الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أردوغان بين العنجهية والغباء السياسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أكن أتصور أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان غبي إلى هذه الدرجة، حتى يسقط بلاده فى مستنقع الإرهاب، وكم قاست الدولة التركية كثيرا من العمليات الإرهابية، ورغم ذلك لم يع الدرس لكن أردوغان فى الواقع كل الشواهد تقود إلى أنه أداة لا حول له ولا قوة فى أيدى واشنطن وعليه تنفيذ أوامر قادمة إليه من الخارج مثله فى ذلك مثل قطر وإسرائيل.
وتمثل هذا السقوط الأردوغانى المزرى فى قيام تركيا بإسقاط مقاتلة روسية زاعمة أنها اخترقت الأجواء التركية، وبدلًا من أن يعتذر تملكته العنجهية العثمانية، وخرج الرئيس التركى فى مؤتمر صحفى ويا ليته ما فعل يقول إن السلاح الجوى لبلاده أسقط الطائرة الروسية، وهى من طراز سوخوى مطبقا ما سماه قواعد الاشتباك، ناسيا أو متناسيا أن قواعد الاشتباك الذى تحدث عنها تطبق فى ظروف معينة أهمها أن تكون بلاده فى حالة حرب، ولكن البلدين ليسا فى حالة حرب أو حتى الطائرة لم تكن فى مهمة معادية ضد تركيا.
كانت المقاتلة الروسية تقوم بمواجهة الإرهاب الذى استشرى وتغول وتمادى فى الأراضى السورية المتاخمة للأراضى التركية. بعبارة أخرى إن مهمة الطائرة جاءت ضمن عملية لتجفيف منابع الإرهاب الداعشى والذى من المفترض أن هذا الأردوغان يدرك هذه الحقيقة، لو كان موقفه ضد الإرهاب، غير أن الحادث أثبت عكس ذلك، فمن الواضح أن الموقف التركى يفهم منه أنه مستاء من المهمة الروسية، وهنا يفرض سؤال نفسه: لماذا تقف الحكومة التركية هذا الموقف؟
باختصار إن مهمة موسكو فى سوريا تقف الآن فيما يبدو حجر عثرة أمام ما يمكن تسميته تمدد الأطماع الإقليمية للنظام التركى بالمنطقة، ومن الواضح أن قرار إسقاط الطائرة الروسية أزال ورقة التوت الأخيرة التى أخفى وراءها النظام التركى سياسته الحقيقية الداعمة لتنظيم داعش الإرهابى.
وهكذا لم يعد ينطلى على أى إنسان عاقل تجاهل تساؤلات واضحة من الذى يؤمن الحياة للدواعش والاستمرار فى القيام بأعمالها الإرهابية ليس فى سوريا فقط، إنما فى كل دول المنطقة بالتعاون مع تنظيم القاعدة، وفى الدول المعتدلة بالاتحاد الأوروبى مثل فرنسا؟ وأصبح من المعروف أين يذهب ومن يشترى البترول الذى تستولى عليه داعش من بلاد العراق والشام.
ويجب ألا نفصل العدوان على القضاة المصريين بالعريش، وتفجير حافلة الأمن الرئاسى فى تونس، ومن قبل اعتداءات حى برج البراجنة بجنوب بيروت، ثم الانفجارات الستة فى العاصمة الفرنسية باريس وعملية احتجاز الرهائن فى أحد الفنادق بماكو عاصمة مالى. وأتصور أن البقية ستأتى طالما أن هجمات باريس وغيرها قد أثبتت أن التفكير الأحادى النظرة أو حتى الثنائى فى مواجهة الإرهاب، لم يعد كافيا حيث إنه لا وطن ولا دين للإرهاب، ما يحتم ملاحقة عالمية له بشكل منظم وفاعل وما يتطلب من توحيد الجهود على مستوى الدول والتنظيمات الإقليمية والدولية، بل دعونا نقول حشدها لمواجهة حقيقية تتجاوز القول إلى الفعل.
لاشك أن الرئيس التركى، فقد صوابه وأصبحت أحلامه باستعادة الأمجاد الغابرة للإمبراطورية العثمانية، التى تداعت واندثرت مع الزمن دافعًا له لمزيد من العنجهية، التى ليس لها أى معنى عند الآخرين. نقول إن هذه الأطماع ارتكن إليها أردوغان، لخلق دور فى منطقة الشرق الأوسط ضاربًا عرض الحائط بأى علاقات تاريخية وثقافية بين الشعبين العربى والتركى، وغير عابئ بصوت المعارضة التركية المتنامى الرافض لسياساته القائمة على العجرفة، الأمر الذى أثر بالسلب على مصالح تركيا خاصة مع الدول العربية.
وفى الوقت نفسه عكست سياسات أردوغان نوعًا من الغباء السياسى الذى تميزت به قراراته وعلاقاته مع غيره، ومثال ذلك أنه فتح بلاده على مصراعيها للتنظيم الدولى للإخوان، واتخذ موقفا معاديا من ثورة ٣٠ يونيو فى مصر لا لشيء إلا لكونه يقف إلى جانب صف دولة الإخوان التى أسقطها الشعب المصرى عام ٢٠١٣ ونجده يؤيد العنف والإرهاب خارج بلاده، ومن المتوقع آجلًا أو عاجلًا أن يشرب أردوغان من نفس الكأس.