الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مسلمو فرنسا.. مخاوف وآمال "2 ـ 2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زالت كلمات السيد بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة والتى عبر فيها عن قلقه الشديد من ردود أفعال المجتمع الأوروبى على الجاليات المسلمة بعد هجمات باريس، حيث قال مؤكدًا ومقدمًا تعازيه إلى حكومة وشعب فرنسا بعد الهجوم البشع يوم ١٤/١١/٢٠١٥، حيث قال : «إن الحاجة إلى أن يكون رد المجتمع الدولى على تلك الهجمات الإرهابية مستندا إلى التمسك بسيادة القانون، وأن العالم لن يتمتع بالسلام أو التنمية بدون احترام حقوق الإنسان. وأن الصراعات العنيفة والتطرف فى العالم اليوم غالبا ما يتجذران فى خليط من التهميش وعدم المساواة وسوء إدارة الموارد الطبيعية والتطرف والقمع، والفشل فى الحكم يؤدى إلى الإحباط والعُزلة، كما يؤدى لعدم توافر الوظائف وفرص العمل».
وعلى الرغم من تخوفات «بان كى مون» إلا أن المسلمين فى فرنسا وفى أوروبا وأمريكا، أصبحوا ضحايا العمليات الإرهابية الأخيرة، وقد زادت التصرفات المعادية للمسلمين بشكل عام، وتم الربط بين المسلمين والعمليات الإرهابية الأخيرة، وعلى ذلك فقد تعرض مسلمو فرنسا إلى العديد من الأعمال المعادية، عقب الهجمات مباشرة، ففى وقت مبكر من يوم السبت وجد المصلون صلبانًا حمراء بلون الدم مرسومة على جدار مسجد شرق باريس، وذكرت صحيفة «لو باريزيان» أن شعار «انهضى يا فرنسا» كان مكتوبًا بالطلاء على جدار مسجد جنوب فرنسا، بينما كتبت عبارة «الموت للمسلمين» على الجدران فى أجزاء مختلفة من إيفرو إلى الشمال من باريس. على أن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارى لونين زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية أعلنت «على فرنسا إبادة الإسلاميين المتطرفين، وحظر المنظمات الإسلامية، وإغلاق المساجد التى تدعو إلى التطرف، وطرد الأجانب الذين يدعون إلى الكراهية الدينية فى فرنسا، وكذلك المهاجرين غير الشرعيين»، كما شهدت بعض المدن الفرنسية مظاهرات معادية للمسلمين، حيث رفع المتظاهرون لافتات تطالب بطرد المسلمين من البلاد، وطالب العديد من المسلمين الساسة الفرنسيين بالتدخل لحماية الجالية الإسلامية من الأعمال المعادية للمسلمين، ومحاولة التهدئة، ومحاولة شرح وتوصيف المعركة على أنها معركة ضد الإرهاب وليس ضد المسلمين.
لقد امتدت الأعمال المعادية للمسلمين إلى خارج فرنسا، ففى كندا اندلع حريق فى أحد المساجد عقب الهجمات الإرهابية، وأكدت شرطة مدينة بيتربروج بمقاطعة أونتاريو الكندية، أن الحريق الذى اندلع فى مسجد السلام هو «جريمة كراهية متعمدة»، وأنه يجرى التحقيق فيها وفقًا لما نشرته «سى إن إن» فى حين أعلن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية «كير» فى بيان أن المركز الإسلامى فى بطرسبرج ومساجد أخرى تلقت تهديدات عدة بعد هجمات باريس، كما أظهرت لقطات فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى رجلا يرتدى «قناع جوكر» يهدد بقتل مسلم كل أسبوع فى كندا، وقال الشاب: ستكون هناك جرائم قتل فى جميع أنحاء كيبك، وسنقوم بتصفيتهم جميعًا واحدًا بعد الآخر، لقد تحملت أذى الإسلام بما يكفى، بينما وجه أحد العنصريين شتائم تجاه فتاة مسلمة تُدعى «باتي» ترتدى حجابًا فى إحدى محطات لندن قائلًا لها: «أنتِ إرهابية وحثالة والمسلمون مسئولون عن قتل الضحايا فى هجمات باريس»، ولولا تدخل شاب بريطانى دافع عن الفتاة عندما حاول العُنصرى الاعتداء عليها، وقد أعلنت الأكاديمية الأسترالية المسلمة «سوزان كارلاند»، بأنها ستتبرع بدولار مقابل كل رسالة كراهية تتلقاها، ومن المعروف أنها تتلقى رسائل تتهمها بالإرهاب، وبأنها كامرأة مسلمة محجبة توافق على العنصرية والذكورية والقتل والحروب فضلًا عن أنها تريد احتلال أستراليا عبر اللحم الحلال، كما تم رصد العديد من التحرشات اللفظية خاصة بالنساء المحجبات فى بلجيكا وبريطانيا سواء من رجال أو نساء أو بعض رجال الأمن خاصة فى المحلات الكبرى ومحطات المترو.
أما فى أمريكا فقد أعلن «إبراهيم هوبر» المتحدث الرسمى باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، وتعد أكبر جمعية مسلمة للحريات المدنية أنه بعد ١٤ نوفمبر، وقعت عشرات الحوادث المعادية للإسلام منها إطلاق النار على مسجد «ميريدن» فى «كونيتيكت»، وتخريب مركز إسلامي فى «بفلوغرفيل» فى ولاية تكساس، حيث لطخ الباب بالبراز ورسوم جرافيتى صورت برج إيفيل رمزًا لاعتداءات باريس على جدران مركز إسلامى فى «أوماها» بولاية نبراسكا وفى تكساس رصدت أكثر من ستة اعتداءات.
فى هذه الأجواء المعادية يعيش مسلمو فرنسا وأوروبا والغرب فى حالة من الخوف، بعد الهجمة التى استهدفتهم عقب أحداث باريس، وكان حزن مسلمي فرنسا عقب الأحداث مضاعفا، فهم تألموا للضحايا وتألموا ثانية من الهجوم ضدهم، والذى زاد من تخوفهم هو التصريحات العدائية لبعض الساسة. فى الحقيقة إن حالة «الإسلاموفوبيا» التى تجتاح أوروبا والغرب حاليًا من شأنها أن تساهم فى زيادة حدة الكراهية بين الطرفين، ومن الممكن أن ينتج عنها دفع الكثير من العناصر المسلمة المعتدلة للانحياز تجاه التنظيمات الإرهابية، خاصة بعد الشعور بالمظلومية فى إطار الحياة اليومية، ولابد أن يكون للمنظمات والجمعيات الحقوقية فى أوروبا والغرب دور مهم فى الدفاع عن الحقوق المدنية للجاليات المسلمة، ومحاولة كبح جماح موجة الكراهية المعادية، فمعظم مسلمي العالم يعادون الإرهاب بجميع أشكاله وأن «داعش» و «القاعدة» و«جبهة النصرة» و «أحرار الشام» و«حزب الله» لا تمثل غالبية المسلمين بل إنها تحظى بالكراهية من معظم مسلمى العالم.