الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حدود الاختلاف مع السُلطة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إلى أى مدى من المُمكن لمصرى أن يختلف مع رأس السُلطة؟ ما هو المشروع فى هذا الاختلاف وما هو الممنوع؟ هل كُل ما يُخالف النظام الحاكم من رؤى وتوجهات خيانة للوطن؟ وكيف يُمكن التفرقة بين مُخاصمة نظام الحُكم ومُخاصمة الوطن؟ والأهم من ذلك هل من المُمكن أن يصل الاختلاف فى الرأى إلى حد الاستعانة بالدول الأخرى أو تحريضها للتدخل العسكرى ضد سلطة الوطن؟ 
تساؤلات منطقية تُثار فى فوضى الحراك الفكرى القائم وصراعات مجموعات وشِلل لاحتكار الحديث باسم النظام الحاكم. ولاشك أن قراءة الزخم والتلاسن والتلاعن الحادث بين صفوف النُخبة تدفعنا لطرح قضية هامة، هى حدود الاختلاف مع السُلطة.
الإنكار طبيعى، والانتقاد واجب، وتقديم النُصح منطقى، لكن اللجوء إلى العدو، أو تحريض الدول الكُبرى، أو الدعوة للتدخل العسكرى لا يمكن أن يوجد إلا فى خانات الخيانة. أجزم بذلك وأنا أقرأ تقريرا متميزا للزميل عبدالستار حتيتة نشرته مجلة «المجلة» حول خلافات أعضاء جماعة الإخوان السُجناء فى طُرة والتى بدت من مناقشات ومشادات ساخنة.
يقول التقرير إن خصاما شديدا ثار بين خيرت الشاطر نائب المرشد وعصام الحداد بسبب اتهام «الشاطرس لـ «الحدادس بالتسبب فى غضب القوات المسلحة على الجماعة، عندما سافر بنفسه إلى الولايات المتحدة وطلب من الرئيس الامريكى مساعدة الجماعة فى إخضاع القوات المسلحة لسلطتها، وهو ما تم تسجيله حرفيًا. وطبقا للتقرير فإن «الشاطر» الذى يوصف بكونه داهية الإخوان اعتبر فعلة «الحداد» بمثابة خيانة مُعلنة؟ 
لكن ما لم يذكره التقرير أن «الشاطر» نفسه كرر بعد ٣٠ يونيو فكرة الاستعانة بالأجنبى لنصرة فريقه أو جماعته متجاوزا حتى فكرة الولاء والبراء فى الشريعة الإسلامية. 
لقد ذكرنى ذلك بشاور وضراغم وزيرى الدولة الفاطمية فى القاهرة فى آواخر عهدها، عندما اختلفا وتصارعا واستعان أحدهما بجيش نور الدين محمود، واستعان الآخر بالصليبيين. وقتها وصل إلى ولاية مصر شاب حازم اسمه صلاح الدين وقرر أن مَن يستعين بالصليبيين مهما كانت دوافعه خائن، لذا فقد عاقب الوزير الخائن بالقتل. 
إننى لست ممن يستسهلون إطلاق وصف «الخيانة» على المصريين، لكن أى وصف يُمكن إطلاقه على مَن يفتح أبواب مدينته للغُزاة؟ أى تسمية تليق بهؤلاء الذين يدعون الأعداء لبلادهم، ويشمتون فى مصائب أهلهم، ويرمون بنى وطنهم بالخراب والكراهية!
يتعجب الشاعر العراقى الجميل بدر شكر السياب « كيف يمكن أن يخون الخائنون. أيخون أنسانٌ بلاده؟ إن خان معنى أن يكون، فكيف يُمكن أن يكون!».. وأندهش معه لاعنًا مَن يقف إلى جوار الأعداء ضد وطنه، مهما كانت درجة اختلافه مع سلطة بلاده. 
والله أعلى وأعلم.