الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العربية.. الرقص على إيقاع الجزيرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحقيقة التى لا تقبل الجدل.. إن الحرية فى رسم الخطوط العريضة لسياسة أى قناة إخبارية تعترف فقط بالموضوعية والمهنية حدودًا لها.
حين دفع النهم بقناة الجزيرة إلى استغلال منبرها فى نهش جسد دول عربية لمجرد أن شعوبها اختارت مصيرًا يخالف مخططات «الآخر».. هوت مكانتها بعدما كانت تحتل أهم المستويات بين القنوات الإخبارية العربية إلى الدرك الأسفل بفضل التلفيق والأكاذيب لتستحق عن جدارة لقب «الجزيرة كوميدي»!!.
من حق قناتى العربية والحدث إضافة فقرات ساخرة ضمن جدول برامجهما، رغم أن تقليد قناة الجزيرة بعدما أصبح مستواها المهنى أدنى كثيرًا من هاتين القناتين لا يدخل ضمن إنجازات التطوير ولا يمثل مصدر فخر لهما. اختيار قناتى العربية والحدث للانتخابات المصرية بداية لموضوع سلسلة هذه الفقرات الساخرة يستدعى إثارة عدة تساؤلات.. أولها حول عامل التوقيت.. هل تحتمل حالة المنطقة العربية بكل التهديدات التى تحاصرها بينما واقع الحال يؤكد أنه لم تعد هناك سوى قوة مصر - السياسية والعسكرية - كحائط صد، وفى نفس الوقت بارقة أمل فى استعادة الكثير مما فقدته المنطقة نتيجة الصراعات والتمزق الذى ما زال يهددها.. أن تستهل قناتا العربية والحدث برامجهما الساخرة بالتدنى إلى مستوى ما يُبث على قنوات «عصابة البنا» والجزيرة؟! إذا كان الرد أن البرامج الساخرة هى شكل من ممارسات حرية الرأى والتعبير، هل يندرج ضمن الصياغة الموضوعية للخبر ما جاء فى شريط الأخبار على القناتين عن (انتهاء المرحلة الثانية من التصويت فى الانتخابات المصرية بنسبة إقبال محدودة).. بينما جميع مراكز الإحصاء تؤكد ارتفاعا ملحوظا فى نسب المشاركة فى المرحلة الثانية مقارنة بالمرحلة الأولى.
قد نجد فى المنطق ما يُبرر استحواذ التغطية الإخبارية عن اليمن على أغلب فقرات العربية والحدث، حتى على حساب دورهما الشامل كقنوات إخبارية عربية فى الاهتمام بتغطية باقى الأحداث.. فالسعودية قادت تحالفا عسكريا مشروعا أمام خطر يهدد حدودها الجنوبية وأمنها القومى وكانت ستمتد آثاره إلى تهديد مصالح عربية استراتيجية مثل مضيق باب المندب.. فى المقابل خضوع التغطية الإخبارية لأحداث سوريا إلى تبنى وجهة نظر أحادية ذات أفق محدود أفقد قناتى العربية والحدث الكثير من مقومات الموضوعية والرؤية الشاملة التى تستدعى طرحًا إعلاميًا لأبعاد المأساة السورية فى إطار الحفاظ على كيان الدولة، بعدما تحول هذا البلد إلى ساحة قتال بين التنظيمات الجهادية. كلتا القناتين سيطر عليهما هاجس احتضان المعارضة السورية حتى توارت الحدود الفاصلة - للأسف - بين التغطية الإخبارية والترويج لمنظمات إرهابية تصدرت مشهد المعارضة السورية وسرقت أماكن وأدوار أصحاب الحقوق الأصليين فى المعارضة المدنية.. والأدهى أن القناتين ما زالتا تصران على إضفاء صفة «الثورة» على المأساة السورية، رغم أنه «لم يعد هناك ثورة ولا يحزنون» وانجرفت إلى ترديد الأسطوانة الساذجة ضد التدخل الروسى فى سوريا زعمًا أن هدفها الحفاظ على بقاء بشار الأسد.. رغم ما هو معروف عن أبجديات القرار السياسى للقوى الدولية الذى لا يضع فى اعتباره أسماء بعينها باستثناء حالة «رعونة الكاوبوي» التى مارسها الرئيس الأسبق جورج بوش حين حول حربه على العراق إلى عداء شخصى ضد صدام حسين. على الجانب الآخر.. فى مصر يلجأ المشاهد المعنى بالقضايا العربية إلى قناتى العربية والحدث، اللتين يبدو أنهما فى أمس الحاجة إلى إعادة نظر فى مستوى القائمين على إدارتها بما يحفظ مهنية واستقلالية هذه القنوات هربًا من مظاهر القصور الغالبة على أداء القنوات المصرية - سواء الرسمية أو الخاصة - فى نقل صورة حقيقية للمشاهد فى مصر عن الأحداث فى المنطقة العربية.
من أوجه هذا القصور عدم إعطاء المدة الزمنية الكافية عند تغطية أحداث المنطقة العربية وفقًا لحسابات خاطئة لا تفترض كونها ضمن اهتمامات المشاهد المصرى بينما الواقع يؤكد العكس بحكم كل المؤشرات التى تدعم ارتباط هذه الأحداث بالكثير مما يجرى فى مصر. اختيار المتحدثين أيضا يتم وفق نفس الصيغة العشوائية المكررة التى تغلب على البرامج الإخبارية و«التوك شو».. بل الأغرب أن الكثير منها يعتمد على مناقشة القضايا العربية فى غياب أصحابها!.. حيث يقتصر النقاش على «التنظير» بين نفس الوجوه التى يتكرر ظهورها على الفضائيات بينما إعطاء المشاهد الصورة الواقعية يفرض طرح حقائق وشهادات من «أهل مكة» الذين هم «أدرى بشعابها».