الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف عادت ريهام سعيد.. ولماذا؟

دكتور محمد الباز
دكتور محمد الباز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عن قرب عرفت تفاصيل الموقف الذي أخذته إدارة قناة "النهار" من التجاوز المهنى الذي وقعت فيه ريهام سعيد في حلقة "فتاة المول"، كانت الإدارة صادقة في موقفها، أدركت أن خطأ مهنيا وقع على شاشتها، فعلقت البرنامج حتى تحقق فيما جرى، وخلال تحقيقات كثيرة ومكثفة وعادلة، وضعت خلالها إدارة القناة يدها على الخلل.
وبعد التحقيقات كان السؤال: هل يختفى برنامج "صبايا الخير" من الوجود؟ وتنتهى معه الحالة الإنسانية التي أوجدها ودعمها، ووقفت القناة خلفها من أجل آلاف المحتاجين والمرضى الذين كان البرنامج قبلتهم ومقصدهم، أم يخضع البرنامج لإعادة صياغة من جديد، يتم فيها إصلاح ما فسد؟ 
الانحياز دون مناقشة كان لمن يقفون على باب البرنامج طالبين العون والعلاج، وهو عون لم تكن ريهام سعيد ولا القناة مصدره، بل كانوا مجرد أسباب يسرها الله لعباده الفقراء، وعاد البرنامج طبقًا لبيان أصدرته القناة، بعد أن تمت مراجعة كل المواقف والأعمال الإنسانية والخيرية والوطنية للبرنامج، على مدى السنوات السابقة، والتي أسهمت بشهادة ومتابعة الجمهور في كثير من أعمال الخير، وعبرت عن مصالح فئات مختلفة من المجتمع لا تستطيع توصيل صوتها واحتياجاتها في المساعدة أو العلاج، وهى القطاعات التي تأثرت بشكل كبير بعد قرار تعليق البرنامج.
دفع هذا إدارة شبكة تليفزيون "النهار" لإعادة البرنامج من جديد لأداء دوره الخيرى والإنسانى والوطنى والتخصص فيه على ألا يكون ذلك بدون إعلانات أو رعاة للبرنامج لأجل غير مسمى، وأن يكون هدف البرناماج الرئيسى هو تكثيف الأعمال الخيرية والإنسانية والوطنية ومراعاتها دون أدنى أهداف تجارية.
من بين ما لا يعرفه الكثيرون أن قناة "النهار" التي كانت تدير كل ما يتعلق بالبرنامج، كانت تسدد شهريًّا فواتير بما قيمتها 11 مليون جنيه، تكلفة عمليات ودعم لمشروعات وإنقاذ لمواطنين كانوا على وشك دخول السجن، وهو مبلغ ليس هينًا، ولم يكن يتحدث أحد عنه، لأنه لم يكن مطروحًا على إدارة القناة أن تمن على من تساعدهم بما تفعله. 
كان يمكن لشبكة تليفزيون "النهار" أن تريح نفسها تمامًا، تسد باب "صبايا الخير" وتبحث لنفسها عن باب جديد، يدر عليها أرباحًا طائلة، دون أن تتعرض لانتقادات شبكات التواصل الاجتماعى التي تحولت لمنصات إرهابية (والكلمة صحيحة ومقصودة). 
بعد أن أعلنت قناة "النهار" عودة برنامج "صبايا الخير"، التف عدد من النشطاء الذين اعتبروا قرار عودة البرنامج هزيمة شخصية لهم، ليطالبوا بمقاطعة القناة، ضاربين عرض الحائط بما نشرته القناة عن دوافعها لعودة البرنامج، وكأن المعركة مع ريهام سعيد شخصيًّا، يريدونها ألا تظهر مرة أخرى، يريدون أن يصدروا ضدها حكمًا بالإعدام. 
قل عن ريهام سعيد ما شئت، لكنك لا تستطيع أن تنكر أنها بالفعل استطاعت أن تصنع حالة إعلامية أثارت الجدل، لكنها قدمت خدمات لفئات كثيرة من المواطنين، هؤلاء الذين ذهبوا إلى بوابات مدينة الإنتاج ليطالبوا بعودة برنامجها مرة أخرى. 
ما أعرفه أن شبكة تليفزيون "النهار" حققت فيما جرى، عاقبت بعض من تسببوا في أزمة حلقة " فتاة المول"، قررت أن تقدم ريهام سعيد في سياق جديد ومختلف، فإدارة القناة في النهاية يشغلها جمهورها الذي تعمل من أجله، ولأننا أمام خطأ وقعت في ريهام، لا تنكره هي، لكنها أيضًا لا تصر عليه. 
ثم تعالوا نتوقف قليلًا عند حالة الحصار التي يقوم بها نشطاء التواصل الاجتماعى، الذين يرغبون في أن تصدير أنفسهم وكأنهم سلطة شعبية تطالب بإغلاق برامج ومقاطعة قنوات وإعدام إعلاميين، لماذا يغضب هؤلاء عندما تطالب قطاعات عريضة من الشعب بمقاطعة إعلاميين وقنوات معينة؟ ويصرخون وقتها أن هذه الدعوات ضد حرية الإعلام، وكأن الحرية تتجزأ، أو أنها مقصورة عليهم وعلى القنوات التي تردد أفكارهم، وتتبنى مواقفهم، هذه ديكتاتورية سقيمة يجب أن تنتهى، ولا يخضع الناس لها، لأن من يقفون وراءها مجموعة من "صيع" نواصى التواصل الاجتماعى الذي لا يشغلهم ما يفيد الناس، بقدر ما يحققون مكسبًا شخصيًّا. 
إننى أدعم قرار قناة "النهار"، وأدعم عودة ريهام سعيد، ولنترك لها فرصة تقديم نفسها من جديد، ثم بعد ذلك نحكم عليها، فما أعلنته القناة عن مقاصدها من عودة البرنامج نبيلة وشريفة، وليس من حق أحد أن يصادرها أو يزايد عليها.