الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نفرتيتي العصرية.. بنت قطاع الأخبار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أتحيز بشدة لأبناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون من جميع الأجيال الرواد والشباب.. فهم ليسوا كإعلاميي هذه الأيام الذين يهبون علينا من جميع المهن وطوائف المجتمع بلا حسيب أو رقيب.. ولكن أبناء ماسبيرو ليسوا نبتا شيطانيا أو سقطوا بالباراشوت على القنوات.. بل يتم اختيارهم بعد الخضوع إلى العديد من الاختبارات ثم تصفيات تليها مرحلة شديدة الصعوبة للإعداد والتدريب على أيدى فطاحل الإعلاميين والخبراء.. حتى نراهم على الشاشة يقدمون ربط الفقرات بكلمات معدودة، وبعد الدراسة والتأهيل والترقى والخضوع للنقد والتوجيه حتى فى ارتداء الملابس وقصات الشعر نراهم مقدمين للبرامج، لذلك كفاءتهم لا تشوبها شائبة.. كان القائمون على إدارة الإعلام يدركون أهمية دور «إعداد البرامج» وأنه ليس مهنة عشوائية بل ضرورة أن يكون المعد على أعلى مستوى من الثقافة والوعى.. لذلك كانت تتم الاستعانة بأمهر الصحفيين للعمل كمعدين، مثل الصحفى الجريء شديد الحضور الأستاذ مفيد فوزى الذى كان له أكبر دور فى نجاح العديد من البرامج القديمة التى أثرت فى أجيال عديدة، وإذا كنا كسبناه كمحاور ولكن خسارتنا أكبر كمعد لبرامج متعددة الأفكار والأهداف، وقد سبق وطالبت المسئولين بأن يعود الكبار إلى شاشة التليفزيون أمثال الأساتذة سناء منصور، وفريدة الزمر، وسهير شلبى، ونجوى إبراهيم التى عادت بالفعل على إحدى القنوات الخاصة التى تلقفتها بعد ظهورها على شاشة الأولى أثناء فترة الاحتفالات بقناة السويس الجديدة.. وغيرهن الكثير ممن يستطيعون عمل نهضة إعلامية حقيقية، ولن يبخل أحد على البيت الكبير الذى علم وكبر، ويقينى أن الكبار أكثر حزنا على هذا الكيان العظيم بأن يبدو ضعيفا ويتهكم عليه بعض من لا يدركون قيمته.. أما أبناء قطاع الأخبار فيخضعون لتدريب وإعداد أكثر صعوبة وشدة ليستطيعوا الظهور لقراءة النشرة الإخبارية والبيانات الهامة مما يجعلهم يتميزون باليقظة والحضور والالتزام فى المظهر والجوهر، ومن هذا القطاع خرجت المذيعة اللبقة المهذبة «إيمان الحصرى» ذات الوجه المصرى الجميل الذى يذكرنى بالملكة نفرتيتى.. هكذا أشعرها فى شموخها وقوتها مع حضورها وثقافتها وملامحها الرقيقة الدقيقة.. إيمان ملكية الشخصية ملائكية الوجه، فرغم تركها ماسبيرو كالعديد من زملائها والانضمام إلى القنوات الخاصة التى حملوا على أكتافهم نجاحها بتدريبهم المتميز وشخصياتهم المتزنة، فإنها لم تنزلق لتصبح كغيرها من أصحاب أساليب الإثارة والتطاول والصوت العالى، بل ظلت محافظة على مهنيتها ولم تهتم بالإثارة لتزيد مشاهديها، ولكنها استطاعت استقطابهم، ونالت حبهم واحترامهم بلباقتها فى الحديث وحرصها الشديد فى الحفاظ على كرامتها بكل قوة وأدب إذا اقترب منها أحد فى مداخلة تليفزيونية أو لقاء.. فنراها دائما محددة الهدف، ولا تميل مع هوى النفس أو الشخصيات ذات سطوة السلطة أو المال.. ولم تحاول تغيير سلوكها باختلاق مواقف يتم تناقلها على «اليوتيوب» لتأخذ وضعا أكثر تميزا، خاصة فيما يخص الهجوم على الوزراء والمسئولين كغيرها ممن أصبحوا أصحاب سلطة ويخشاهم المسئولون خوفا واتقاء للشر، بعدما تسبب بعض الإعلاميين فى إقصاء وزراء ومحافظين، مما زاد التهكم والتهجم بلا أدنى درجات الحياء أو الاحترام لسن التقاليد المهنية.. وقد أسعدنى كثيرا اختيار إيمان الحصرى لتقديم الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، فكانت بحق الوجه الإعلامى المشرف للمؤتمر، ثم تصدرها المشهد فى الفترة الأخيرة لتقديم الحفلات الرئاسية، فهى واجهة جميلة لشابة مصرية متميزة، دارسة ودؤوبة فى تحصيل العلم والمعرفة، وطنية وعروبية ورثت حب الإعلام من والدها الصحفى فى وكالة أنباء الشرق الأوسط، وهى ليست شخصية مثقفة فقط بل مؤهلة من خلال دراستها فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ثم عملها كمراسلة لقناة النيل للأخبار، ولم تسع للعمل السهل بل اختارت العمل فى قطاع غزة لتغطية الأحداث هناك رغم صعوبة الظروف وخطورتها وقتها.. وقد تم اختيارها وهى فى الخامسة والعشرين من عمرها لتشارك فى تقديم برنامج «البيت بيتك» الذى كان يعد أقوى وأهم البرامج قبل توقفه فى السنوات الأخيرة، ثم لتنتقل بعد ذلك للفضائيات وتحقق النجاح رغم سقوط العديد من كبار مقدمى البرامج، وذلك بحفاظها على المهنية التى تعلمتها فى قطاع الأخبار، لتصبح نموذجا يحتذى به ويعيد إلى الأذهان الشكل المحترم لمقدم البرامج، كما ينبغى أن يكون، بعيدا عن التعالى والثقة المستفزة ولغة الابتذال والسوقية التى اجتاحت بيوتنا من خلال إعلاميي هذا الزمان، الذين اتخذوا من القنوات الفضائية منابر للتحريض وزرع الفتن وإضفاء السوداوية على حياتنا.. وللأسف لم يجدوا حتى الآن من يردهم عن غيهم وتطاولهم على الكبار قبل الصغار، ولكن يكفيهم فقدان المصداقية أمام الكثيرين من أبناء الشعب، والذين تظهر آراؤهم من خلال مداخلاتهم التليفونية التى تنتقد أداءهم وتلقنهم دروسا فى الوطنية.. ولن يمكن للدولة مواجهة هذا الإعلام الهدّام إلا من خلال صحوة حقيقية تعيد لمبنى ماسبيرو العريق بريقه بالمهنية والجدية والقوة.. ويا ليت حضن «ماسبيرو» يلملم أبناءه ورواده ليبنى أمجاده من جديد.