسب إليه ٣٩ حلما فى الجزء الأول.. لكن تبقى هناك مشكلة أخرى وهى أن محفوظ نُشر فى حياته «٢٠٦» أحلام ألا يعنى ذلك بوضوح تام أن الجزء الثانى المزعوم مضروب وليس صحيحا؟

ثانيا: بعد أن توقف نجيب محفوظ عن كتابة أحلامه بيده واعتمد على سكرتيره كان يقوم بتوقيع كل حلم بيده وهذا واضح فى صور الأحلام الضوئية المنشورة فى كتاب «نصف الدنيا» التذكارى لكن -ولكن هذه كلها مشاكل- لن تجد توقيعا واحدا لمحفوظ فى أحلام المعلم -يمكن أن تجدها فى أوهام مالك الشروق.

ثانيا: أى قراءة مدققة ستكشف أن المخطوط الجديد كتبه أكثر من شخص وليس شخصا واحدا كما يدعى المعلم، فواضح جدا أن كاتب الحلم رقم «٢٠٦» غير كاتب الحلم رقم «٤٩٤»، وهذا على سبيل المثال وعلى امتداد المخطوط تجد كلمة واحدة بها حرف «ش» مكتوب مرات بخط النسخ ومرات رقعة وكذلك تجد النقاط الثلاث الموجودة فى «ث» أو «ش» مرات مكتوبة نقاط مفردة ومرات على شكل «٨» وطبيعى أنه لو كاتب واحد ما تغيرت بصمته الكتابية ومثل هذا كثير وغزير.

ثالثا: الحاج صبرى كاتب أحلام الجزء الأول خطه واضح وكتاباته فى منتهى الدقة، لكن كاتب «أحلام المعلم» لا يعرف الفرق بين «ظ» و«ز» فمثلا تقرأ فى الحلم رقم ٤٥٤: رأيتنى وسط مظاهرة ضخمة فى ميدان عابدين ننتظر زهور الوزارة....» «زهور» وليس «ظهور».

كذلك فى حلم «٢٠٥» تقرأ: رأيتنى أدرس القانون إكراما لأبى وأذوب فى الأنغام مراضاة لروحى وعند زروت الاختيار تناهى بى العذاب ولكن الروح انتصرت فى الختام».. يقصد «ذروة» هذه الأخطاء الطلابية لن تجدها فى النصوص التى كتبها الحاج صبرى فى الجزء الأول.

رابعا: فى حلم رقم «٢٧٠» تجد: إذا بشقيقتى تقول لى إن عين توفيت وهى تضع مولودها الثانى فتجمدت وشعرت بأن الدنيا فقدت نورها»..طبعا هو يقصد بـ«عين» اسما يرمز له بحرف «ع»، لكن كُتبت كما تنطق؛ فإذا قارنت هذا بالحلم رقم ٢٩٢ مثلا تجد: رأيتنى فى معرض الفنان ص أمام صورة لمعبودتى ع فقلت للفنان صاحب المعرض ثمة تغيير فى ملامح وجهها.....» فهنا استخدم الرمز ع ولم يكتبها كما تنطق ولو أن الكاتب واحد ما ظهر هذا الاختلاف.

خامسا: بلغ عدد «رأيتنى» التى تبدأ به «أحلام المعلم» ١٩١ حلما من ٢٩١ حلما بنسبة ٦٦٪ تقريبا فى حين أن استعمال هذه الجملة فى الجزء الأول كان ٢٠ مرة من ٢٠٦ بنسبة ٩.٧٪ وهذا أمر غريب.. مع ملاحظة أن بداية الحديث عن الأحلام بـ«رأيتنى» ركاكة ولا تليق إلا بكاتب مبتدئ لأن من يقرأ أحلاما لا يحتاج مع كل حلم من يقول له «رأيتني»، لذلك كان منطقيا جدا أن تكون نسبتها فى الأحلام التى كتبها محفوظ قليلة بخلاف «أحلام المعلم».

سادسا: كذلك تجد «وجدتنى» متكررة ٧٥ مرة، بينما تكاد تكون مختفية فى الجزء الأول، وهذا يؤكد الأمر السابق، فالأديب المبدع الفذ يدخل كل لقطة إبداعية بكلمة أو جملة أو شبه جملة مختلف لكن تنميط الأحلام كلها لتبدأ بالتبادل بـ«رأيتنى» و«وجدتنى» إهانة قاسية لمبدع مثل الراحل نجيب محفوظ.

سابعا: يصعب تصديق اكتشاف مجموعة أحلام مكتوبة ورقيا بعد ٩ سنوات من وفاة محفوظ، فمن المؤكد أنه بعد وفاة أديب نوبل قامت أسرته بناء على إلحاح دور النشر بتفتيش كل أركان المنزل لعلهم يجدون نصا أو مادة غير معروفة، فما بالك بنص يبلغ عدد أوراقه ٢٩١ ورقة، لأن كل حلم مكتوب فى ورقة ويغيب كل هذه الفترة؟!.